وقفات سريعة في حق عُمان!

 

حمد بن سالم العلوي

 

الوقفة الأولى: المسؤول الأسطورة

يحلو للبعض تسويق اسم مسؤول ما، فيصوّرون ذلك المسؤول بـ"الأسطورة" الذي لا مثيل له، وأن العُمانيات لم يلدن إلاّ واحدًا، وكان فلتة زمانه، فعلى يده تُحل كل العقد الإدارية والمالية، والقيادية والقيم الإنسانية والاجتماعية، وحتى التربوية والأمنية، فكيف لا وهو الذي أوجد كذا وكذا بفكره الرائع، وحكمته لمِا وراء المعقول واللا معقول.

إذن؛ كل الأمور التي استعصى على غيره حلها، يرشحه مادحوه لها، فيُشيعون في تغريداتهم التويترية هذا الكلام، أو من خلال فطحلتهم الكتابية في الواتساب، ويقولون إن هذا الفطحل سيحل مشكلة وزارة كذا أو وزارة كذا أو مؤسسة كذا، إن هو تولاها، ولم يتبقَ لهم إلا أن يقولوا هذا هو "الفرعون"، والمسكين تخدعه الفرعنة ويركن إليها بعض الشيء، لا أعرف إن كان بغفلة منه، أو نزولًا مع المديح الباهر.

وآخرون على نقيضهم تمامًا يمتعضون من هذه الإشادات الرخيصة، والتي هي حقًا ليست في مكانها، وإن الذين يعرفون هذا "السوبرمان" يعلمون قلة حيلته عن التفكير والإبداع، وإنه مفلس من الفكر والفهم، وإن كان أصبح غير مفلس من المال، ويظنون أن قلة كلامه ليس لحكمة ما، أو لأنه هو يفضل العمل على الكلام، والحقيقة المرة أنه مفلس من الكلام والمنطق، وأن النجاح الذي يعزى إليه، ليس بفضله وإنما بفضل المال الذي تحت يده، والسلطة التي خُوِّلت إليه، ولا علاقة لمِا يتباهى به البعض من إنجازات عظيمة به، فليس كل الذي يترآى لهذا البعض، يمثل الحقيقة الكاملة، لذلك يقول البعض الذي على النقيض، خفُّوا علينا من الوطء كما يقول الشاعر "فلا كعبًا بلغتم ولا كلابًا" ويرجون ذلك منهم، رأفة بعقول العارفين بهذا الفطحل، الذي لا فطحلة ترجى من عمله، وما يدرينا لعله هو من يوجه بالإشادة به، كلما أقترب حبل الحقيقة من عنقه، ولا ظنه سيظل يلعب بحرية مطلقة إلى فترة طويلة، فربما كثرة الإخفاقات قد بدأ ريحها يطفو على السطح.

الوقفة الثانية: الهروب إلى الأمام

أقول لأولئك الذين يتكلمون عن مشاريع بعيدة المدى، إن حديثكم جيد جدًا عن المستقبل، ولكن لا تسخروا من عقول الناس عندما تختمون الكلام عن تلك المشاريع، والمأمول في تحققها عام 2050 مثلًا، أن تقدم مليون وظيفة، ولكن لشباب ذلك الزمان، وأنت نفسك أيها المتحدث لا تعلم إن كان سيبلغ بك العمر إلى ذلك الوقت البعيد حتى تتأكد من تحقق أحلامك؟! فالناس يتساءلون عن اليوم والغد، وأقصى شيء 6 أشهر أو حتى سنة بالكثير، فمثل هذا الكلام بالعامية يسمى "مقسة" وأنت حاشاك عن هذا الوصف، والناس يريدون أن تكلمهم عن شيء ملموس محسوس، وسهل قياسه وتطبيقه، أما هذا السراب الذي أصبح يلجأ إليه البعض، فهو مرفوض لأنه غير مقنع البتة، ويزيد من الغضب والاحتقان.

الوقفة الثالثة: التّحفيز والمكافآت

تجري أمام أعيننا نجاحات عظيمة.. وعلى سبيل المثال؛ تلك النجاحات اليومية التي يقدمها أهالي ولاية نزوى في التجارة، وصناعة السياحة، والاعتناء بالزراعة والأرض، فهذا شعب يعرف ما يُريد، فعلى الحكومة بشكل عام، والمحافظة بشكل خاص، أن تقوم بدعم هؤلاء القوم بكل وسائل الدعم المادي والمعنوي والفني، أولًا لأنهم أناس منتجون ومبدعون في عملهم، وأصبحوا قدوة حسنة يقتدى بها، ومن هنا تنطلق التنمية الوطنية في كافة النواحي والأرجاء، ومن هنا ستبدأ بؤرة الصناعة والإنتاج في السلطنة، وليس أولئك الإتكاليون الذين يسهّلون للوافد بأسمائهم، العبث في الأرض وإفسادها، ويرتضون بنسبة يسيرة من المال الحرام.

الوقفة الرابعة: الأرض طيبة وخصبة

يجب أن تهتم الدولة بالزراعة، والاهتمام بالزراعة لا يكفي أن يتوقف الأمر على التشجيع المعنوي الإعلامي، وإنما يجب أن يشمل ذلك الدعم المادي والفني، وإنشاء السدود لتخزين المياه، وتوفير البذور الطيبة، وكذلك تسويق المنتجات الزراعية، فلا يتركوا المواطن فريسة سهلة أمام الوافدين، فيظلون يترصدون المنتجات الزراعية الرخيصة، ويشترونها بأثمان زهيدة، ومن ثم يقومون ببيعها بأضعاف مضاعفة عن سعرها الأصلي. فقد كنت ذات مرة في دكان للخضار، وأتى رجل وقور مهيب ببياض شعره، فعرض في وشوشة بينه وصاحب المحل ثلاث ربط من النعناع كل ربطة لا تقل عن خمسة كيلوجرامات، فعملت من نفسي متشاغلًا بالمعروض من الخضروات، فأجبَرَ صاحب المحل ذلك المزارع على بيع كل ربطة نعناع بـ300 بيسة، وذهب، فقلت له؛ أشتري الواحدة منها بريال (فضحك صديق من كلامي) فأتصور أن كل ربطة من تلك الربط ستأتي لذلك البائع بمبلغ بين خمسة عشر وعشرين ريالًا.

الوقفة الخامسة: وبجانبها ينضح البحر

هكذا قال مازن بن غضوبة الصحابي العُماني عندما طلب من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يدعو لأهل عُمان فقال: "يا رسول الله إن البحر ينضح بجانبنا، فادعُ الله في ميرتنا وخفنا وظلفنا، فقال النبي: اللَّهُمَّ وسّع لهم وعليهم في ميرتهم، وكثّر خيرهم في بحرهم". إذن؛ بحق دعاء الرسول عليه السلام لأهل عُمان، أن نجعل من الصيد البحري مرتكزًا أساسيًا في ميرتنا ورزقنا، فيجب أن يكون هذا الصيد بملء سمع وبصر الحكومة، وأن توظف فيه الأيدي العُمانية وحدها، وإن أستلزم الاستعانة بالوافدين، فيجب أن يكونوا بدرجة معاونين وحسب.