مؤيد الزعبي
بعد انتهاء كأس العالم ودخول مشجعي كرة القدم في حالة من الاكتئاب، دعنا عزيزي القارئ نتساءل سويًا: ماذا لو لعِبتْ الروبوتات كرة القدم وشاركت في كأس العالم.. هل ستفوز باللقب؟ وكيف سيكون شكلها ومدى قوتها؟ دعنا نتخيل معًا كافة السيناريوهات من خلال هذا الطرح.
بما أننا في عصر تعلم الآلة، فلا تستبعد أن نجد روبوتات تعلب كرة القدم وأنا هنا لا أقصد أبدًا تلك الروبوتات البدائية التي باتت تستخدم في ملاعب التدريب في تدريب الحراس أو تلك الروبوتات التي حلت مكان حراس المرمى والتي بتنا نشاهدها في تحديات المهاجمين إنما أقصد تلك الروبوتات القادرة على لعب كرة القدم بشكل كامل وتتخذ مراكز معينة فوق أرضية الملعب، وقادرة على خوض مباريات حقيقية تنافس فيها على الفوز.
في الحقيقة الروبوتات تتطور بشكل سريع، ولا عجب أن نشاهد روبوتًا يحاكي طريقة لعب أساطير كرة القدم، طالما أن لدينا بيانات تحليلية لمهارات هؤلاء اللاعبين، ولا أستبعد أن تصنع لنا إحدى الشركات روبوتًا شبيهًا بميسي أو رونالدو أو نيمار، يلعبون بطريقتهم ويمتلكون مهاراتهم ومميزاتهم؛ بل ستكون هذه الروبوتات أقوى من ميسي ورونالدو، وحتى ماردونا وبيليه، خصوصًا أن الذكاء الاصطناعي يتطور ويتعلم أسرع من البشر ولديه إمكانيات أكبر وقدرات مهولة يصعب علينا نحن البشر الوصول إليها.
أنا شخصيًا لا أستبعد أن نشاهد في قادم السنوات فريق كرة قدم جميع لاعبيه من الروبوتات، وسنشاهد مباريات استثنائية تنافس فيها هذه الروبوتات كبريات الفرق، وحينها سنكون نحن البشر أمام مواجهة صعبة، خصوصًا لو تم إدخال جميع البيانات المتوفرة لدينا عن كرة القدم وخطط اللعب والمهارات والاستراتيجيات لحواسيب تتحكم بهذه الروبوتات أو تدير طريقة لعبها، وأيضًا سنواجه مشكلة أكبر في عدم قدرتنا على مجاراة القوة البدنية واللياقة العالية التي تتمتع بها هذه الروبوتات وهي آلات لا تتعب ولا تحتاج سوى بطارية تُشحن فتعطيك طاقة كبيرة.
عندما يتم ابتكار فريق كرة قدم من الروبوتات سنشهد مباريات استثنائية قد نقول حينها إننا لم نشاهد متعة في طريقة لعب كرة القدم من قبل وستتفوق هذه الفرق على جمالية لعب نادي برشلونة وطريقة "التيكي تاكا" أو ما يسمي باللعب الشامل، خصوصًا وأن هذه الروبوتات ستكون منسجمة مع بعضها البعض بشكل كامل وتتحرك في الملعب بطريقة منظمة بصورة تفوق الخيال، وستلتزم حرفيًا بتنفيذ خطة المدرب وسنجدها تدرس طريقة لعب الخصوم وتتماشى معها وتجد حلولًا سريعة لتفادي الخسارة وقلب النتيجة.
الروبوتات ستدخل عالم كرة القدم من أوسع أبوابه، وسنشاهدها تحل محل اللاعبين والإداريين وحتى المدربين، وفي هذا الجانب سيكون حضورها قويًا، كيف لا وهي قادرة على اتخاذ قرارات مدروسة ومبنية على تجارب كبيرة. ونحن نتحدث عن إمكانية توفير بيانات وخطط تدريب لجميع مباريات كرة القدم منذ عشرات السنين وهذه الروبوتات قادرة على تحليل كل هذه البيانات وتوظيفها بالشكل الصحيح وبالطريقة المثلى، وباعتقادي أننا في المستقبل القريب سنشاهد روبوتات تساعد مدربين كرة القدم على تحليل البيانات وتقارير الأداء وتضع بين أيديهم استنتاجات مهمة ستغير من شكل كرة القدم وقوة التنافس فيها.
قد يقول قائل إن لعبة كرة القدم لعبة بشرية، وصعب أن تدخل الروبوتات في هذه المنافسة، وهذا أمر صحيح، لكن ما هو قولكم وأن القائمين على هذه اللعبة يبحثون كل يوم عن أدوات ووسائل لجعل هذه اللعبة أكثر إثارة وجذبا لانتباه المشاهدين.
خلال السنوات الماضية بدأت الرياضات الإلكترونية يتصاعد صداها في كل مكان في العالم وأصبح لها متابعون ورواد ونجوم وأبطال وبطولات ولهذا أجد أن دمج هذه الرياضات خصوصا المتعلقة بكرة القدم مع عوالم الروبوتات سيخلق لنا فرقًا من الروبوتات تتنافس فيما بينها ويقام لها بطولات خاصة ويكون لها أيضًا أبطالها وأساطيرها خصوصًا مع تطور أنظمة التحكم والمحاكاة.
صحيحٌ أننا نتمتع بلعبة كرة القدم كلعب شعبية تنافسية ونحب شكلها الحالي ونعشق أبطالها وفرقها ولكن دخول الروبوتات للمنافسة سيخلق لنا شكلًا جديدًا ومنافسة ومتعة جديدة، فلننظر وننتظر إلى أين ستصل التطورات في هذا الجانب وما ستؤول إليه الأمور في قادم السنوات، وسواء رفضنا أو تقبلنا، إلّا أن الحقائق والمؤشرات تدل على أنَّ الروبوتات قادمةٌ لا محالة لعالم الساحرة المستديرة.
