نعمة الأمن والأمان

 

د. خالد بن علي الخوالدي

khalid1330@hotmail.com

 

بدايةً نرفع تهنئة للمقام السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وللجميع بمناسبة قدوم العام الجديد، والمناسبة الغالية المرتقبة وهي ذكرى تولي جلالته- أيده الله- مقاليد الحكم في البلاد والذي يُوافق 11 يناير.

ورغم أني كنتُ أرغب في أن يكون مقالي لهذا الأسبوع عن العام الجديد وما يجب أن نفكر ونخطط له في عام 2023، لكنّي غيرت الفكرة؛ حيث تنتابني مشاعر متناقضة وأحاسيس مُختلفة، ففي الوقت الذي نستقبل فيه العام الجديد بمشاعر كلها أمل وتفاؤل وتطلع إلى مستقبل مشرق، نقرأ ونسمع عن جرائم القتل المتوالية التي تربكنا وتشعرنا بالخوف، والتي ستقوض النعمة العظيمة التي تعودنا عليها دائمًا في بلادنا الحبيبة وهي نعمة (الأمن والأمان) إذا ما استمرت بهذا الشكل المُريب.

والنعمة يا أعزاء، إذا لم نُحافظ عليها فقد تزول وتختفي، ونعمة الأمن والأمان التي قد يسخر البعض عندما نقولها ونكررها، إذا زالت، فقد يحل الخراب والخوف وانقطاع الرزق ويتعكر صفو الحياة، إنها من أعظم النعم التي أنعم الله بها علينا، كيف لا والرسول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يقول (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا)، فلا تستكثروا نعمة الله وفضله وتسخروا منها فإنِّها زائلة.. نعمٌ فقدناها في هذا البلد العزيز؛ سواء كانت مادية أو معنوية، يعرفها الصغير والكبير، ويشعر بها من كان له قلب سليم.

فيومًا ما تضايقنا من العمل في المزارع لحصاد التمر والليمون، واليوم ذهبت تلك النعم وتحسرنا عليها. ونعمة الأمن والأمان التي ميزت عماننا الحبيبة إذا لم نحافظ عليها ستزول، والأخلاق العالية لهذا الشعب العربي الأصيل إذا ما أستمر الوضع على ما هو عليه فسنرى تصرفات لا تمثلنا ولا تنطق باسمنا، وستتلاشى تلك النفوس الطيبة والمحبة للخير وسنبكي دمًا على الحديث الشريف للحبيب المصطفى الذي أخرجه مسلم وغيره عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، أنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى حيٍ من أحياء العرب، فسبوه وضربوه، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أنَّ أهل عُمانَ أتيتَ، ما سبُّوك ولا ضربوك) وهذه شهادة عظيمة من أعظم مخلوق، وهذه الشهادة لأبد أن نعكسها في مناحي الحياة وفي كل تصرفاتنا، فهذه الشهادة نعمة أخرى من النعم التي أنعم الله بها علينا، إذا لم نستثمرها الاستثمار الصحيح فهي الأخرى ستزول وستختفي.

ولعمري إنكم يا أهل عمان محسودون على هذه النعم العظيمة، فهناك أُناسٌ كثر في هذا العالم يتمنون ما أنتم عليه، فحافظوا على النعم التي رزقكم الله إياها، وتمسكوا بها بكل ما أوتيتم من سبيل، وإذا كانت النعمة عرضة للزوال كما قلنا، فإن الواجب علينا جميعًا أفرادًا ومؤسسات حكومية ومجتمعًا مدنيًا وأهليًا، التركيز على تعزيز قيمة الأمن ومعاقبة المتسببين في زعزعته بالعقوبات المغلظة، فلا يجب الاستهانة والتغافل عن الأحداث التي تحدث، حتى تصبح عادة وتكون مضرتها خطيرة على الكيان المجتمعي والسلام الوطني.. ودمتم ودامت عُمان بخير.