توصيات طموحة في ختام "الرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين".. وإشادات من المشاركين بالملتقى

مسقط- الرؤية

اختتم 50 مشاركًا أعمال الملتقى الأولى حول "الرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين" تحت رعاية سعادة الشيخ راشد بن أحمد الشامسي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية في مقر فندق جراند ملينيوم مسقط.

وخرج الملتقى الذي نظمته وزارة التنمية الاجتماعية ممثلة في دائرة شؤون الأحداث بجملة من التوصيات التي تعد نتاج أعمال الملتقى على مدى 3 أيام؛ منها إنشاء فريق عمل متعدد التخصصات يتكون من المراقب الاجتماعي والأخصائي الاجتماعي والأخصائي النفسي وأخصائي البرامج في مجال تقديم برامج الرعاية اللاحقة للأحداث، وإخضاع العاملين في مجال الأحداث للبرنامج المختص بالتقييم الجنائي للحدث قبل الإفراج عنه لتحديد احتياجات التدخل اللازم لتكيّف الحدث واندماجه، وتفعيل برنامج الأسر المضيافة الذي يختص باحتواء الأحداث عند الإفراج عنهم في أسرة ممكنة لرعايتهم قبل انتقالهم إلى الأسرة البيولوجية.

وأوصى المشاركون في الملتقى بالتركيز على تكثيف البرامج الهادفة للحدث أثناء وجوده في المؤسسات الإصلاحية بما يتناسب مع كل حالة قبل الإفراج عنه، وإصدار لائحة تنظيمية للرعاية اللاحقة ضمن اللوائح التنظيمية لدائرة شؤون الأحداث، والتهيئة الشاملة للحدث من الناحية الاجتماعية والتعليمية والنفسية، وتبادل اللقاءات والزيارات للعاملين في مجال رعاية الأحداث من أجل تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الدولية بما يعزز مهارات العاملين.

وفي ختام الحفل كرّم راعي الحفل المشاركين في الملتقى.

وشهد الملتقى أمس في يومه الثالث (الأربعاء)، استعراض الدكتور علي بن سليمان الحناكي ممثل المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية لدول مجلس التعاون الخليجي مع المشاركين في حلقة عمل التدريبية حول "الرعاية اللاحقة للحدث الجانح"، عددًا من الموضوعات وإجراء المداخلات والنقاشات حولها ومن ذلك تطرقه لعدد من المفاهيم منها مفهوم "دور الضيافة"؛ وهي مؤسسات اجتماعية رسمية أو أهلية يعمل بها أخصائيون اجتماعيون ونفسيون، وتعد هذه الدور لاستقبال المفرج عنهم من السجون الذين لا يجدون مأوى يسكنون فيه أو الذين لا تصلح بيئتهم الأصلية لمعيشتهم ويتم بقائهم إلى أن يتم تدبير سكن ملائم لهم، وأيضًا مفهوم "تفريد المعاملة"؛ والتي يقصد بها دراسة حالة النزيل دراسة اجتماعية ونفسية ووضع خطة علاجية تتفق مع حالته النفسية والصحية والاجتماعية التي بموجبها يتم تأهيله صحيَا ونفسيًا واجتماعًا ومهنيًا وتربويًا، وكذلك مفهوم "المراقبة الاجتماعية" التي تتم في البيئة الطبيعية بوضع المسرح تحت مراقبة مراقب اجتماعي يؤدي عملية العلاج الاجتماعي عن طريق التوجيه والإشراف فهي وسيلة وقائية وفي ذات الوقت علاجية بالنسبة للحالات المنحرفة بدرجة كبيرة.

تعريف الحدث

وعرّج الدكتور علي الحناكي على تعريف "الحدث" في قانون مساءلة الأحداث في سلطنة عمان كل ذكر أو أنثى لم يكمل الثامنة عشر من العمر، و"الحدث الجانح" كل من بلغ التاسعة ولم يكمل الثامنة عشر وارتكب فعلًا يعاقب عليه القانون، كما إن "الحدث المعرض للجنوح" هو من لم يكن له محل إقامة معروف أو كان يقيم أو يبيت في أماكن غير معدة للإقامة أو المبيت، وإذا كان سيء السلوك مارقًا من سلطة أبية أو وليّه أو وصيه أو المؤمن عليه أو من له سلطة عليه أو من كان له سلطة عليه أو مشمولًا برعايته، وإذا اعتاد مخالطة الجانحين أو المعرضين للجنوح أو الذين عرف عنهم سوء السيرة.

أساليب ومهارات

وتطرقت الحلقة لأساليب "الرعاية اللاحقة" منها "الزيارات التبعية" وهي زيارات دورية منتظمة يقوم بها الأخصائي الاجتماعي لأسرة النزيل لمعرفة الأوضاع المعيشية للنزيل ونجاحه في حل معضلات التوافق والانتماء للمجتمع من جديد، وأيضا أسلوب "المراقبة الاجتماعية"؛ وهي اتجاه حديث حتى في رعاية الأحداث الجانحين؛ حيث توصي المؤتمرات الدولية المتخصصة بتطبيقه بأن يوضع الأحداث المذنبون ما أمكن في رعاية آبائهم أو في أسر بديلة أو في بيوت معتمدة أو تحت الاختبار القضائي، وأن يعتبر الإيداع في مؤسسة كآخر إجراء يمكن أن يلجأ إليه.

وتناولت كذلك المهارات الواجب اكتسابها من قبل الأخصائي الاجتماعي في الرعاية اللاحقة منها المهارة في إدراك المشاعر المتناقضة للمفرج عنه العائد إلى بيته ومشاعر أسرته عند عودته إلى المعيشة بينها والقدرة على تفسير مشاعره وسلوكه الدفاعي، والمهارة في تكوين العلاقة المهنية مع المفرج عنه ومع أسرته، والمهارة في التأثير سواء بالمشورة للمفرج عنه أو تكوين البصيرة لديه أو التعليم حسب كل حاله، والمهارة في تكوين علاقات وطيدة مع كافة المؤسسات الاجتماعية الأخرى الموجود في المجتمع للاستفادة من جهودها لمساعدة المفرج عنه وأسرته، كما تطرقت الحلقة إلى ذكر أبرز المشكلات التي قد تواجه السجين بعد الإفراج عنه كالتفكك والانهيار الأسري، وانفصام عُرى العلاقة بين المجتمع والسجين المفرج عنه، وصعوبة الحصول على الفرص الوظيفية، والمشكلات المالية، وتأثير الرفقة السيئة، وحالة الوهن النفسي وعدم التكيف الاجتماعي للمفرج عنه.

وتضمنت حلقة "الرعاية اللاحقة للحدث الجانح" الإشارة إلى "بدائل السجون"؛ وهي الإجراءات المجتمعية التي يتخذها المجتمع لمعاقبة المخالفين لنواميس وقوانين المجتمع من إجراءات اجتماعية تهدف إلى إصلاحهم وتطبيق العقوبة عليهم بسبب مخالفتهم للقوانين دون تنفيذ هذه العقوبة داخل أماكن محددة خصيصا لذلك وعزلهم عن المجتمع لما يترتب على ذلك من سلبيات كثيرة.

من جانب آخر، قدم عيسى بن فهد الهاشمي مراقب اجتماعي بدائرة شؤون الأحداث ورقة عمل، والتي تهدف إلى التعرف على واقع الرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين في سلطنة عمان، وتقديم رؤية مستقبلية للرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين في سلطنة عمان.

رفع الكفاءة

وحول أهمية إقامة هذا الملتقى للمشاركين، أوضح فهد بن زاهر الفهدي المدير المساعد بدائرة شؤون الأحداث بوزارة التنمية الاجتماعية أن وزارة التنمية الاجتماعية تسعى إلى تحقيق ما يخص رؤية "عُمان 2040" من خلال العمل على رفع الكفاءة والاستدامة في تقديم الخدمات والرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين، ومن التطبيقات القادمة في هذا الجانب توظيف التقنية في التواصل المرئي بين الحدث وأسرته لأجل إدماجه في أسرته، وختم حديثه بالشكر والتقدير لجميع الجهات الحكومية والأهلية المشاركة في هذا الملتقى.

وأفادت أمينة بنت خلفان الراشدية مدربة أنشطة يدوية بدائرة شؤون الأحداث بوزارة التنمية الاجتماعية بأن توصيات الملتقى ستنعكس على واقع عمل مختلف الجهات المشاركة في تطبيق الرعاية اللاحقة لهذه الفئة، وتذليل مختلف التحديات لجميع العاملين من المراقبين الاجتماعيين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في سلطنة عمان، كما إنها فرصة لتبادل مختلف الأفكار والمقترحات وواقع عمل دول مجلس التعاون الخليجي حول واقع الرعاية اللاحقة لفئة الأحداث، وتتطلع إلى استمرارية هذه الملتقيات بما يتيح الوقوف على أبرز المستجدات في مجال الرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين.

تجارب خليجية

وتحدث حمدان بن علي السعدي مشرف مركز الوفاء لتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة في ولاية دبا عن تعرفه على أهم التجارب الخليجية في مجال الرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين وأسرهم، والتي تبدأ من وجود الحدث في دار رعاية الإصلاح عبر تقديم منظومة من البرامج النفسية والتربوية والاجتماعية وغيرها ليكون مواطن صالح يسهل دمجه في مجتمعه عقب خروجه من الدار.

وقال سالم بن سعيد الحارثي من دائرة الدراسات والبيانات الإحصائية بوزارة التربية والتعليم: إن المشاركة في هذا الملتقى مهمة جدًا في ظل وجود الأكاديميين والعاملين في مجال الأحداث من مختلف المستويات والمسميات الوظيفية؛ مما يعمل على تكثيف التعاون مع مختلف الجهات التي يمثلونها، وفرصة في الالتقاء بالجهات ذات العلاقة بالحدث الجانح، والبحث في أسباب وصول الحدث إلى مرحلة الجنوح، والخروج بدراسة بحثية بالتعاون مع الجهات الشريكة.

وبيّنت المشاركة خديجة بنت علي البلوشية مراقبة اجتماعية بوزارة التنمية الاجتماعية أن الملتقى أثرى مداركنا في العديد من الجوانب المتعلقة بالرعاية اللاحقة للأحداث الجانحين، وفي إتباع أساليب وآليات مبنيه على الخروج بتوصيات الدراسات البحثية، وتأمل استمرارية إقامة هذا الملتقى وزيادة جرعات مشاركة الجهات الأخرى المعنية.

تعليق عبر الفيس بوك