أم كلثوم الفارسية
المشي لقاؤنا الأول مع أمنا الأرض ووقع خطواتنا الأولى هو بصمة حضورنا لهذا العالم بالمشي نتحرر من سجن بعض الأفكار وبعض الأشخاص أيضا!!
هذه الخطوات التي تبدو لنا أمرًا جسديًا محضًا إلا أنها تحمل في جوهرها الكثير من الأسرار لا سيما أن اتصالنا بالأرض عن طريق المشي يؤكد معنى عميقاً وهو وحدة أصل الإنسان والأرض فكلانا مادة واحدة ومما لا شك فيه أن تأثير الأخذ والعطاء بيننا وارد وأي إنسان يُدقق التأمل في هذه العلاقة سيجد أن هناك تفاعلا حقيقيا يحدث بيننا وبين الأرض نتيجة اتصالنا بأصلنا بالمشي أو السجود أو الجلوس كل أنواع الاتصال مع الأرض ينتج عنها تفاعل يحررنا من أفكار وطاقات ومشاعر وأشخاص سلبية لذلك نجد أن المشي هو النصيحة الأولى لكل المتعبين نفسيا وجسديا وذهنيا إذن فكرة أن المشي مفيد للصحة ليست مقتصرة على النشاط الذي يبثه المشي في الجسد نتيجة تفعيل الدورة الدموية فحسب بل يمتد الأمر إلى التفاعل العجيب والعميق مع أمنا الأرض التي لا تبخل علينا لتمنحنا التوازن والانسجام كلما أخذت منَّا الحياة كل مأخذ.
لا أتذكر في حياتي يوما شعرت فيه بالضعف أو بالإحباط أو بالتوتر أو بقلة الطاقة وأتيت إلى الأرض أعانقها مشياً إلا وعادت لي حيويتي وامتلأت بالطاقة والحماس هكذا هي علاقتي بالمشي أهرول نحو الأرض وكأني أقول لها حرريني من قيودي!!
المشي فرصة مجانية لا تحتاج إلى معدات نستطيع من خلالها إعادة ترتيب ذواتنا في المشي دعوة للحركة والتقدم كل الرسائل الكونية تأتيك واضحة وأنت تمشي وتتحرك لأنك تكون في مستويات عالية من الصفاء الذهني وما أشد حاجتنا لذلك خاصة وأن الحياة العصرية الحديثة تفرض علينا استبعادا قصريا للجسد والروح والعقل في مقابل نهم بشع نحو المادة والمظاهر والأنانية هذه التغيرات بلا شك تحتاج نمط حياة يعتبر المشي جزءا لا يتجزأ منه حتى نخلق مساحة حرة نعود فها إلى ذواتنا من غير تشويه ولا تزوير في المشي فاصل نستحقه بعد تعب يوم كامل.
للشخص المحبط أمشي.. للشخص المنهك جسديًا أمشي.. للمكتئب نفسيا أمشي.. للمديون أمشي للمريض أمشي لا أبالغ إذا قلت بأنَّ المشي الوصفة التي يتفق عليها جميع المختصين في الصحة الجسدية والنفسية والتنمية البشرية.
