اليوم.. السيد بلعرب بن هيثم يكرم الفائزين في حفل بدار الفنون الموسيقية

سلطنة عُمان تستضيف "جائزة الآغا خان للموسيقى" احتفاءً بالإبداعات الاستثنائية.. وتكريم خاص للباحث الموسيقي مسلم الكثيري

الموسوي: عُمان تبذل جهودًا مُقدرة لجعل الثقافة قاسمًا مشتركًا بين الشعوب

أمين آغا خان: استضافة سلطنة عُمان لحفل الجوائز تحمل بعدًا رمزيًا عميقًا

منح جائزة "إنجاز العمر" إلى الموسيقي الهندي ذاكر حسين

 

 

 

الرؤية- مريم البادية

 

رعى صاحب السُّمو السيد كامل بن فهد آل سعيد الموقر أمين عام في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أمس، انطلاق أعمال الدورة الثانية لجائزة الآغا خان للموسيقى، التي تحتفي بالقدرات الإبداعية الاستثنائية والواعدة وبالمشاريع المتخصصة في كافة مجالات الموسيقى، في حدث تستضيفه السلطنة لمدة 4 أيام متتالية.

وتضمن الحفل إعلان الفائزين بالجائزة في فئة الأداء إلى جانب تقديم جائزة الراعي الخاصة وإحياء فقرات موسيقية تجمع بين الفائزين العشرة من 13 دولة، عبر عرض موسيقي شارك فيه أساتذة الموسيقى الحاصلون على جوائز الآغا خان للموسيقى والفنانون الفرديون والفرق الموسيقية المتأهلة.

وشهد حفل الأمس توزيع الجائزة الخاصة عن "إنجاز العمر" والتي ذهبت إلى الهندي ذاكر حسين، تقديرًا لنموذجه البارز للموسيقى المستنيرة عبر الثقافات، وكذلك تكريم الباحث الموسيقي العُماني مسلم بن أحمد الكثيري بجائزة خاصة لتميزه في خدمة التراث الموسيقي العماني، وهي الجائزة التي منحتها لجنة التحكيم له عرفانًا بما قدمه من إسهامات مهمة في جمع الموسيقى العمانية وتوثيقها وحفظها ونشرها. والكثيري باحث موسيقي ومدير أعمال فنانين، وهو فنان ومُلحن، وله إسهامات مهمة في جمع الموسيقى العمانية وتوثيقها وحفظها ونشرها، ومؤلف لكتب وفصول كتب ومقالات حول الموسيقى العمانية المنشورة باللغتين العربية والإنجليزية، بما في ذلك، مساهمة في "الموسيقى في الجزيرة العربية..  وجهات نظر حول التراث والتنقل والأمة"، التي نشرتها مطبعة جامعة إنديانا عام 2021. وقام مع فرقته "البلد" بتأليف وتسجيل العديد من الموشحات الأصلية. وكان مديرًا لمركز عمان للموسيقى التقليدية (2006 -2019)، والذي تأسس في عام 1983 بمبادرة من السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه. وأكد الكثيري فخره واعتزازه بالحصول على هذه الجائزة المهمة، التي ستكون دافعًا لإسهامات أخرى في ذات المجال.

وفي السابعة من مساء اليوم الأحد، يرعى صاحب السُّمو السيد بلعرب بن هيثم آل سعيد حفل توزيع جوائز الآغا خان للموسيقى بدار الفنون الموسيقية.

قاسم مشترك

وألقى سعادة جمال بن حسن الموسوي الأمين العام للمتحف الوطني كلمة قال فيها إن سلطنة عمان تبذل جهودًا مقدرة في جعل الثقافة قاسمًا مشتركًا بين الشعوب، وذلك من خلال تعريف العالم بما تزخر به من ثراء ثقافي ومعرفي عبر الفعاليات الثقافية التي تضطلع بها أو تشارك فيها والمقامة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني بمختلف مشاربه الثقافية والاجتماعية. وأضاف أن استضافة سلطنة عُمان لجوائز الآغا خان للموسيقى في نسختها الثانية تأتي في إطار مد جسور التواصل والصلات بين مختلف شعوب العالم وتعزيز التعاون المشترك عبر تفعيل قنوات التواصل الثقافي على كافة مستوياتها الرسمية والمجتمعيّة. وأكد الموسوي أن التراث الموسيقي لسلطنة عُمان يعود لفترة ما قبل التاريخ من خلال أقدم آلة موسيقية والمكتشفة بموقع رأس الحد الأثري، والتي يُمكن مشاهدتها بالمتحف الوطني بقاعة التراث اللامادي، هذه القاعة التي تقف دلالة للأهمية التي توليها سلطنة عُمان للتجربة الموسيقية. وأضاف أن السلطان برغش بن سعيد البوسعيدي أنشأ مقامة للدولة الزنجبارية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي. وتابع قائلًا: "بدأت نهضة عُمان الحديثة مُنذ عام 1970 وإسهامات السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- غير منقطعة بتطور الموسيقى؛ حيث عنيت الحكومة العُمانية بالمؤسسات التي تعنى بالموسيقى، والتي توجت بصرح دار الأوبرا السلطانية مسقط الشاهد للعيان عام 2011".

وأوضح الموسوي أنه تم إنشاء الفرقة السلطانية الأولى للفنون والموسيقى الشعبية في العام 1976، وتأسيس الأوركسترا السمفونية السلطانية العمانية في العام 1985 تحت الإشراف المباشر للسلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه-، مشيرًا في السياق ذاته إلى مركز عُمان للموسيقى التقليدية والجمعية العمانية لهواة العود.

وشدد سعادة الأمين العام للمتحف الوطني على أن الموسيقى لغة عالمية يتحدثها جميع البشر ويفهمها الجميع دون عناءٍ أو مشقة بها تتوحد الشعوب وتتمازج بها أسس الحوار الحضاري، والتي نسعى من خلالها لإبراز دور سلطنة عمان ومفرداتها العمانية، وما تتميز به من تنوع وأنماط معرفيّة وحضارية ثرية.

واختتم الموسوي كلمته بتوجيه التهنئة إلى الفائزين، كما هنأ الموسيقي العُماني مسلم بن أحمد الكثيري لحصوله على جائزة الآغا خان للموسيقى الخاصة تقديرًا لإسهاماته الدائمة في الحفاظ على التراث الموسيقي العُماني وتعزيزه.

كلمة الآغا خان

وألقى الأمير أمين آغا خان، كلمة، أكد فيها أن استضافة سلطنة عُمان لحفل الجوائز في دار الفنون الموسيقية بدار الأوبرا السلطانية، تحمل بعدًا رمزيًا عميقًا؛ إذ إنه حفل يحتفي لا بالإبداع الفني والأكاديمي الملهم وحسب؛ بل بما للموسيقى والموسيقيين من المرونة الصامدة والرسوخ في الأوقات الصعبة. وقال: "لا عجب في أن نختار للاحتفال بهذا الحدث السعيد هذا المكان المميّز في سلطنة عُمان، الدولة التي تولي الفنون مكانة مركزية، والتي تتيح لفنون العرض والأداء المنبثقة من الثقافات الشرقية والغربية فرصة تلاقٍ، يشهد لها هذا الصرح المعماري الرائع الذي يجمعنا هنا الآن". وأضاف: "يدرك الحاضرون منا هذا المساء جيدًا مقدار المعاناة التي أصابت الموسيقيين وزملاءهم من الفنانين في المسرح والرقص، بسبب جائحة كورونا الظالمة. وغياب فرص عروض الأداء الحي، بين عشية وضحاها، لم يمثّل، بالنسبة إليهم، مجرّد خسارة لسبل العيش والبقاء؛ بل كان يعني أيضًا فقدان مصدر حيوي للإلهام، هذا الإلهام الذي ينبع من داخل فناني الأداء، وهم يؤدّون فنّهم أداء حيّا مباشرًا بحضور الجمهور، ويكون بمقدورهم الإحساس بما تولّده فيه موسيقاهم من الانفعالات والأفكار". وتابع القول: "لقد أثبت الفائزون، الذين تمّ اختيارهم لنيل الجوائز هذا العام جميعهم، التزامًا قويًا بالخدمة الاجتماعية على أنواعها، وفي صدارتها العمل التربوي بمثابة مدرّسين وموجّهين".

قائمة الفائزين

وتضم قائمة الفائزين بجوائز الآغا خان للموسيقى، 10 فائزين هم: الهندي ذاكر حسين، الذي حصل على جائزة خاصة عن "إنجاز العمر" تقديرًا لنموذجه البارز للموسيقى المستنيرة عبر الثقافات التي رفعت مكانة الطبلة في الهند وحول العالم من خلال تعاوناته التي لا تعد ولا تحصى وجولات الحفلات الموسيقية واللجان والتسجيلات وعشرات الأفلام. وأفيل بوكوم من دولة مالي، وهو مغنٍّ وعازف جيتار من "نايفونكيه"، وهو تجمع موسيقي بين الجيتار الصوتي والآلات المحلية لتردد صدى صوت "موسيقى البلوز الصحراوية" بأسلوب تراثي قائم على التقاليد العريقة. والهندي آسين خان لانجا، وهو عازف آلة سارانجي ومغنٍّ وملحن وناشط من مجتمع لانجا الموسيقي الوراثي في ولاية راجاستان؛ حيث يؤدي الشعر الصوفي على ألحان تقليدية وتأليف حديث. والموريتاني كومبان منت إيلي ورقان وهو مغنٍّ وعازف قيثارة من ترارزة، بجنوب غرب موريتانيا، ويعزف موسيقى الجريوتس الموريتاني بأسلوبه التقليدي البحت. والأفغاني داود خان سادزاي الذي يعد أحد رواد موسيقى الرباب الأفغاني الذي كان له تأثيره الكبير في الحفاظ على الموسيقى الأفغانية وتطويرها ونشرها في جميع أنحاء العالم. والإندونيسي بيني كاندرا ريني، وهو ملحن ومرتجل ومغنٍ ومعلم إندونيسي أسهمت معرفته بالفنون الإندونيسية التقليدية في تقديم أعمال حديثة منتجة بشكل إبداعي في جميع أنحاء العالم. والبريطاني سوميك داتا، وهو عازف آلة السارود الذي يدمج تدريبه في الموسيقى الكلاسيكية الهندوستانية (الموسيقى الكلاسيكية الشمالية الهندية) مع موسيقى البوب والروك الإلكترونية والموسيقى التصويرية للأفلام التي أسهمت في زيادة الوعي بالقضايا الاجتماعية الملحة، بما في ذلك تغير المناخ واللاجئين والصحة النفسية. والتنزاني يحيى حسين عبد الله، وهو مغنٍّ وملحن لأغانٍ تعبدية ومقرئ للقرآن من دار السلام في تنزانيا، ويؤلف ويغني باللغة السواحيلية، إضافة إلى بعض اللغات المحلية البالغ عددها 126 لغة في تنزانيا. والإيرانية ياسمين شاه حسيني، وهي رائدة آلة العود التي أعادت تخيل مكانة هذه الآلة في الموسيقى الإيرانية من خلال مؤلفاتها المبتكرة وارتجالاتها. والباكستانية زارسانغا، وهي مغنية من خيبر بختونخوا، في باكستان، وتُعرف باسم "ملكة الفولكلور البشتوني" لتفانيها طوال حياتها المهنية في الموسيقى التقليدية المنقولة شفهيًّا للقبائل البشتون. والهندي ديلشاد خان وهو عازف آلة السارانجي من الجيل العاشر من سلالة وراثية في ولاية راجاستان يقوم بتوسيع لغة السارانجي في موسيقى الأفلام ومن خلال المشاريع التعاونية المبتكرة عبر الثقافات. وفرقة كلشان الإيرانية المكونة من أربع نساء يعزفن الموسيقى التقليدية الإيرانية بصوت معاصر وينشطن كمعلمات، مع التركيز بشكل خاص على نقل تقاليدهن الموسيقية إلى الفتيات والنساء. والباكستاني سين زهور، وهو موسيقي بنجابي يمارس طوال حياته غناء الشعر الصوفي في الأضرحة والمهرجانات المحلية، والتي تكون غالبًا مصحوبة بالحماسة. ومعهد سيد محمد موسوي وماهور بإيران وهو مؤسس ومدير معهد ماهور للثقافة والفنون منذ فترة طويلة؛ حيث قدم إسهامات أساسية في تطوير الموسيقى وعلم الموسيقى الإيراني. والأندونسيان ذو الكفل وبرعام وهما من نشطاء تقاليد الأغاني الآتشية وعملا على بناء المجتمع بين الشباب من خلال مشاركتهم في فرقة برعام التقليدية للغناء وقرع الطبول التي أنشأها ذو الكفل.

نبذة عن الجائزة

يُشار إلى أن جائزة الآغا خان للموسيقى تأسست في عام 2018، وتقام كل ثلاث سنوات، لتحتفي بالقدرات الإبداعية الاستثنائية والواعدة وبالمشروعات المتخصصة في كافة مجالات الموسيقى ابتداءً من الأداء والابتكار والتعليم وصولًا إلى الحفاظ على التقاليد الموسيقية وإحيائها في المجتمعات التي يحظى فيها المسلمون بحضورٍ كبير في مختلف أنحاء العالم، بجوائز مالية قدرها 500 ألف دولار أمريكي. وقد تم تنظيم حفل توزيع جوائز الآغا خان للموسيقى في نسخته الأولى في العاصمة البرتغالية لشبونة بين 29 و31 مارس 2019؛ حيث قامت مؤسسة كالوست غولبنكيان باستضافته بالتعاون مع بلدية لشبونة.

وتُدار جوائز الآغا خان للموسيقى من قِبل لجنة توجيهية يشترك في رئاستها الآغا خان وشقيقه أمين آغا خان، إضافة إلى أعضاء اللجنة الآخرين، فيما تتكون لجنة التحكيم العليا لدورة الجوائز لعام (2020 -2022) من فنانين بارزين ومبدعين في مجال الموسيقى من سبع دول في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا وأمريكا الشمالية.

ويجمع برنامج الآغا خان للموسيقى جميع أنشطة مبادرته وجوائزه، إضافةً إلى إدارة جوائز الموسيقى، كما سيتولى البرنامج دورًا قياديًّا كمبتكرٍ ومبدعٍ في مبادرة الموسيقى سابقًا في مجالات متعددة وهي: تعليم الموسيقى والفنون، وتكليف الموسيقى وإنتاجها ونشرها، وتوثيق التراث الموسيقي وتنشيطه.

وتؤدي عملية المواءمة بين أنشطة مبادرة الموسيقى وجوائز الموسيقى ضمن برنامج واحد وشامل إلى إيجاد تعاون بين المشروعات والأشخاص، إضافةً إلى دمج الفائزين بجوائز الآغا خان للموسيقى في شبكة التعليم الحالية الخاصة ببرنامج الموسيقى، في حين سيتولى القسم المسؤول عن نشر الموسيقى، والذي تم إنشاؤه حديثًا، إدارة حقوق الملكية الفكرية للتسجيلات والمنشورات والمواد التعليمية والمؤلَفَات الموسيقية والأفلام التي قام بتطويرها مجموعة من المعلمين والفنانين في كافة مجالات نشاط برنامج الآغا خان للموسيقى.

ويتألف برنامج الآغا خان للموسيقى من 4 مجالات برمجية مترابطة، وهي: التعليم والتوجيه، والإبداع والأداء، والإنتاج والتوثيق والنشر، والمشروعات على الإنترنت والأرشيف الرقمي. وشكّل تعليم الموسيقى أحد العناصر الأساسية في مبادرة الآغا خان للموسيقى، وهو لا يزال محوريًّا في جهود برنامج الآغا خان للموسيقى لدعم إعادة إحياء وتطوير ونقل التراث الموسيقي الإسلامي في اللغات الفنية المعاصرة المستوحاة من التقاليد ولكن بشكل لا يقيّدها.

ويتم منح فرصٍ لتأليف وأداء المقطوعات الموسيقية، التي تجسّد المفاهيم المعاصرة المتعلقة بالتراث الموسيقي، لكل من أطفال المدارس الصغار، والمهنيين الشباب الطموحين، وأساتذة الموسيقى الحائزين على جوائز الآغا خان للموسيقى، والفنانين الفرديين، والفرق الموسيقية، ومجتمعات الفنون في شبكة برنامج الآغا خان للموسيقى.

تعليق عبر الفيس بوك