عُمان تحبنا ونحبها

 

هند الحمدانية

هنا تستريح الروح، وتسكن الجوارح في صمت المكان، هنا تكمن المفردات التي تشكل معنىً للكلام والوئام، هنا تُرسَلُ الحمامةَ البيضاء للعالمينَ فتعود محملةً بغصنِ زيتونٍ رمزا للسلام، هنا يهدأ القلبُ وينتظم النبض يخبر الدنيا بأنه بخير وبأنه على أرض الخير فيسكت الصوت في حضرة عُمان.

هنا اكتَسِبُ لغتي الجديدة، لغتي التي تشبه الشوق الذي يسابقني لوطني، فيسرق مني كل الحروف، يشكل بها أجمل قصيدة تشابه الوفاء الذي تسلل منا إليها وغفا على صدرها ذات ليلة.

إنها عُمان، إنها ثالثُ الوالدينِ، إنها الغالية، إنها الدفء في ليالي الشتاء الباردة، شيءٌ آخر لا يمكن لنا أن نكتبه، لا يمكن بقصورنا أن نبلغه، وهنا توقفت كثيرا، وعدت إلى الخلف سنوات وسنوات، عدت إلى الثمانينات، عندما عُرِضَت على والدي جنسية في أحدِ البلدان المجاورة، لكنه رفض وقال كلمته التي ما زالت حاضرة: كيف نستبدل الأصل والهوية وأي ثمنٍ ذاك الذي قد يُعوض الوطنية؟!

مئاتُ الرجال حذوا حذوَ والدي، تمسكوا بالتراب، تمسكوا بالأرض والهواء، وعلموا أبناءهم معنى الانتماء! إنِّه الوفاء يا رفاق، إنِّه الوفاء الذي لا يقاس بالأشياء لا يقاس بالأخذ والعطاء، الوفاء الذي لا يقاس إلا بالدماء.

هويتنا العمانية تعني انتماءنا لثقافتنا الأصيلة وقيمنا المتينة ولباسنا المميز ولهجاتنا التي نتغنى بها، ووطنيتنا تمثل حدودنا الجغرافية، تمثل سمفونية العشق التي تتناغم فيها الجبال بالسواحل والسهول، تمتزج فيها الأودية بالصحاري والرمال، وتعزفها حدود بلادنا المترامية، فلنستنشق الهواء مع الهوية ولتتدفق في شرايينا الوطنية.

عُمان تحبنا، تشعر بوجودنا، تبادلنا المشاعر وتحتضننا في لحظات أُنسِنا وغُربَتِنَا، أجل تحبنا الأرض التي تنتمي جذورنا إليها، تبادلنا الوفاء والولاء، تمامًا كجبل أحد عندما قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "أحد جبل يحبنا ونحبه"، المكان يعرف أصحابه الأنقياء يميزهم ويبادلهم الحب، تماماً كعُمان وشعبها الوفي، عُمان وطنٌ يحبنا ونحبه.

تعليق عبر الفيس بوك