الحادي عشر و"الحادي عشر".. كلاهما مهم!!

 

حمد بن سالم العلوي

الحادي عشر الأول من حساب الشهور، فهو الشهر الذي ولد فيه قائد النهضة العُمانية المُباركة، لقد ولد فيه أعزُّ الرجال وأنقاهم جلالة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وقد انتشل عُمان من براثن الجهل والظلام والتخلف، وعلى مدى 50 عاماً مضت، صنع السلطان قابوس دولة ليست من الصفر، ولكن من تحت الصفر بعشرات الدرجات، فلم يكن في عُمان أي سبب من أسباب التقدم والرقي، فلا تعليم ولا صحة، ولا طرقًا، ولا موانئ، ولا مطارات، ولا سيارات عامة، ولا كهرباء، ولا  مباني كالتي نراها اليوم، ولا مالًا عامًا من دخل قومي ثابت ويعتمد عليه، ولا حتى بشر يسكنون الأرض، إلا قلة قليلة ممن منعتهم الظروف عن السفر.

ورغم كل هذه الظروف المُحبِّطة، وسبحان الخالق فقد وُلد هذا الإنسان ليُعوِّض عُمان ما فاتها، وليكن قائدًا استثنائيًا لعُمان من أول نفس تنفسه بعد ولادته في 18 نوفمبر عام 1940م، فقد استطاع هذا الإنسان غير العادي، أن يقود الوطن "عُمان" بعزيمة فذّة، وروح وقّادة؛ ليجعل من عُمان بلدًا عصريًا ومواكبًا للتقدم والتطور والرقي، الذي يضارع في تقدمه، تقدم دول قد سبقت عُمان بعشرات السنين، ولها إمكانيات مهولة من الأموال والبشر، وكل وسائل الرقي والتقدم والازدهار.

أما الحادي عشر من حساب الأيام، فهي تلك التي احتضنها شهر يناير، يوم تولىَّ زمام الأمور في عُمان حضرة صاحب الجلالة السلطان الأمين هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- فلا أحد ينكر أنه استلم الدولة في حساب الأرقام مكتملة البناء، وقد تجاوزت ليست الأربعين عامًا، وهو سن الكمال في الأعراف العامة؛ بل وقد تجاوزته بعشر سنوات فبلغت الخمسين عامًا من العمر، وكان ينبغي ألا يشقى فيها ولا يأسى، ولكن قدَّر الله وما شاء فعل، فأراد الله أن يظهر وبالسرعة الممكنة مهارة القيادة لهذا الربان البارع، وأن في هذا الامتحان جملة مجتمعة من العقد والتعقيدات، وكل واحدة أشد قسوة من أختها، فكان انتقال الحكم في ظروف صعبة مع أزمة الضائقة المالية المزمنة، والأدهى والأمرُّ جائحة كورونا المشئومة. ولأنَّ الزعامة والقيادة تكمن في دوح أسرة كريمة، تناقلت السيادة والزعامة على مدى ما يزيد على قرنين ونصف القرن، فمهما كشّر الدّهر عن أنيابه، أتته الحكمة الفذة بلجام من حديد، وقد أثبت جلالة السلطان "الهيثم" أنه القائد المبارك لهذا الوطن الكريم، وقد انطبق عليه قول الشاعر: "وتصغر في عين العظيم العظائم.."، وحقًا قد صغرت كل العظائم، وما زال الزمام مزمولا بيد واحدة، والأخرى للتوجيه في السير إلى الأمام.

إنَّ عُمان تعيش اليوم عظمتها وأمجادها التليدة، وهي تنتقل في تقدمها درجات كبيرة، وقد اختط لها قائدها المفدى، نهجًا قويمًا وقويًا واضحًا- وبإذن لله- ستبلغه عن قريب، وإن الذي يقال عن النهضة المتجددة، هو حقيقة لا غبار عليها، وإن كان قد يترآى للبعض، أنَّ عُمان تسير على خط نهضوي ثابت، فنقول للحقيقة نعم هو خط ثابت، ولكن مختلف في الوسائل والأساليب، وأن الخط الآن مختلف عمّا سبق، وإنما الخط الحالي أكثر شمولية وطموحاً، وهذا شيء بديهي بعدما اكتملت البنية الأساسية، وأصبح التطوير والرقي والتقدم أكثر جزالة في العطاء، وأكثر رصانة في الأهداف، وأكثر وضوحًا في التوجه الاقتصادي وتنوعه بالإنتاج، وأكثر عزمًا وجرأة في الانفتاح على تنويع الاستثمار ووسائل الدخل، وكما يُقال: "لكل زمان دولة ورجال"، وهنا يظهر للعيان خط رصين في الرقابة والمحاسبة، وهو بادٍ بقطف ثمار هذا النهج الرصين الهادئ، فهو دون شوشرة وكثرة كلام، أو إزعاج للرأي العام، وقد ُسدت ثغرات وثقوب كانت تضرُّ بالمال العام وتقدم الوطن.

الحكمة العُمانية سائرة في سياقها العام، والأهداف الكبيرة التي رسمها القائد المفدى- أعزه الله- سائرة إلى أهدافها، ونحن في عُمان نخلف أثرًا في نهجنا، ولكن لا نحدث ضجيجًا، ولا تستهوينا الفرقعات الإعلامية، طالما ظلت الصورة واضحة، وهي تتكلم عن نفسها بنفسها، ونقول للرأي العام: عليكم أن تدركوا شيئًا واحدًا، ألا وهو لا مقارنة لعُمان مع عُمان نفسها، ولا مقارنة مع قائدها إلاّ مع ذاته، ولا يدرك هذه المعاني القيِّمة، إلّا الذين يفكرون بعمق وهدوء، ويحسبون الأمور بالإنجازات وخواتيمها الطيبة، أما من تشده الفبركات "التويترية" فالله المُعين والهادي له، فجلالته- أعزه الله وأيده بحكمته ونصره- يسير بعُمان واثق الخطوة، مالكٌ لزمام الأمور إلى الغد الواعد، والنصر لعُمان وشعبها الأبيِّ.

وختامًا.. نهنئ جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم بالعيد الوطني المجيد، وأن يُعيد الله هذه المناسبة الكريمة على عُمان وشعبها الكريم، وقد تحققت كل الأماني السعيدة.. وكل عام والوطن ومن يعيش عليه بألف خير.