قبل أن تعترض!

 

هند الحمدانية

لا أوافقكم الرأي.. أنا أعترض بشدة، على ماذا تعترض؟! لا أدري، ولكن أنا أعترض فحسب، هل أنت منهم؟! أولئك الذين يعارضون الهواء الذي يستنشقونه، أولئك الذين يمنعون جرعة الماء المتدفقة من العبور لحناجرهم، أولئك الغاضبون الذين لا يملكون القدرة على الاستماع والفهم، ولكن يملكون كل مهارات الصراخ والصخب وإحداث الضجيج، هل أنت منهم؟!

لماذا يتبنى البعض كلمة "لا" وكأنها جزء لا ينفصل عن تكوينه، يراعيها دائمًا في مواقف الحياة وظروفه الشخصية والعامة، ويحتضنها مع كل حدث للتجديد ومع كل قرار جديد، حتى أصبحت هويته وأصبحت سمة ملازمة لوجوده.

هو معترض على كل شيء وأي شيء، هو لا يتقن إلا سياسة الرفض، وفلسفة النقد، ومفردات الهرج والمرج، فهل أنت منهم؟!

الأحكام السلبية التي تسبق الإصغاء ولا تحاول فهم المجريات أو التثبت من الحقائق والمعطيات هي أحكام فاشلة جملة وتفصيلا، ما يقوم على أرض خواء لا يمكن أن يزدهر ويثمر، كذلك العقول الخواء التي ترفض أن تنفتح على معطيات الواقع، ترفض أن تصغي لصوت الحقيقة الحق الذي لا يتلاءم وأهوائهم، أولئك الأشخاص مجوفين جدا وفارغين من الداخل تنقصهم الرؤية السليمة والأهداف الواضحة والمعرفة الواسعة والكثير من الجهد لمسح الضباب الذي خيم على عقولهم المعطلة.

فكيف لعقل ممتلئ أن يصدر صخبًا وضجيجًا منفرا، لا يصدر الضجيج إلا من قرع الطبول الفارغة، لذلك تجدهم يستنكرون وينددون ويتسرعون بأحكام الإنكار والرفض القاطع، وعلى الصعيد الآخر تبحث لهم عن عذر أو معنى لحياتهم، تفتش فيها لربما تجد شيئا يكفل لهم سببا لهذه الفوضى التي تُضَيع عليهم فرص الحياة التي لا يستطيعون تمييزها بسبب ضعف بصيرتهم وشتات أمرهم، فتجدهم تائهين، يتخبطون في معترك تياراتٍ لا ينتمون لها واتجاهات مُغايرة لم يدركوا غايتها وأفكارٍ دخيلة لا ينتسبون إليها.

لذلك قبل أن تعترض في المرة القادمة، اصغِ جيدًا للحديث وافهم المعنى ظاهره وباطنه، وثقف نفسك حول الأمر واكتسب شيئا من المعرفة، وإذا استطعت أن تسأل أحدًا مختصا وتستزيد، فسيكون هذا الإجراء أمرًا جيدًا ومفيدا، فإذا انتهيت من كل هذه الخطوات اسأل نفسك عن الإنجازات، فقبل أن تقول لا ولا يجب صرح لنفسك قبل الجميع بما تحب وما تَهِب، فهل لديك إنجازات لرؤية سامية تكافئ قيمة الحياة، وهل لديك نظرة شاملة وواسعة من خلالها قررت أن تقول "لا" وأنا أرفض هذه الواقعة.

فكر جيدًا يا صديقي في المرة المقبلة واحسب حسابًا لكل حرف قبل أن تلقي به!

 

 

تعليق عبر الفيس بوك