حمود بن علي الطوقي
منذ أن بدأت العمل في بلاط صاحبة الجلالة التقيت بسُّمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في أكثر من مناسبة، ولعل عملي كمدير لمكتب جريدة الاتحاد في مسقط في التسعينيات من القرن الماضي، فتح لي مجالا للقاء سُّمو الشيخ محمد بن زايد وأخيه سُّمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية، وآخر لقاء معهما إبان انعقاد القمة الخليجية العربية الإسلامية في العاصمة الرياض.
اليوم يحل سُّموه ضيفًا كبيرًا على سلطنة عُمان، وهذه الزيارة الرفيعة المستوى ستعمل على ترسيخ وتمكين تلك العلاقات الضاربة في أعماق التاريخ وقد وصفها صاحب السُّمو الشيخ محمد بن زايد بالأخوة المتجذرة، وأنها علاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخًا وقوة ومحبة.
هذه الحقيقة الصادقة التي يحملها سموه لا شك أنها تقابلها حقيقة المحبة والأخوة التي يكنها الشعب العماني لدولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعبًا.
العمانيون والإماراتيون هم جسد واحد، دم يجري في وريد واحد وصدق صاحب السُّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عندما جسد خصوصية العلاقات الإماراتية العمانية وعمقها التاريخي، حيث قال: "عمان منا ونحن منهم، إخوتنا وأشقاؤنا وعضدنا".
هذا الشعور المتبادل يحمله أيضا العمانيون تجاه إخوتهم وأشقائهم في الجارة الشقيقة الصغرى الإمارات الكبيرة في عطائها ومحبتها للعُمانيين.
اليوم عُمان والإمارات تجنيان ثمار هذه العلاقات المتجذرة برؤية مستقبلية عميقة التي من شأنها أن تساهم في دعم المزيد من التقارب بين البلدين الشقيقين، وسوف تكون الرؤية المستقبلية بعد هذه الزيارة التاريخية لضيف عمان الكبير والكريم صاحب السُّمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مختلفة وسوف تخدم مصالح البلدين على مختلف الأصعدة وتساهم في تعميق التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والتنموية، ودفعها إلى الأمام بما يُلبي تطلعات البلدين ويحقق أهدافهما إلى التنمية المستدامة.
الكل يدرك حجم العلاقات العمانية الإماراتية والتي تتميز بخصوصيتها الفريدة، نسجتها صلة الأرحام والقربى والمصاهرة، والموروث الثقافي، وجعلتها راسخة على مر العقود، ولا شك أنها بعد هذه الزيارة ستشهد نموًا مُلفتًا يمكن وصفه بعمق الشراكة الاستراتيجية التي تخدم مصالح البلدين؛ سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو على المستوى الإقليمي والعالمي.
لعل هذه الزيارة تعيد للأذهان تلك الزيارة التاريخية للوالد المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيب الله ثراه- إلى سلطنة عُمان في عام 1991 والتي ظلت راسخة في وجدان العمانيين؛ حيث شكلت وقتها منعطفًا مهمًا في مسيرة التعاون بين البلدين، والتي تمَّ على إثرها تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين. وما زالت هذه اللجنة قائمة تؤدي دورها، ويتطلع الشعبان لتفعيل أعمال هذه اللجنة واللجان الأخرى والاتفاقيات الموقعة بين البلدين، خاصة تلك الاتفاقيات الداعمة للتكامل الاقتصادي الذي يعمل من أجله البلدان، من خلال تعزيز الأنشطة التجارية والاستثمارية بينهما، وتنمية الشراكة في العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية بما فيها قطاع الطاقة، والطاقة المتجددة وحلول المياه والخدمات المالية والدعم اللوجستي والإنشاءات والعقارات وريادة الأعمال.
وأجزم كمتابع، بأن أعمال اللجنة العليا المشتركة بين الإمارات وسلطنة عمان والتي أنشئت في مايو 1991، ستنتعش خلال المرحلة المقبلة، كما سنشهد تطورًا ملحوظًا في دعم العلاقات الاقتصادية في مجالات: الخدمات الجوية، واتفاقية النقل البري الدولي للركاب والبضائع، والاتفاقية الثنائية للربط الكهربائي والتجارة غير النفطية إلى مستويات أفضل.
لا شك أن نمو العلاقات التجارية والاستثمارية سوف يفتح آفاقًا جديدة لتشغيل مواطني البلدين في المشاريع المشتركة. نسأل الله أن يوفق القيادتين الحكيمتين لما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، فأهلًا بكم أبا خالد ضيفًا كريمًا.