مدرين المكتومية
عانق المنتخب السعودي لكرة القدم المجد المونديالي رافعًا رأس الخليج والعرب عاليًا، بعدما قهر كبرياء الأرجنتين بطل العالم مرتين وأزاح نجوم "التانجو" في مباراة امتلأت بالإثارة والمتعة، فحجب الشمس التي تتوسط علمهم بعدما تضاءل شأنهم، وقلّت حيلتهم أمام طموح الأخضر الجارف وإقدام لاعبيه.
التاريخ الكروي السعودي والعربي سيقف أمام هذا الفوز التاريخي ليحكي قصة كفاح مدونة بحروف من ذهب مخلدا هذا اليوم بموسوعة كأس العالم، أما العرب فغمرتهم سعادة وفرحة ممزوجة بالأمل، من الخليج إلى المحيط.
إنه السعودي الذي حقق أول فوز عربي على الأرجنتين فألقى بالتاريخ في قاع الخليج العربي وضرب بحديث المُحللين والنقاد والمُتنبئين والمتكهنين عرض الحائط غير ناظر للفارق الفني ولا التصنيف الرقمي ولا التاريخ ولا الأسماء، مُؤمنين بالعمل والكفاح والأمل والرغبة والثقة مدافعين عن ألوان علمهم الخفاق ماضين قدما نحو معانقة المجد والعلا، ولا عزاء لميسي صاحب الكرة الذهبية 7 مرات الذي لم يعرف شراسة السعودي وعنفوانه وإصراره.
مبارك الفوز للمملكة العربية السعودية وحكومتها الرشيدة وشعبها الأصيل، يحدونا الفخر بالأخضر الذي يدافع عن العلم العربي وتغمرنا الثقة بقدرته على مواصلة التألق والانتصارات في الاستحقاق العالمي، مترقبين بشغف فوزه الثاني وحجز مقعد في الأدوار الإقصائية .. منصور يا الأخضر.
الحقيقة ورغم عدم شغفي الكبير بكرة القدم، إلّا أن شعورًا داخليًا أجبرني على التسمر أمام شاشة التلفاز في صالة التحرير بمقر جريدة الرؤية، لمتابعة المباراة المثيرة للغاية، التي لم يتوقع أحد على الإطلاق أن يسجل فيها الأخضر السعودي هذا النصر المظفر على واحد من أعرق الفرق في كؤوس العالم على مر التاريخ.
لا يخالطني شك في أن هذا الفوز المؤزَّر لم يكن ليتحقق خارج "دوحة الجميع" دوحة العرب، دوحة الخليج، دولة قطر الشقيقة؛ حيث احتشد الجمهور السعودي وراء منتخب بلاده وانضمت إليه كل الجماهير العربية العاشقة للمملكة. وقد برهنت دولة قطر للعالم أجمع قدرتها على تنظيم مونديال استثنائي وفريد، لا شبيه له على مر كل النسخ التي أُجريت من قبل.
استطاعت دولة قطر الشقيقة أن تقول للمُشككين والمُغرضين إنها قادرة على استضافة نجوم العالم، ومشجعيهم، في ملاعب هي الأكثر تطورًا، مزودة بأفضل الخدمات. افتتحت قطر بطولة كأس العالم لكرة القدم وأبهرت الجميع بحفلٍ خطف الأنظار، ونشر البهجة في نفوس الجميع.
الآمال معقودة على المنتخب السعودي لإسعاد العرب في المباريات المقبلة، التي لن تقل صعوبة عن مباراة الأرجنتين، لكن الأبطال الذين صنعوا هذا المجد الكروي أمام "التانجو" قادرون على مواصلة العطاء وإبهار الجميع.
ما أجمل كرة القدم عندما تشيع جوًا من الفرحة والبهجة في نفوس الملايين، وما أسماها من رسالة تبعث بها هذه الساحرة المستديرة لتقول للجميع إن لغة السلام والوئام والتعايش والتسامح يجب أن تسود، وإن المنافسة الشريفة هي معيار التقدم، وسبيل الأمم نحو تحقيق الطموحات مهما عظُمت.
مبارك للأشقاء في المملكة العربية السعودية هذا الإنجاز التاريخي، ونؤكد لهم أن ملايين العرب من المحيط إلى الخليج يقفون وراءكم ويؤازرونكم، كي تحققوا الحلم العربي، في تحقيق لقب مونديالي.