فاطمة الحارثية
لكل منِّا حاجته في ثنايا عمره، فهل أنت ممن يسعى للحاجة أم الرغبة؟ أياً كان خيارك، فهو لن يتشابه مع أحد، وإن كان ثمة مقاربة ظاهرية، فالذات لا تحمل النية ذاتها. وما قد يُمثل رغبة عندك، قد يكون حاجة لدى الآخر.
الجهود حول التعمير لا تكفي، فالارتكاز نراه يدور حول التجارة أكثر من الإعمار، ويقابلها أحلام بلغت عنان السماء واتشحت بالأمل والدعاء، ومع ذلك المبادرات بالكاد نتلمس حضورا لها، أي نستطيع أن نقول إنها متوانية، تخاف من ردود الفعل والقيل والقال، ومع ذلك، وإن خرجت تكون على استحياء، فينهال عليها الجمهور نقدا ورفضا، دون أي اعتبار للجهود التي بُذلت، لا أعلم أسباب الاختلاف لكن أعتقد من أهم تلك الأسباب قول ما لا نفعل، والتصريحات الأنيقة لفظا المبهمة في المعنى، وربما سوء قراءة البيانات والقياسات التي تكون بكامل جمالها على ورق التخطيط بعكس النتائج على الواقع، إذ إن كان في جميع الأحوال بعض الأصوات التي لا تعي إلا النقد سوف تتعالى، فلماذا لا يحدث قفزة نوعية من مبادرات إلى مشاريع حقيقية، تُسمن الأرض بقراءة واضحة وانعكاس كامل لما نراه على ورق التخطيط إلى أرض الواقع. ولنكن واقعيين، ليس المنطق والسليم اعتماد ميزانية مشروع ما ثم تقليصه أثناء التنفيذ، أو إيقاف التنفيذ بحجة البحث عن مستثمرين جدد!
السياحة جزء من البيئة، ولا يجب أن نشبه أحدًا، فقط لتتسع بعض الأبواب وتُفتح للناس والابتكار، بعيدا عن الاحتكار والسيطرة، وربما علينا الحد من بذخ المظاهر حتى لا يتملكنا الطمع ونأتي بالغريب الأجنبي ليجهض أحلامنا، بحجة التفرغ أو الاختصاص، نبني بفكرنا وبيئتنا ثم نُعطي عصارة الجهد عمالة مسرحة ليغتالوا كل جميل.
أيها الشباب ليس ثمة عيب أن تقف عند ركن مشروعك الصغير اليوم، وحتى غدا بعد أن يكبر، ولا عيب أن يكون أخوك عضدا لك ولا أهلك، الغريب يبقى إنسان له نفسه الأمارة وله أيضا حاجاته، ومفهومه للعدل قد يختلف عما تعتقده، فهو قد يرى أنه يكد ليل نهار ويضاعف مالك، ثم يتقاضى راتبا، قد يرى أنه لا يُقاس بجهده، ويصنع لنفسه عالما من الظلم والظلام.
عذرًا أيها الناس نحن لا نتشابه، نحن من نعمل ونبذل طاقة في صناعة اليوم لتأتي آخر العام تقيم ما لم تستطع أنت أن تُنتجه ولا أن توجده فكرًا ولا ساعدًا، لتقلل أو تُحجم مقدار الجهد؛ حيث كنت في غمرة من لهو وضحك وتوطيد علاقات صباح مساء، تتحدث عن منجزات لم تمسها يدك بل مجرد قول ترددت أن تقدمه قبل رأي الآخرين حولك ممن جاملك من الناس وصفق لك، وأنت لم تبذل مقدار ساعة من جهد، كفانا أناسا تقيم ما لا تفهم ولا تفقه فيه شيئا، أمثالهم أجهضوا أحلام الشباب وحدوا من تقدمنا ونمونا وتطورنا.
*****
سمو...
الاعتراف بالجهل ليس عيبًا، العيب أن تأتي بما ليس لك علم فيه وتقول ما لا يفقهه أحد، وتسرق جهد وفكر وعمل غيرك، وإن لم تستح فأستمر فلكل الطرق نهاية حتمًا.