◄ كدم تجسد مفهوم "المدينة الدولة" وتبرهن على علو كعب الحضارة العُمانية
◄ سور بهلا يسبق سور الصين العظيم بـ2000 سنة
◄ "بَهلا" في اللغة السلوتية القديمة تعني أرض الثورة والصراع
◄ فخامة البناء المعماري في بهلا تجلت في عهد اليعاربة
◄ معبد "ني صلت" في قلب مدينة كدم.. والكلمة تعني "بيت الصلاة"
◄ 5 شخصيات رائدة أسهمت في التأسيس المعرفي للحضارة العُمانية
خميس بن راشد العدوي
يبدأ الذهن العربي مخياله الزمني عند مجيء الإسلام، أو قبيله بقليل، ولا عجب في ذلك؛ فالحضور القوي للفكر الإسلامي في الاجتماع جبَّ ما قبله، كما إنَّ التأريخ العربي نشط تدوينه بعد ظهور الإسلام. وهذا القول لا ينفي أن للعرب أساطيرهم كما أن لهم أشعارهم، إلا أن التأريخ بمعناه الواقعي لم يصلنا منه إلا نتف مقتضبة؛ لا تبني مساراً للتاريخ ولا تربط بين وقائعه. وعُمان.. ليست بدعاً من أمر العرب، فقد شملها هذا القانون العام، فتأريخها الكلاسيكي يبدأ مع بداية الإسلام، وهي بداية لم تسلم من أقاصيص الأولين غير الثابتة تأريخياً؛ مثل تكليم الصنم لمازن بن غضوبة في قصة إسلامه، مع أن الله نفى ذلك على لسان نبيه إبراهيم بقوله: (فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) [الأنبياء:63].
وأما ما قبل الإسلام فيُشكّل «يوم سلوت» الذي وقع مخياله بين الفرس والأزد في صحراء سلوت ببَهلا، بداية التأريخ العُماني بحسب الروايات الكلاسيكية، وكأنه انبلج من بَهلا. ورغم أن هذه اللحظة الحاسمة مُغرية لي، إلا أن المفارقة بأني ممن دعا إلى تمحيص هذه الروايات، وقد اعتبرت مالك بن فهم شخصية شبه تأريخية.
عراقة وأصالة
الأساطير.. مؤشر مهم على عراقة الحضارات، ويمثل «يوم سلوت» البُعد الأسطوري للوجود العُماني، وربما أن «الضمير الكلاسيكي» لم يختر بَهلا بدايةً للتأريخ العُماني بمحض الصدفة؛ بل كان عن عمد، بإدراك ما تمثله المنطقة من عمق في الحضارة العُمانية، وهذا ما كشفت عنه الآثار، وخير شاهد لما أذهب إليه هو حصن بَهلا وسورها ومعبدها والعقر أقدم حارة بها، فكلها ترجع إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد. لقد شكلت هذه الحقبة الطوّر المؤسس للتاريخ والحضارة بعُمان.
لا نستغني في قراءة المشهد الحضاري لبَهلا عن التطرق إلى مدينة كدم، وهي مدينة مجاورة لها، لا تبعد المسافة بين سوري المدينتين أكثر من سبعة كيلومترات، وكلاهما ينتميان إلى نظام «المدينة الدولة» الذي عمّ المنطقة خلال تلك الحقب السحيقة، وامتد زمناً طويلاً، وظل محافظاً على وجوده إلى وقت قريب، ويفهم من بعض الكتابات الأكدية وجود 32 «مدينة دولة» بعُمان. من خصائص هذه المدن أنها مسوّرة، بيد أنه لم يبق منها مسوّر إلا مدينة بَهلا. وكدم.. هي المدينة الأخرى المسوّرة في عُمان؛ التي اكتشفتُ سورها بمعية ابني عبدالرحيم، لكن لم يبقَ منه إلا الأساسات الحجرية على الجبال والأراضي التي لم يزحف إليها العمران. لقد أثر هذا النظام على البنية السياسية والقبلية في عُمان، فقد احتاجت إلى أزمنة متطاولة حتى تتوحد في دولة مركزية، ومع ذلك فإنه في زمن الضعف ترجع لحكومات قبلية محدودة.
سور بَهلا.. أهم مَعْلَم عالمي قادم من الألفية الثالثة قبل الميلاد، فهو يسبق سور الصين بحوالي ألفي عام، ويأتي بعده من حيث طوله، وقد حظي من أهالي بَهلا على تعاقب أجيالهم بعناية متواصلة، وكان ذلك على مستويين؛ هما:
- الحفاظ على مبناه، والمواصلة في ترميمه وإصلاحه، وكان له عمال مختصون بذلك، بل هناك أسر كانت معروفة لعمارة السور. وقد أوقف له أهالي المدينة أوقافًا كثيرة لصيانته، منها: نخيل ومياه من الأفلاج وبساتين وعقار وأموال عينية، بالإضافة إلى ما تقوم به الحكومات المتعاقبة من ترميمه، ولذلك؛ بقي السور حتى يومنا. بيد أنه حتى الآن لم يحظ بدراسة آثارية تنقب عنه، وعن الحقب التي بني فيها، والمراحل التي أعقبتها من إصلاحات. كما لم تقدم دراسة عن دوره الحضاري؛ السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
- توثيق الأحكام المتعلقة به، فقد اهتم الفقهاء بتنظيم أحكام السور، وتوزيع الأدوار المجتمعية في الاهتمام به، وبحثوا فيمن يجب عليه صيانة السور؛ هل على مَن حاذاه ببستان أو عقار، أو كل من سكن بَهلا، أو من له مصلحة فيها؛ مما يلزم حمايته؟ وقد فصّل الحديث في ذلك الفقيه عمر بن سعيد ابن معدّ البَهلوي (ت:1009هـ)، صاحب الكتاب الموسوعي «منهاج العدل»، والذي نعمل في مركز الندوة الثقافي ببَهلا على تحقيقه، رجاء أن يرى النور قريبًا. كما إن له سجلًا خاصًا بصيانته وأوقافه وأملاكه، محفوظًا في دائرة المخطوطات بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، وتحتفظ غرفة بَهلا بمركز الندوة الثقافي بنسخة رقمية منه.
لقد أوليتُ السور اهتمامي؛ بالبحث في تأريخه وعمقه الحضاري، وأدليت ببعض الملاحظات العلمية حوله من خلال اللقاءات الإعلامية؛ التلفزيونية والصحفية، كما كتبت عنه في بحوثي التي قدمتها عن الولاية، وخصصت جريدة «عُمان» الغرّاء بثلاثة مقالات؛ نشر منها «سور بَهلا.. مقاربة في النشأة والبقاء» بتاريخ: 14/ 3/ 2022م، و«سور بَهلا.. قراءة في أقدم وثائقه»، بتاريخ: 26/ 6/ 2022م، والمقال الثالث بعنوان «سور بَهلا.. قراءة في أحدث وثائقه» بانتظار نشره.
حصن بهلا
وإذا كان السور في نشأته وتطوره أخذ الجانب الاجتماعي، أي أنَّ أهالي بَهلا قد احتاجوا إلى بنائه في ظل تطور الأنظمة السياسية وتنافسها، فإن الحصن في المقام الأساسي هو مبنى سياسي؛ فالحكومات التي تولت حكم بَهلا في تلك الأعصر الغابرة هي التي احتاجت إلى الحصن؛ سواء كان مقرًا لحكمها، أو حماية لها من أعدائها الخارجيين، أو خوفًا من ثورات الأهالي ضد الحكام، وهذا الأخير قد يُشير إليه اسم المدينة «بَهلا»؛ الذي يعني في اللغة القديمة السائدة حينذاك -التي أسميتها «اللغة السلوتية»- أرض الثورة والصراع.
كان الحصن عبارة عن قلعة ابتدأ تأسيسها في الألفية الثالثة قبل الميلاد، تحوز من الحصن الجهة الشرقية الجنوبية، وهي ذات عمارة ضخمة، تحكي قصة العمارة التي سادت المنطقة قبل الميلاد عمومًا، بيد أنَّ أهل بَهلا لم يتخلوا عن هذا المبنى، فاستمروا في تطوير مؤسسة الحكم، حتى توسعت، فأصبحت حصنًا ذا مرافق عدة. وآخر عمل فيها هو ترميمها في عهد السلطان قابوس بن سعيد- طيّب الله ثراه- وتحت إشراف مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله وأدام مجده.
بيد أن فخامة البناء ظهرت كذلك في عهد اليعاربة في البيت الحديث. نتيجة التنقيب الآثاري الذي أجري في الحصن أثناء الترميم لم يعثر على استيطان غير عُماني فيه، وهذا يعني أن الحصن يكشف عن أقدم عمارة عُمانية ترجع إلى حوالي خمسة آلاف عام، ويكشف كذلك عن التطور الذي مرَّت به العمارة العُمانية خلال مراحلها العديدة، وعلى قدرة العُماني في تطوير حضارته المادية والمعنوية. وقد تعرض الحصن إلى العديد من الأحداث السياسية والعسكرية مما يسهم في تتبع حركة الأحداث في عُمان والمنطقة عمومًا. وهذا مما يحتاج أن يخصص له مقال بذاته.
لم أقف بشكل واضح على المعتقدات الدينية القديمة التي كانت سائدة في بَهلا، فلا زالت الدراسات مبتدئة فيما يتعلق بها في عُمان عمومًا. وقد قدمت بعض الرؤى عمّا سبق الإسلام من معتقدات دينية في عُمان، أثبتها في كتابي «السياسة بالدين»، ويمكن الحديث هنا عن معبد ديني عثر عليه تحت أرضية الجامع القديم المجاور للحصن أثناء ترميمه، وهو يقع على الزاوية الجنوبية الشرقية، مقابل القلعة. عثر فيه على تقدمات بشرية، فقد كشف التنقيب عن عظام محروقة. وهي لا تنتمي إلى ديانة معروفة حتى الآن، وبالتأكيد لا علاقة لها بالزرادشتية الفارسية، فهي أقدم من ذلك بكثير. ومعتقد حرق أموات البشر عمّر كثيرًا في شبه الجزيرة العربية، واستمر في أماكن متفرقة منها منذ حوالي الألفية السادسة حتى الألفية الأولى قبل الميلاد.
القبور البرجية
لم يكشف البُعد الحضاري عن هذا المعتقد فقط؛ فقد كان معتقد دفن الأموات موجودًا أيضًا خلال الألفية الثالثة للميلاد؛ حيث وجد في بَهلا العديد من القبور البرجية «الركامية» المتوزعة على الجبال المحيطة بها، وهي مقابر جماعية، ومقابر الدفن اتخذت أربع مراحل؛ هي:
- القبور التي شيّدت على قمم الجبال، وعلى سفوحها، ترجع إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وهذا النوع هو الأكثر وجودًا ببَهلا، بيد أنه لم يسلم من التخريب والهدم وسرقة محتوياته، ولا تزال القبور تتعرض للاضمحلال بفعل حركة العمران والتمدد في البناء، إلا أنها أحسن حظًا من بقية الأنواع في البقاء.
- القبور التي بنيت على سطح الأرض، وقفت على هذا النوع في منطقة الظبي على الجنوب من مدينة بَهلا، وهي قبور دائرية واسعة وفخمة؛ أشبه بالأبراج، مما قد تكون قبورًا لأسر ذات مكانة سياسية أو قبلية، وهذا النوع يعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد.
- القبور التي بنيت تحت سطح الأرض، وهذا النوع يعود إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، وهو موجود في منطقة كيد ببَهلا، وكيد تعني بـ«اللغة السلوتية» الأرض المطمورة، ولربما سميت بهذا الاسم لتحولهم في دفن موتاهم إلى تحت الأرض. والمنطقة الآن تسمى «المعمورة» وهو اسم حديث، منذ حوالي ثلاثين عامًا فقط.
- القبور المفردة بدون بناء، وإنما عن طريق التلحيد في بطن الأرض، ولعلها ظهرت في الألفية الأولى بعد الميلاد، بعد دخول النصرانية إلى شبه الجزيرة العُمانية، بل وانتشارها في العالم بانتشار المسيحية، ثم تأكدت لدى المسلمين بظهور الإسلام، وأصبح دفن الأموات موجهًا نحو الكعبة المشرفة.
تجدر الإشارة إلى أن معبد «ني صلت»، الذي يقع في قلب مدينة كدم، يعتبر أهم وأكمل معبد وصلنا من الألفية الثالثة قبل الميلاد، و«ني صلت» تعني بيت الله أو بيت الصلاة، ولا يزال يحتفظ بالعديد من مواقع نسكه ونُصُبه وأماكن تقديم الأضاحي، ولوحة صخرية برسمات نوع الأضاحي المقدمة للنسك؛ وهي البقر. وربما أن أهالي بَهلا حينها كانوا يتوجهون بالعبادة إلى هذا المعبد، والدليل على ذلك؛ أن الطريق المؤدي إليه في بَهلا يسمى «سكة كدم» حتى يومنا، كما إنه توجد على جانب هذا الطريق حارة اسمها «ني صلت» تيمنًا بهذا المعبد.
لقد جاء تركيزي على تأريخ بَهلا القديم، لأنه أسهم في التأسيس الحضاري لعُمان، ولأنه كذلك لم يتطرق إليه من قبل إلا يسيرًا، وسأخصص ما بقي من المقال لأهم خمس شخصيات أسهمت بالتأسيس المعرفي في الحضارة العُمانية؛ وهم:
- أبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة البَهلوي، وهو من علماء القرن الرابع الهجري، ترك العديد من المؤلفات؛ منها: «الجامع» وهو أشهرها وأهمها، و«التقييد» و«التعارف» و«المبتدأ» و«الموازنة»، وابن بركة منظّر أصول الفقه في المذهب الإباضي، ويمثّل العقل الأصولي لدى الإباضية، وقد وضع نظريته الأصولية في كتابه «الجامع»، كما أن له نظريته السياسية في الحكم، فقد كان عميد المدرسة الرستاقية، التي لا تجيز الخروج على الإمام، ما لم يرتكب ما يوجب خلعه من الإمامة، ولذلك تشددت هذه المدرسة في حق مخالفيها ممن عرف بالمدرسة النزوانية. لابن بركة أيضًا نظرية اجتماعية أودعها في كتابه «التعارف»، لم تدرس حتى الآن. توفي ابن بركة في بَهلا، وقبره معروف في حارة الضرح، بُني عليه قبة، وبجواره مسجد يعرف باسم «مسجد الخيّر». وهو الآن مَعْلَم يزوره الناس؛ خاصة أهل العلم.
- أبو سعيد محمد بن سعيد الكدمي؛ من العارض بولاية الحمراء الآن، معاصر لابن بركة البَهلوي، وندّه في الزعامة الفكرية بعُمان، إذ كان عميدًا للمدرسة النزوانية، والتي لم تتشدد في حق الخارجين على الإمام الصلت بن مالك الخروصي (ت:273هـ)، واعتبرت النزاع بين العلماء دعاوي لا توجب براءة. ويعد الكدمي العقل السياسي لنظام الإمامة بعُمان، فقد وضع قواعده من خلال نظريته في الولاية والبراءة، كما أن له نظرية في علم الكلام؛ وهي «نظرية المعبِّر»، ويعتبر أبو سعيد وابن بركة أهم مفكرَين عُمانيَين تركا أثرهما في الفقه والفكر العُماني، ومن أهم مؤلفات الكدمي: «المعتبر» و«الاستقامة» و«الموافقة» و«الجامع» و«الزيادات على كتاب الأشراف لابن المنذر النيسابوري». توفي الكدمي في العارض، وقبره بها، بني بجواره مسجد، يعرف بـ«مسجد أبي سعيد»، وهو كذلك مَعْلَم يزوره الناس؛ خاصة أهل العلم.
- أبو الحسن علي بن محمد البسيوي، من بسيا بولاية بَهلا، عاش في القرن الرابع الهجري، تلميذ ابن بركة ومن أتباع مدرسته الرستاقية، بيد أنه استفاد من علماء المدرستين الرستاقية والنزوانية، ومنهم شيخه ابن بركة وأبو سعيد الكدمي، أهم كتاب تركه أبو الحسن البسيوي هو «الجامع»، خصص قسمه الأول في علم الكلام، وهو بذلك يكون أول من كتب بتوسع في هذا العلم من العُمانيين، بل ومن عموم الإباضية، بعد عبدالله بن يزيد الفزاري البصري، لكن لم يقع الاهتمام بمؤلفات الفزاري، فلم تنتشر، ولم تطبع حتى الآن، في حين اهتم العلماء كثيرًا بـ«جامع أبي الحسن البسيوي»؛ قديمًا وحديثًا، وقد اعتمد الأزهر الشريف نشره، وقد كان لي شرف إعداده وضبطه ومراجعته. ويعد أبو الحسن البسيوي العقل الكلامي للمذهب الإباضي، وله كذلك كتاب «مختصر البسيوي»، ظل منهجًا معتمدًا في الفقه مدة طويلة.
- عائشة بنت راشد بن خصيف الريامية (ت:1147هـ)، من أسرة بلخفير التي كان لها حضور علمي في مدينتي بَهلا ونزوى؛ حيث خرج منها مجموعة من أهل العلم. وعائشة فقيهة كبيرة، فهي من المراجع الفقهية بعُمان، ولم تأتِ امرأة عُمانية قبلها ولا بعدها مثلها في الفقه، وأقوالها وآراؤها كثيرة منثورة في كتب الفقه العُمانية التي جاءت من بعدها، وقد قيل إن لها كتابًا من جزئين، يسمى «البستان»، لكننا لم نعثر عليه، وإنما وجد لها كراسٌ في آرائها. كان لعائشة الريامية حضور سياسي في عُمان، فقد كانت مع الإمام بلعرب بن سلطان (ت:1104هـ) في مواجهة أخيه سيف بن سلطان «قيد الأرض» (ت:1123هـ)، الذي خرج عليه، فعارضته الشيخة عائشة، وأرسل لها رسالة يحاول فيها أن يثنيها عن رأيها. ولإن تعارض امرأة أحد أقوى حكام عُمان، وأوسعهم نفوذًا؛ فهذا يدل على صلابة شخصيتها، وحضورها القوي في المشهد السياسي العُماني.
- الإمام بلعرب بن سلطان اليعربي، ثالث الأئمة الكبار زمن قوة الدولة اليعربية، سكن بَهلا، واختار أن يبني فيها بجبرين قصره العجيب، الذي لا يوجد له مثيل في جزيرة العرب، وقد أسسه ليكون بيته، وافتتح فيه كلية لتدريس العلوم الشرعية والأدبية، والعديد من المعارف كاللغة والتاريخ، وقد اهتم بها شخصيًا، فتخرج منها العديد من الفقهاء والقضاء والشعراء.
وهكذا هي بَهلا؛ قد حازت قصب السبق في تأسيس العديد من مجالات الحضارة منذ القدم، وقد ذكرت بعض أهم معطياتها الحضارية والعلمية والتاريخية، وإلا فهناك الكثير مما ينبغي أن يذكر لولا خشية الإطالة.