لماذا تنتشر الجريمة؟

عوامل نفسية واجتماعية ساهمت في وقوع حوادث الاعتداء على الآخرين

...
...
...
...
...
...

◄ الحوسني: الإسلام حرّم الاعتداء على الآخرين

◄ الرواحي: بعض الألعاب الإلكترونية تساهم في انتشار الجرائم

◄ البدري: الاختيار الصحيح للأصدقاء يحد من مظاهر العنف

◄ الكيومي: المخدرات والمؤثرات العقلية تحرض على العدوانية

 

 

الرؤية- أسعد البدري

تتنوع الأسباب والدوافع التي تقود الإنسان إلى ارتكاب الجرائم ومخالفة القوانين، ولا تخلو المجتمعات من بعض ممارسات الاعتداء على الآخرين باختلاف صورها في ظل وجود الجزاءات التي أقرتها الشريعة وأقرها القانون، لتكون العوامل الدينية والنفسية والمجتمعية هي المحرك الرئيسي لانتشار الجريمة أو الحد منها.

الوازع الديني

يؤكد الدكتور صالح بن سعيد الحوسني، المديرالعام المساعد للوعظ والإرشاد لشؤون البحوث الدينية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، أن الله خلق الإنسان وكرمه وجعله في هذه الأرض ليعمرها، وشرّع حدودا وبيّن حقوق الجميع حتى لا يتعدى أي أحد على حقوق الغير، وأوجب على الجميع عدم المساس أو الاعتداء على الغير، إلا أن النفس البشرية قد تقود صاحبها إلى الغواية وارتكاب الآثام والتعدي على الآخرين، مستشهدا بقصة قابيل وهابيل التي صوّرها القرآن الكريم بعدما قتل الأخ أخاه.

ويوضح أن هذه الجريمة وقعت نتيجة أمراض دفينة في النفس البشرية متمثلة في الحسد، مضيفا: "ومع ذلك فإن تبعات هذه الجريمة كانت مؤلمة على القاتل لأن الله سبحانه وتعالى ذكر أنه أصبح من النادمين، فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأصبح من النادمين.

ويبيّن أن الشريعة الإسلامية حرمت اعتداء الإنسان على الآخرين سواء بالفعل أو القول، فضلا عن إزهاق النفس، حيث يعد القتل من أكبر الذنوب وأخطرها، مطالبا وسائل الإعلام المختلفة بالقيام بدورها في توعية المجتمع وبث المحتوى الذي يزيد من ارتباط العباد بربهم لضبط النفوس وترسيخ مفاهيم احترام الآخرين.

الصحة النفسية

ويعتبر محمود اليحمدي، أخصائي اجتماعي، أن الصحة النفسية تعد مكونا رئيسيا من مكونات استقرار الأفراد والمجتمعات، لافتا إلى أن انعدام الأمن وانتشار الجرائم يؤثران سلباً على صحة وسلامة الفرد، وأنه في حال فقدان الاستقرار النفسي ينتشر الخوف والقلق وحالات الهلع والجزع بين أفراد المجتمع، الأمر الذي يُهدد أمن الأسرة واستقرارها ويرفع لديهم حالات القلق والخوف.

ويوضح: "الآثار النفسية لانتشار الجرائم في المجتمع على الأفراد تتمثل في عدم الشعور بالأمن، ومع هذا الانفتاح الذي نشهده وتداول أخبار الجرائم عبر منصات التواصل الاجتماعي تتسع دائرة المعرفة وما يدور في المجتمعات الأخرى، وتداول مثل هذه الأخبار قد يصاحبه تضخيم في الأحداث، وهو ما ينتج عنه تدرج في المشاعر يبدأ بالتأثر بما يحدث ثم الاستنكار والتبرير والإنكار ثم تقبل ما يحدث بالتبرير للفعل والفاعل، ثم القبول بما يحدث خاصة إذا مرَّ شخص بمواقف مشابهة لما تم تناوله كمبررات لإقدام شخص ما في مجتمع ما لارتكاب جريمة ما".

الألعاب الإلكترونية وانتشار الجريمة

ويرى محمود الرواحي أن ما شهده العالم من أحداث كبيرة تتمثل في الأزمات الاقتصادية وجائحة كورونا وظهور الجماعات المسلحة وحرب كورونا، أدى إلى إحداث تغيرات في شخصيات الأفراد والمجتمعات فكريا واقتصاديا، مضيفا: "من الناحية الفكرية أصبح الفرد في الوقت الحاضر كلما أراد أن يبدأ في خطوة جديدة بمسيرته الحياتية ينظر للوضع العام للمجتمع وما يشهده العالم من تخبطات وخلافات وما يحدثه من تأثير سلبي على وضعه المادي، تحدث له حالة من اليأس ما يؤدي إلى انتشار البطالة، كما أن بعض الشباب الذي يشعر بهذه الحالة يقضي وقته في الألعاب الإلكترونية التي عزز تواجدها جائحة كورونا وفترات الإغلاق الطويلة، واعتماد بعض هذه الألعاب على القتل والتخلص من المنافسين".

ويشير إلى أن مثل هذه الألعاب عززت لدى الشباب تقبل ما يسمعونه من جرائم قتل أو عنف، لعدم قدرتهم على الفصل بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي، كما أن مثل هذه الألعاب قد تزيد من جرائم السرقة واقتحام المنازل والقتل.

العنف وأصدقاء السوء

ويقول سيف البدري: "عندما أشار الحكماء إلى قضية أخبرني من تصاحب أقُل لك من أنت، لم يكن عبثًا؛ فالصاحب ساحب إما إلى خيرٍ وإما إلى شرٍّ، فأصدقاء السوء مهلكة، وقد يكثر في المجتمع تواجدهم بهدف إضلال أقرانهم، وفي مجتمعنا توجد هذه العيّنة، فتراهم يقودون أصحابهم إلى فعل ما من شأنه تدمير المجتمع وإهلاكه، فلا يجد المصحوب خيارا سوى تنفيذ ما يطلبه قرينه السيئ، فتصبح الجرائم بالنسبة لهم أمرا سهلا، ولا يبالون بالعقوبة".

ويضيف: "أما قضية العنف الأسري فتقع نتيجة محاولة الكبار جعل الصغار تابعين لهم بشكل أعمى، وقد يزرعون في نفوس الصغار سهولة ارتكاب المشاكل والجرائم، ليترعرع هؤلاء الصغار وهم يحملون في نفوسهم سهولة الاعتداء على الآخرين".

المخدرات.. أساس كل بلاء

ويذكر عيسى الكيومي أن الأمراض النفسية قد تصيب أي شخص بسبب المرور بمواقف مؤثرة في حياته، سواء كان في المدرسة أو في العمل أو مواقف تربطه بعائلته أو أصدقائه، بالإضافة إلى أن الصحة النفسية للفرد قد تتأثر بسبب بعض العادات والتقاليد خصوصا في الأمور المتعلقة بالزواج، أو بالأمور المادية التي تثقل كاهل الكثيرين، مضيفا: "كل هذه الأمور قد تدفع بالشخص إلى تعاطي المخدرات التي تؤدي إلى التفكك الأسري وإلحاق الضرر بالنفس وبالآخرين، وقد تؤدي إلى التعدي على الغير وارتكاب الجرائم".

تعليق عبر الفيس بوك