إتين سكوير

 

سالم الكثيري

أود أن أستهل المقال بالتنويه إلى أن النطق الصحيح لكلمة "إتين" هو بكسر الهمزة، كما هو مُبين، وليس بفتحها كما ينطقها ويكتبها الكثيرون. وقد أخذ سهل إتين مسماه الحديث من اسم العقبة المؤدية إلى نيابة غدو، فيما كان يعرف قبل النهضة المباركة بسهل اللوب؛ الذي يشتهر بخصوبة أراضيه وكثافة غطائه النباتي.

وفي سياق الحديث عن السياحة، وقد انقشع الضباب، وصفَت الأجواء، وعاد زوار محافظة ظفار الكرام إلى ديارهم سالمين، أُسجل هنا بعض الملاحظات التي يُمكن أن تستفيد منها الجهات القائمة على السياحة في المحافظة، محاولًا الابتعاد عن لغة "التطبيل" والمبالغة في مدح أي عمل تنفذه الجهات الحكومية المختلفة، أو لغة الإثارة ونسف كل الجهود المبذولة، إنّما الهدف هو نقل مشاهدات حقيقية من واقع الحال.

لا يخفى على أحد أهمية موسم الخريف كوجهة سياحية على مستوى السلطنة، ولا ينكر أحدٌ أيضًا السعي المستمر لتطوير هذه الوجهة العام تلو الآخر. وقد لاحظ السائح والمقيم التطوير والتغيير الذي عملت بلدية ظفار على إحداثه في الموسم الحالي، ومنه على سبيل المثال تنويع الفعاليات وتوزيعها على أكثر من مكان بهدف تنشيط المواقع المختلفة وتقليل الازدحام. كما يُحسب للقائمين على هذا الأمر، منح الشباب العماني الفرصة لإدارة المناشط المختلفة، وهذه من الإضافات التي تحسب لبلدية ظفار بدرجة أولى ولغيرها من الجهات ذات العلاقة.

لا شك أنَّ الموسم السياحي بات يشكل رافدًا اقتصاديًا لأبناء محافظة ظفار؛ حيث تشهد المحافظة نشاطًا استثنائيًا في مختلف المجالات؛ تتمثل في حركة البيع والشراء في الأسواق والإيجارات والمعارض والمطاعم، وغيرها من المنتجات المحلية من داخل المحافظة ومن محافظات السلطنة. لهذا.. فإن إيلاء هذا الموسم الاهتمام المناسب، أمرٌ لم يعد منه بُدٌّ، خاصة في ظل توجه الحكومة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز نسبة مساهمة السياحة في الناتج المحلي لتصل إلى 6 في المئة وفقاً لرؤية "عُمان 2040".

وعلى الرغم من نجاح فكرة توزيع الفعاليات في أكثر من مكان، إلا أن إقامة فعاليات "إتين سكوير" في سهل إتين قد ضاعف من مشكلة الاختناقات المرورية التي تعاني منها منطقة إتين في الأصل، وذلك بحكم قربها من مدينة صلالة والمطار وموقع المضابي والممشى ومشروع أكشاك إتين قيد الإنشاء، وعين جرزيز وضريح النبي أيوب وغيرها من المواقع السياحية. فكان الأجدر من ناحية تنظيمية عدم الضغط على المنطقة المكتظة بالمرتادين على طول العام بمزيد من الفعاليات؛ بل التخفيف عليها وتحويل أي فعالية جديدة إلى أماكن أكثر فسحة واتساعًا أو الإبقاء عليها في المقر الرئيسي للمهرجان المجهز بمختلف التجهيزات والمليء بالمسارح والمساحات، بدلًا من نقلها لمسافة لا تزيد عن 3 كيلومترات وكأن الهدف هو الاستحواذ على الأراضي البيضاء. ولعل الاستبيان الذي طرحته بلدية ظفار مؤخرًا عبر حسابها على "تويتر"، في إطار برنامج المراجعة والتقييم الذي تُعِدُه لأخذ الآراء من الجمهور، أمر تُشكر عليه، ويعد مؤشرًا واضحًا على العمل نحو تحسين الأداء، والذي أكدت نتيجته حصول الاختناقات المرورية على أعلى نسبة بلغت 59%، وذلك خير دليل على ما شهدته هذه المنطقة من اختناق مروري شديد كان بالإمكان تفاديه.

وفي الختام.. لا بُدَّ من التأكيد على أنَّ السياحة باتت موردًا اقتصاديًا منشودًا، وأن هناك عملًا دؤوبًا ومقدرًا على أرض الواقع يسعى القائمون عليه لتنفيذه بأساليب حديثة ومبتكرة، وأنه من الطبيعي أن تُصاحب عملية التطوير بعض الأخطاء القابلة للتصحيح على المدى القريب، وأن تواجهها بعض التحديات الممكن تجاوزها على المدى البعيد، إذا تم تنفيذها وفقًا لخطط مدروسة تأخذ في عين الاعتبار أهمية إشراك المجتمع المحلي في الرأي، ومراعاة أن تكون السياحة لصالحه، وألا تضايقه في حركته اليومية، أو ثوابته الدينية والمجتمعية، أو أن تكون على حساب البيئة التي هي المقوم الرئيسي لهذه السياحة.