لماذا.. العرض خارج الأرض ؟!

 

د. أحمد العمري

 

لقد شاهدت بألم وحسرة كما شاهد الكثيرون المقطع المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي والذي يُظهر مُواطنًا عمانيًا يعرض بضاعته على قارعة الطريق في أحد شوارع دولة الكويت الشقيقة.. وقد صاحب المقطع صوت المصور وهو يستنجد بأهالي الكويت الكرام لتخفيف مُعاناة هذا العُماني المسكين ليشتروا بضاعته ويتخلص من حر الشمس ويعود إلى بلاده.

وهنا نقول للمصور جزاك الله خيرًا سواءً كنت  بحسن نية أو غير ذلك.

إننا في دول مجلس التعاون الخليجي وإن اختلفت أسماء القادة- حفظهم الله- وكذلك أسماء الدول وتعددت ألوان الرايات، نبقى أراضي وحكومات وشعوبا واحدة، مسيرنا واحد ودربنا واحد والله لا يغير علينا.

وليس من العيب أن يظهر عُماني في الكويت أو كويتي في قطر أو قطري في السعودية أو سعودي في الإمارات أو إماراتي في البحرين أو بحريني في عمان.

ولكن إذا حسبنا التكلفة والمشقة والمسافة من منظور الربح والخسارة، فسنجد ودون أدنى شك أنَّ هذا المواطن العماني لو عرض بضاعته في السيب أو المعبيلة أو الخوض أو الخوير أو حتى في الرستاق أو صحار أو خصب أو البريمي أو عبري أو نزوى أو إبراء أو صور أو هيماء أو صلالة، لكان أسهل له بكثير وأسرع في البيع وأكثر فائدة ومردودا دون تعب أو عناء أو قطع المسافات.

قد يقول قائل إن الحاجة دفعته للسفر إلى شمال الخليج ليعرض بضاعته.. ولكن بحسبة بسيطة وتمعن فإن فائدته ستكون أعظم دون أن يهاجر ببضاعته إلى خارج الحدود!!

إننا في سلطنة عمان لا نترفع ولا نتأفف عن أي عمل أبدًا مهما كبر أو صغر؛ بل نعتبره من المقدسات ان يسعى ايا منا خلف مصدر رزقه ومورد عيشة حسب ما أمر رب العالمين وحثنا عليه رسول الإنسانية صلى الله عليه وسلم... ولكن بالمنطق والمعقول ووضوح الأسلوب والمنهج.

فالخير ولله الحمد موجود ومصدر الرزق متوفر وما علينا سوى السعي والجدية والجهد والاجتهاد (اسعَ ياعبدي وأنا معك)

أما عن الأوضاع الاقتصادية فإنها مشكلة لا تعاني منها سلطنة عمان  ولا الإقليم المحيط فحسب بل  قد أضحت معاناة دولية تساوت فيها دول العالم الأول والثاني والثالث وحتى الأخير وخاصة بعد جائحة كورونا والحروب المستعرة في شتى بقاع الأرض وعلينا أن نشد العزوم ونشحذ الهمم ونجد ونجتهد مع الحفاظ على الهوية العمانية المتميزة والكرامة الوطنية الخالدة والافتخار والاعتزاز بالوطن مهما كانت الصعوبات وكبرت التحديات.

وهنا أتذكر قول الشاعر:

بلادي وإن جارت عليَّ عزيزة..

وأهلي وإن بخلوا عليَّ كرام.

وجميع دول العالم لديها من المشاكل الكثير والكثير ولديها من الهموم ما يشيب منه المواليد ولكن كرامتها وعزها وافتخارها بأوطانها لا تسمح لمواطنيها بأن ينشروا غسيلهم أمام الآخرين، فكما يُقال البيوت أسرار والوطن هو البيت الكبير الذي يتسع للجميع وله أسراره وتقديره ومكانته وعزته واحترامه وتمجيده.

فما بالكم ونحن نعيش النهضة المتجددة برؤية 2040 وبقيادة الهيثم العظيم ونتطلع بكل أمل وتفاؤل للمستقبل القريب الواعد إن شاء الله. وقد بدأت البوادر تنساب والرذاذ يتساقط في عيش كريم ونعمة الأمن والأمان فلا يوجد للعماني أعداء على الكرة الأرضية وهذا شيء نادر في عالمنا اليوم ولا يحس بهذه النعمة إلا من افتقدها.

حفظ الله عمان وسلطانها وشعبها.