كيف نزوِّج العزاب والعازبات؟

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

يطمحُ الكثير من الآباء والأمهات إلى تزويج أبنائهم وبناتهم لحل مشكلة العزوبية في الأسرة والمجتمع، وهذا في حد ذاته أمر جيد، إلا أن كثيرًا منهم في زماننا مع كل الأسف لم يتمكنوا من حل مشكلة العزوبية، ويبقى الأبناء يعانون من مشاكلها ومخاطرها، كالوقوع في فخ الذنوب والمعاصي والآثام التي يبتلى بها العزاب والعازبات في الحياة الاجتماعية.

لكن لماذا يا ترى لم يتمكن بعض الآباء والأمهات من حل مشكلة العزوبية لدى أبنائهم وبناتهم؟

إنَّ المتأمل في حال الأسرة العربية والإسلامية يرى الجواب واضحًا وضوح الشمس في رابعة النهار، بلا تعب وجهد وأي عناء، وهو أن الكثير من الآباء مع كثير من الأسف غير مهتمين بوضع الحلول المناسبة لحل مشكلة العزوبية في الداخل الأسري والاجتماعي، وهم من يسعون دائماً إلى تأخير تزويج أبنائهم وبناتهم، بوضع العراقيل والمطبات الكبيرة أمام مشروع تزويجهم، والتي ما أنزل الله بها من سلطان، كالمبالغة في المهور وزيادتها بشكل فاحش، ورفع سقف الشروط، مما يجعل العزاب والعازبات يعانون الأمرين في الحياة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أَفْضَلُ نِسَاءِ أُمَّتِي أَصْبَحُهُنَّ وَجْهًا وَأَقَلُّهُنَّ مَهْرًا) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (فَأَمَّا المَرْأَةُ فَشُؤْمُهَا غَلَاءُ مَهْرِهَا).

لذا فإنِّه اليوم ينبغي على الآباء والأمهات أن يسألوا أنفسهم باستمرار: أليس نبينا هو نبي هذه الأمة؟ إذا كنَّا فعلا ننتمي لمحمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ونسير بهديه، أوليس علينا أن نعلم أن خطابه المبارك يشملنا جميعًا، فنحن أمته المرحومة فلماذا نُخالفه؟!

لماذا أصبح همنا الأول تقديم الماديات وجعلها عنصرًا أساسيًا في حياتنا الاجتماعية والأسرية؟ لماذا أصبحنا لا نهتم بكلام نبينا الذي صرح به لسعادتنا؟ لماذا إذا فكر أحد أبنائنا وبناتنا بالزواج ليصون نفسه ويحميها من الانزلاقات الشيطانية نرهقهم بالديون الكبيرة، ودفع أضعافها للبنوك؟ وبعد زواجهم يعيشون الكثير من الآلام والغصص والصعوبات الزوجية والاجتماعية، بسبب شبح الديون والمباهاة، فلا المباهاة أمام الناس نفعتهم في حياتهم الزوجية، ولا الاهتمام بالماديات التي حولت سعادتهم إلى التعاسة في الحياة الأسرية قد نفعتهم.

اليوم.. إذا أراد الآباء والأمهات وضع الحلول لمشاكل أبنائهم وبناتهم العزاب والعازبات، وبشكل جذري ونهائي، فليس عليهم سوى العودة الجادة إلى سنة نبيهم العظيم محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو المخلص الوحيد من تلك الأزمات التي باتت تعصف بأبنائنا وبناتنا، وجعلتهم ينحرفون عن جادة الصواب بسبب تلك العراقيل التي وضعها كثير من الآباء والأمهات والتي باتت تشكل خطرا محدقا بالأسرة والمجتمع.

ومن أجل إسعاد أبنائنا وبناتنا ومساعدتهم على تحقيق مشروع الزواج والتخلص من مخاطر العزوبية في الحياة الأسرية والاجتماعية لابد من تحقيق الآتي:

  • أولًا: تلبية الخطاب النبوي والاعتراف به وعدم تهميشه مهما صعبت الحياة وظروفها، فـ"حَلاَلُ مُحَمَّدٍ حَلاَلٌ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، وَحَرَامُهُ حَرَامٌ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، لاَ يَكُونُ غَيْرُهُ وَلاَ يَجِيءُ غَيْرُهُ"، في إشارة واضحة إلى ثبات النهج واسمراره.
  • ثانيًا: إذا أردنا تزويج العزاب والعازبات علينا أن لا نزوجهم بهدف التفاخر والإسراف المحرم شرعًا، وحب الرياء والسمعة الزائفة، بل علينا أن نجعل من تزويجهم مطابقا لتعاليم ديننا وقيمنا الاجتماعية والأسرية.
  • ثالثًا: الزواج المبكر بقدر المستطاع، فقد ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق، وهو حفيد الرسالة المحمدية، أنه قال: "مِنْ سَعَادَةِ اَلْمَرْءِ أَنْ لاَ تَطْمَثَ اِبْنَتُهُ فِي بَيْتِهِ".
  • رابعًا: الاهتمام بالبساطة في العيش، وعدم التقيد بالماديات والمباهاة التي لا داعي لها، والتي هي من أهم مطبات تأسيس الحياة الزوجية، ومحاربة العادات والتقاليد الداخلة على المجتمع العربي والإسلامي، والمانعة من إتمام مشاريع التزويج في الداخل الاجتماعي.
  • خامسًا: تفعيل التكافل الاجتماعي لدعم تزويج العزاب والعازبات من قبل الحكومات والمؤسسات والشركات وأبناء المجتمع، قال الإمام جعفر بن محمد الصادق: "مَنْ زَوَّجَ أَعْزَبًا كَانَ مِمَّنْ يَنْظُرُ اَللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ".

واليوم هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الآباء والأمهات والحكومات والمؤسسات الخيرية، وهي دعم مشاريع الزواج في المجتمع، وذلك لتجنيب أبنائنا الكثير من الأمراض الفاتكة بالبشر، فوجود الشريك الدائم للإنسان في الحياة الزوجية يحسن بشكل كبير نتائج أمراض السرطان ومحاربتها وتقليل حدتها وانتشارها. فبحسب إحدى الدراسات تم تحليل بيانات ما يقارب من 800 ألف فرد من أبناء المجتمع البشري، وظهرت النتائج أن الزواج هو ما يعزز الكثير من فرص النجاة من أمراض السرطان، وأن الزواج يرفع من معدلات السعادة والسرور لدى الإنسان، وبالتالي إذا استمر الآباء والأمهات برفع سقف شروط الزواج، وزيادة المهور، فذلك يعني أننا مقبلين على الكثير من الأمراض التي من أهم حلولها تزويج العزاب والعازبات.. فلماذا نسير عكس التيار؟