المرشدي: 5 مليارات دولار استثمارات سعودية جديدة في سلطنة عُمان

رئيس "جهاز الاستثمار": عُمان ستكون أكبر منتج للطاقة النظيفة في العالم

مسقط- الرؤية

كشف معالي عبد السلام المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العماني، أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وبأوامر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خصص 5 مليارات دولار لإنشاء شركة في سلطنة عمان.

وأكد معاليه- في حوار نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية- أن العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عُمان والسعودية قطعت شوطًا كبيرًا نحو التكامل، وتعزيز الشراكة بين البلدين، مشيرًا إلى أن "ما حدث خلال السنتين الماضيتين، وتحديدًا بعد زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- للمملكة، يتجاوز ما حدث خلال العشرين عامًا السابقة". وقال إن البلدين يعتزمان الإعلان عن "مشروعات كبيرة للربط بين البلدين". وأضاف: «بدأنا البحث عن الفرص الاستثمارية التي يُمكن للشركة الدخول فيها»، كاشفًا عن تعيين ملحق لجهاز الاستثمار في السفارة العمانية في الرياض؛ ليكون حلقة وصل لربط الأطراف في السلطنة مع المملكة.

وحول مخصصات الاستثمار لعام 2023، قال المرشدي: "ننطلق من رؤية «عمان 2040» التي من أهم محاورها التنويع الاقتصادي، ولا يكون ذلك بالاستغناء الكامل عن قطاع النفط والغاز، وإنما الاستثمار في قطاعات أخرى، بالإضافة إلى هذا القطاع. وقد حددت الرؤية خمسة قطاعات رئيسية للاستثمار فيها، وهي: السياحة، واللوجيستيات، والصناعة، والتعدين، والاستثمار الغذائي، لكن ذلك لا يجعلنا نغلق أعيننا عن القطاعات الأخرى؛ فكلما استجدت متغيرات في التوجهات العالمية سنقوم بتوجيه بوصلة الاستثمار إليها، ومن ذلك القطاعات الممكنة، وهي قطاع تقنية المعلومات أو الاقتصاد الرقمي، والقطاع المالي".

وأوضح معاليه أنه سيتم تمويل هذه الاستثمارات عبر 3 وسائل؛ هي: مؤسسات التمويل، أو الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي، بالإضافة إلى مساهمات من الجهاز أو من الشركات التابعة له، مع مراعاة أهداف الجهاز في خفض الدين الكلي للشركات التابعة له خلال الخمس سنوات المقبلة.

وحول أصول الجهاز التي تقدر بأكثر من 16 مليار ريال عماني في 40 دولة، أوضح المرشدي أن هذه الأصول تتوزع على محفظتين رئيسيتين بأهداف واضحة واختصاصات محددة لكل منهما، مع ضمان عدم التداخل بينهما، وبنسبة تقريبية تصل إلى 50 في المائة لكل منهما. الأولى هي «محفظة الأجيال» التي تتكون من أصول واستثمارات خارجية موزعة في 40 دولة، منها محفظة خاصة بالأسواق العامة، بالإضافة إلى بعض الأصول المحلية بمختلف الأدوات، منها الأسواق العالمية، والتملك الخاص، والعقارات، وذلك بهدف تحقيق أكبر قدر من العوائد منها للأجيال المستقبلية، مع الحفاظ على السيولة النقدية. والثانية هي «محفظة التنمية الوطنية» التي تدير الأصول والشركات المحلية جميعها، والتي يزيد عددها على 160 شركة، وتهدف إلى الإسهام في نمو الاقتصاد العماني وتطويره إلى جانب مساندة الموازنة العامة للدولة عبر توزيعات الأرباح، وعائدات التخارج، وإدارة الخزينة، وتوفير فرص عمل، وتوفير بعض الخدمات الاستراتيجية مثل الأمن الغذائي وخلافه، وتحقيق الاستدامة المالية.

وتابع القول: "سنواصل عبر هاتين المحفظتين الاستثمار في قطاعات واعدة تتوافق مع التوجهات الاستثمارية العالمية، مستفيدين في ذلك من شراكاتنا الاستراتيجية مع دول شقيقة وصديقة، وشبكة العلاقات التي أسسناها مع مستثمرين إقليميين وعالميين، بالإضافة إلى مواءمتنا مع التوجهات الحكومية نحو تعزيز الشركات وجذب الاستثمارات الخارجية ونقل التقنيات الحديثة وتوطينها في سلطنة عمان".

وكشف المرشدي أن الجهاز بادر إلى جلب الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة، وخصوصًا الهيدروجين الأخضر، إلى سلطنة عمان، مشيرًا إلى 4 مشروعات مع شركاء دوليين متنوعين هم «DEME» و«Uniper»، و«إنتركونتيننتال للطاقة» و«EnerTech» القابضة، و«Marubeni» و«Linde» و«Dutco»، و«إير برودكتس» وأيضًا شركة «أكوا باور» السعودية.

وذكر معاليه في الحوار أن هذه المشروعات تتمثل في "عمان الطاقة الخضراء": وهو مشروع كبير بشراكة عمانية- سعودية- أمريكية، ويمثل امتدادًا لاستثمارات «أكوا باور» السعودية ووجودها في سلطنة عمان منذ عقد من الزمان، والمشروع عبارة عن توأم لما يحدث في منطقة نيوم بالمملكة؛ حيث يسهم في نقل التكنولوجيا، ويبلغ حجم إنتاجه 25 جيجاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية؛ الأمر الذي سيجعل سلطنة عمان أكبر مُنتج للطاقة النظيفة على مستوى العالم.

وتابع معاليه أن مشروع "هايبورت" يهدف إلى تطوير منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، بقدرة تبلغ 1.3 جيجاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

كما أشار معاليه إلى مشروع "هيدروجين عمان" وهو مشروع لتطوير منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الحرة بصلالة، وسيكون للمشروع قدرة تبلغ 1.3 جيجاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وتابع معاليه معددًا المشروعات، ومنها مشروع "صلالة هيدروجين"، قائلًا إن المشروع سيشهد تطوير منشأة ثانية لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء في المنطقة الحرة بصلالة، وسيكون المشروع بقدرة متجددة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية قدرها 3.8 جيجاواط.

وأكد معالي رئيس جهاز الاستثمار العماني أن هذه الاستثمارات تُجسِّد الدور الذي تلعبه الدبلوماسية الاقتصادية التي تنتهجها سلطنة عمان؛ بما يعزز من مكانتها العالمية في قطاع الطاقة بمختلف مجالاتها، ويُسهم في تحقيق التنويع الاقتصادي وتنمية الاقتصاد الوطني وفق أولويات رؤية "عمان 2040"؛ حيث من المتوقع أن تولد هذه المشروعات الأربعة أكثر من 30 جيجاواط من الطاقة المتجددة في سلطنة عمان لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وتتجاوز قيمتها 40 مليار دولار.

ومضى معاليه قائلًا: "إضافة إلى هذه المشروعات الأربعة يوجد لدينا عدد كبير من طلبات الاستثمار في هذا المجال، وهو ما يؤكد نجاحنا في التسويق لسلطنة عمان باعتبارها بيئة خصبة للاستثمار في الطاقة النظيفة".

وأوضح معاليه أن مجلس التنسيق العماني- السعودي أثمر عددًا من المشروعات، وكان لنا الشرف في أن نكون نقطة التواصل مع الجهات ذات العلاقة في السعودية، ومن ذلك صندوق الاستثمارات العامة وهيئة الاستثمار السعودي، إضافة إلى عدد من الشركات مثل سابك ونقوا وغيرهما، لافتًا إلى أن من النماذج في مجال التعاون المشترك الاتفاق بين مجموعة أسياد التابعة للجهاز وشركة بحري السعودية في مجال النقل البحري، إلى جانب دخول صندوق الاستثمارات العامة السعودي شريكًا أساسيًا في صندوق «ركيزة» للبنية الأساسية، الذي تستهدف السلطنة من تأسيسه جلب رؤوس أموال من مستثمرين عالميين؛ حيث أسهم صندوق الاستثمارات العامة السعودي بمبلغ مشابه للمبلغ الذي ضخه الجهاز، وبالتالي أصبحنا بمثابة شريكين رئيسيين اثنين ليعمل صندوق «ركيزة» في سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، ويكون نموذجًا مشرقًا للتعاون الخليجي والعربي.

وأعرب معاليه عن سعادته بتخصيص صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وبأوامر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، 5 مليارات دولار لإنشاء شركة في سلطنة عمان؛ حيث نقوم حاليًا بإجراءات تسجيل الشركة واستئجار مكاتب لها، وتعيين موظفين فيها، إضافة إلى أننا بدأنا البحث عن الفرص الاستثمارية التي يُمكن للشركة الدخول فيها.

وتابع قائلًا: "قمنا بالتعاون مع وزارة الخارجية بانتداب أحد موظفينا للعمل ملحقًا استثماريًا في السفارة العمانية في الرياض ليكون حلقة وصل مع الأطراف في السلطنة والمملكة. وأستطيع القول إن ما حدث خلال السنتين الماضيتين، وتحديدًا بعد زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق- أيده الله- للمملكة، يتجاوز ما حدث خلال العشرين عامًا السابقة، مع التأكيد على وجود مشروعات أجمل وأكبر للربط بين البلدين، سيتم إعلانها في الوقت المناسب".

وحول الاستثمار في قطاع الهيدروجين وتوليده عبر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وإمكانية التصدير، قال معاليه: "لا نطمح إلى تصدير الكهرباء، وإنما سنحوّل طاقة الشمس والرياح إلى طاقة يمكن استخدامها وقودًا بديلًا للكهرباء، وتحويل جزء منها إلى صناعات، بحيث لا نكتفي بتحويل الرياح والشمس إلى هيدروجين سائل، وإنما إنتاج صناعات نظيفة لها قيمة مضافة، مثل الحديد الأخضر والألمنيوم الأخضر واليوريا وغيرها من الصناعات التي يُمكن استخدامها في الصناعات المحلية من جهة، وتصدير الكميات الأخرى منها إلى الأسواق الخارجية".

وحول علاقة الجهاز بالقطاع الخاص، ذكر معاليه أن الجهاز شريك مع القطاع الخاص العماني في أكثر من 50 مشروعًا، وتتراوح نسبة القطاع الخاص في هذه المشروعات بين 10 في المائة و51 في المائة، لافتًا إلى أن أحد الأهداف الأساسية لخطة التخارج التي أعلن الجهاز عنها في عام 2022 يتمحور حول تمكين القطاع الخاص وتسليمه قيادة الاقتصاد العماني، منطلقين في ذلك من رؤية "عُمان 2040" وأولوياتها الوطنية.

وتعليقًا على مشروع تصميم وتطوير وتشغيل شبكة سكك حديدية تربط ميناء صحار بشبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية، قال معاليه إن الروابط الاجتماعية والأسرية والاقتصادية بين سلطنة عُمان والإمارات تمثل الأساس لهذا المشروع المهم الذي يأتي بقيمة مقدرة بنحو 3 مليارات دولار، ويهدف إلى فتح آفاق جديدة في قطاعات البنية الأساسية والنقل والخدمات اللوجيستية ليس لسلطنة عمان ودولة الإمارات فحسب، وإنما للمناطق الاقتصادية والصناعية والتجارية جميعها في دول الخليج العربي.

تعليق عبر الفيس بوك