العم "جوجل"

 

وليد بن سيف الزيدي

عندما يغيبُ دور الأب في تعامله مع الأبناء لأي سبب كان، يمكن أن يحل محله العم. فيكون بذلك صاحب فضل بعد الله على الأبناء في فترة غياب والدهم. من هنا جاء اختيار عنوان هذا المقال؛ وذلك لتعدد الخدمات التي يُقدمها العم جوجل للأفراد والمؤسسات في مختلف جوانب حياتهم، ويختصر عليهم زمنا وجهدا وتكلفة الإنجاز، ويقلل من بعض الآثار الاجتماعية والنفسية الناجمة عن الاحتكاك المباشر بين الأفراد داخل المؤسسات أثناء إنجاز المعاملات. ويعود سبب تعدد خدمات العم جوجل إلى التطور الهائل والسريع في الأجهزة الإلكترونية والتقنيات الحديثة وأنظمة تشغيلها والبرامج والتطبيقات والمواقع الإلكترونية التي سهلت من عمليات الإنجاز.

وهناك العديد من الأمثلة على الخدمات اليومية التي يقدمها العم جوجل ويسهلّ من سرعة إنجازها، فمثلًا من خلال بعض تطبيقات التواصل الاجتماعي التي يوفرها العم جوجل يمكن إدارة حوار بين أستاذ الجامعة والطالب الجامعي حول دراسة بحثية، أو المشاركة في مؤتمرات علمية محلية ودولية، دون الحاجة إلى اللقاء المُباشر. كما يمكن الاستفادة أيضًا من تلك التطبيقات على مستوى التعليم المدرسي من خلال تنفيذ حصص التقوية في مواضيع أو مهارات تُعين الطالب على تحقيق هدفه من التعليم.

وبفضل العم جوجل، يمكن الحصول على المعارف والمهارات المختلفة من مصادر موثوقة: المكتبات الإلكترونية التابعة لجهات رسمية دون الحاجة إلى قطع المسافات للوصول إليها.

وكذلك يظهر فضل العم جوجل في تسهيل إنجاز العديد من مُعاملاتنا في البنوك والاتصالات والكهرباء والمياه والخدمات الحكومية وخدمات المطاعم والفنادق والسياحة والتسوق ونحن في بيوتنا وبطبيعتنا العفوية البسيطة بين أهلنا.

وبعد كل هذه الخدمات التي يقدمها جوجل ألا يستحق منَّا أن نطلق عليه العم جوجل؟

نعم.. إذن ما الدور الذي من الجيد التركيز عليه كأفراد وجهات رسمية في الفترة الحالية والقادمة في ظل العديد من التعاملات اليومية التي تُنجز باستخدام التكنولوجيا ومنها تعاملات العم جوجل؟

سؤال جيد. بالنسبة لدور الأفراد، يكون من خلال التأكد من موثوقية مصدر المعلومة أو المعرفة أو المهارة أو الخدمة المقدمة في مختلف الجوانب التعليمية والصحية والخدمية سواء أكان المصدر فردًا أو مؤسسة، وذلك بمعرفة شخصية صاحب المعلومة أو الخدمة ومؤهلاته وتخصصه وإلى أي جهة ينتسب وما أهم إنجازاته على الصعيد المحلي والإقليمي. وبذلك يبقى دور المربين على المستوى الأسري والمجتمعي والمؤسسي في الانتقاء من تلك المصادر الإلكترونية مهمة تحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد وسعة الصدر والتمكن من مهارة التعامل معها حتى يستطيعوا الخروج بنتائج تخدم مستهدفيها. وكذلك العمل على تعزيز الرقابة الذاتية في نفوس الأبناء منذ الصغر وذلك بالغرس الأصيل لقيم ومبادئ الدين الإسلامي التي ستعمل لاحقًا كسد منيع لمساعدتهم في أخذ كل ما هو مفيد ومناسب مع قيمهم وثقافتهم من تلك المصادر الإلكترونية. وخصوصًا أن كفة الميزان التي تمثل استخدامات التكنولوجيا في جوانب الحياة العديدة أصبحت اليوم تفوق الكفة الأخرى والمتمثلة في صعوبة دور المتابعة والتوجيه للأبناء من قِبل الوالدين والمدرسة والجامعة والمسجد والمجتمع.

وأما حول دور الجهات الرسمية، فيتمثل في إعداد الخطط المستقبلية المبنية على دراسات دقيقة والإسراع في تنفيذها ومراعاة مدى مناسبتها للأوضاع الراهنة والمستقبلية في استخدام التكنولوجيا، وذلك بالتركيز على جودة البنية التكنولوجية والتوسع فيها بصورة أكبر مقارنة بالمباني المؤسسية التي أصبح دورها في تراجع كمبنى مؤسسي، وليس كخدمات تُقدم لأفراد المجتمع. وكذلك من المهم للجهات الرسمية التركيز على تنمية  قدرات ومهارات الأفراد في مجال التعامل مع تلك البنية التكنولوجية.

تعليق عبر الفيس بوك