مواقع التواصل تكشف المستور

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

 

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة المتنفس للعديد من مستخدميها حينما بات المواطن مضطرًا لبث شكواه عبر الفضاء المفتوح، بعد أن أغلقت الأبواب وسدت المنافذ أمامه، ولم يجد ضالته سوى في بث شجونه عبر وسائل التواصل.

ما دعاني لكتابة هذا المقال هو ذاك المقطع المرئي لإحدى الأخوات الغيورات على بلدها ومنطقتها وتحديدًا في إحدى ولايات شمال الباطنة وهي تبث معاناة المنطقة السكنية التي تقطن بها وما تعانيه نتيجة الإهمال من قبل أحد القطاعات الخدمية والذي كان عبارة عن تسريبات في شبكة المياه وما نتج عنه من مخلفات شوهت المنظر العام وإساءة لجمالية المكان .

وذاك الشاب الذي طالته يد التسريح من عمله وما أكثر ضحايا التسريح لدينا؟! ولم يجد طريقة لإنقاذ منزله الذي أنشأه عن طريق البنك من البيع في المزاد بعد أن طالبه البنك بالسداد سوى بث شكواه عبر مواقع التواصل وكان له ما أراد بعدما تحرك أهل الخير من خلال الطلب من الإدارة العليا للبنك تأجيل بيع المنزل لمدة شهرين وهو ما تحقق والشكر هنا كذلك يوجه لسعادة راشد بن سعيد المنجي عضو مجلس الشورى عن ولاية إبراء؛ لدوره الكبير في الموضوع، وهذا ما يجب أن يكون عليه عضو مجلس الشورى، مساندًا متضامنًا مع جميع فئات المجتمع.

هناك العديد من المقاطع التي تتحدث عن ظاهرة مجتمعية سلبية أو تكشف المستور عن قصور في أداء بعض القطاعات الخدمية ولا يقتصر الأمر على المقاطع؛ بل وحتى التغريدات، فتجد جهة ما لا تلتفت لمناشدة مواطن قدَّم رسالة أو طلباً وقد تظل حبيسة الأدراج أو قد تراها لا تصل للمختص نفسه، وعند كتابة المواطن صاحب العلاقة لتغريدة عن نفس الموضوع وتنتشر بعدها كانتشار النار في الهشيم، ترى الجهة مباشرة ترد على الفور بالتواصل معه وتقديم كافة الخدمات له!!

الأمثلة عديدة وأذكر منها ما جرى لي شخصيًا حينما لم تقم إحدى الشركات الخدمية التي تقدم خدماتها للمجتمع بشكل يومي بدورها على أكمل وجه؛ بل واستمر ذلك لأيام والوضع على ما هو عليه وربما تعدى ذلك ليمتد تأثيره ليشكل ضررًا على نواحٍ أخرى، وعندما غردت عبر  تويتر بذلك مرفقًا صورة لما أصبح عليه الوضع، تفاعلت الشركة مباشرة وطلبت رقم هاتفي للحصول على مزيد من المعلومات لإصلاح ما يُمكن إصلاحه.

الحال نفسه ينطبق على ما جرى لأحد الإخوة عندما أخبرني شخصيًا حادثة معاناته حينما قدم طلباً عن طريق مكتب سند لطلب معاملة من إحدى الجهات الحكومية الخدمية، واتضح لاحقًا أن بها خطأ لا يمكن تعديله إلا من الجهة نفسها، وبعد عدة اتصالات وبعد مراجعات عدة للجهة الخدمية لم يتم التعديل، فاضطر صاحب العلاقة لكتابة تغريدة على منصة تويتر يشرح بها حالته، فورد له اتصال لاحقًا من أحد المسؤولين من الجهة نفسها يلومه على كشف الموضوع على الملأ ويسأل عن موضوعه وحيثياته.

السؤال هنا: ما الذي يستدعي بعض الجهات الخدمية سواء أكانت حكومية أم خاصة لعدم التجاوب المباشر مع المواطن وتعقيد الأمر عليه عبر إجراءات بيروقراطية معقدة أو عدم الاهتمام بموضوعه من الأساس سوى عندما يلجأُ لمواقع التواصل ويكشف المستور؟ العمل هنا يجب أن يكون أمانة وهو ما يجب أن يكون على رأس هرم أولويات الإخلاص الوظيفي والأمانة الوظيفية متمثلا في الصدق عند التعامل مع قضايا العمل وتجنّب النفاق أو المراوغة والخداع والأمانة في أداء الأعمال والالتزام بالقواعد ووجود رقابة ذاتية لدى الموظف. ومن هنا يجب محاسبة ومتابعة كل موظف ميداني من مأموري الضبط القضائي والمفتشين وغيرهم لا يقوم بعمله بإخلاص وإتقان في متابعة شكاوى المواطنين لأي قصور تمهيدا لإزالته وإصلاح العيوب لا سيما وأن الدولة وفرت له كل الأدوات اللازمة لإنجاح عمله الميداني من علاوات وأدوات ومركبات ومعدات.

من الضروري أن تُفعّل هنا دوائر خدمات المراجعين وإعطاء الصلاحيات الصريحة لها لمتابعة أية مواضيع عاجلة وتفتح أبوابها لكل مراجع عاقه أمر ما ويعاد تنشيط قنوات التواصل مع المراجعين عن طريق صناديق الاقتراحات أو الخط الساخن أو عن طريق الإيميل ليستشعر المواطن بأهمية الخدمات المقدمة له ومتابعتها على أكمل وجه وهو ما يتجسد في رؤية "عُمان 2040" التي ترتكز على 3 أعمدة أساسيّة يمثّل الإنسان ممثلا في المواطن جزءًا لا يتجزأ منها.