بالحب نقطف ثمار سعينا

 

منى بنت حمد البلوشية

 

تحت زخات المطر أكتب مقالتي السنوية هذه، وكأنني اعتدت كتابتها ونشرها كل عام، لأجد نفسي بينها وأنا أخوض غمار الكتابة، التي اعتدت عليها منذ طفولتي وكأنها أصبحت جزءا لا يتجزأ مني لا أستطيع تركه.

فما أسرع الأيام تمضي ونحن في غفلة من أمرنا، تتسارع عقارب الساعة في أيامنا وتتسابق وتمضي وكأنها تحاول المضي بنا قُدما، فكيف بالأعوام التي تذهب ولا تعود؟! ونحن كل يوم نُمزق ورقة من التقويم الذي وضع على طاولة أعمالنا والتي ننظر فيها من على هواتفنا، وتلك الورقة التي سقطت كانت بها من الأهداف الكثير، ومن الخُطط التي كنا ندونها حتى يتسنى لنا إنجاز مهامنا اليومية  والشهرية لتصل بنا للسنوية قصيرة وبعيدة المدى، لنواكب يومنا وزخم أعمالنا خوفا من تراكمها.

وها نحن على أعتاب نهاية عام ميلادي، نودعه بجميل أعمالنا وإنجازاتنا، وقراراتنا التي اتخذناها ونحن بكامل عنفوان قوانا العقلية، والتي لا نعود إليها إلا بحمض إرادتنا، ولا نحتاج العودة إليها بعدما أعطيناها حقها من اتخاذ القرار لها، فكل عام يمضي بنا لا يعود كالماء الذي ينسكب من الكأس، فنحن من يملؤه بأفكارنا التي تحلو لنا، والفرص التي تأتينا دون تركها لتصنع لنا من جميل أفعالنا ولتطور من شخصياتنا وأعمالنا.

نحن هنا نودع عامًا كان لنا بمثابة جرد لأعمالنا وماذا جنينا به وما هي إنجازاتنا وفيما أخفقنا، هنا علينا أن نجلس مع ذواتنا  بكل صدق ونكتب كل ما قمنا به خلال هذا العام، وماالذي علينا القيام به في عامنا الجديد، وما الأفكار التي راودتنا واستطعنا الانتصار عليها، وحتى علاقاتنا بالآخرين كيف كانت وكنَّا معها؟ ليس عيبًا أن تصارح ذاتك بما يعيبها وبأخطائك بل هي بمثابة تصحيح لنا لنصل بأبهى حلل الرقي بها.

لم يكن عام 2022 بالنسبة لي عامًا ميسرًا؛ بل استطعت من خلاله السيطرة على أشياء كثيرة والوقوف على ما كتبه الله لي بأنه خير وهو يختبرني وأكون الصامدة أمام كل تحدٍ يقف أمامي وهذا ما أرجوه في كل مراحل الحياة التي هي بيد الله عز وجل.

دعوني أخبركم بأن الأعوام السابقة كانت لدي عدة خُطط، ولكن القدر لم يأذن لها، وتحققت خلال هذا العام وكانت بها من الوفرة ما لم تره عيناي من قبل، وحاولت جاهدة لأحقق أحلامي الأخرى إلا أنها لم يُكتب لها نصيب حتى الآن، فالقدر كفيل بأن يكون لها، وأودعت زجاجة أحلامي للذي لا تأخذة سِنة ولا نوم، فكلما كانت أرواحكم مُعلقة بالله عز وجل ستجدون ما تحلمون به واقعًا بين أيديكم، هذه هي ثقتي وحسن ظني به.

هذا العام أصبحت أكثر قدرة على التخلي فتجلت لي الأشياء التي لم أكن أعلم أنها ستتجلى هكذا، استطعت فك التعلق حتى بالأهداف التي كنت عالقة بها ولم تستطع إعطائي ما أطمح له وبكل سهولة تخليت عنها، فأتتني أضعاف ما كانت ممسكة بي، فالحمدلله دائما وأبدا،فلتطمئن قلوبكم بأن كل ما يكتبه الله هو لنا لن يذهب لأحد سوانا.

"إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها".. هذه رسائل من الرسائل الضخمة التي تُذكرنا بأن لا نلتفت للواقع من حولنا وألا ننشغل بكل ما يُدار في واقعنا، ولنكن فاعلين للخير وباذلين للمعروف، صانعين للحياة وليس من شأننا انتظار الثمار؛ بل علينا السعي من أجل جني ما غرسناه ونقطف ثماره بأيادينا والفرحة تعلو محيانا بعد كل ذلك الغرس ومراحل الزرع ما أجملها من لحظة ونحن نقطف الثمار من حديقة طموحاتنا وبجوارنا من وقف بالقرب منا وساندنا في لحظات تعثرنا بالحجارة وأوقفنا، وسلامًا لمن رحل وتركنا ذاهبًا وهو الآن ينظر لنا بعين العودة والندم.

دمتم برقي.. وعام ميلادي مليء بالإنجازات العظيمة.. وشكرًا لروحي ولكل الصعاب والتحديات التي خاضتها دون أن يعلم بها أحد سوى خالقها، فاقطفوا ثمار سعيكم بكل حب ووفاء لها.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة