سماحة الشيخ الخليلي.. كلام في الصميم

 

محمد المبارك خالد التيرابي **

 

استهواني مقال نُشر مُؤخرًا لكاتب بحريني عن سماحة العلامة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مُفتي سلطنة عُمان، وهو من أفضل وأجمل المقالات التي قرأتها إطلاقًا؛ إذ هو عبارة عن "فكرة عابرة" عن عالم جليل من أعظم من عرفت وجالستُ وجهًا لوجه من العلماء الجهابذة المُقنعين العاقلين، نعم هو عالم عالمي وليس عالمًا محليًا فقد تابعه مشاهدون كُثر من أنحاء العالم العربي في حواره الأخير مع الزميل علي الظفيري على قناة الجزيرة (1) وشهد له الجميع بتمكنه وردوده الوافية ودعمه للقضايا العادلة للأمة.

وإني- تالله- لا أخفي أعجابي بقدرات وإمكانات سماحة وفضيلة الشيخ الخليلي ومواهبه العلمية واللسانية الواضحة عِيانا بيانا؛ إذ "المرء مخبوء تحت لسانه"، و"تكلم يا هذا حتى أراك"، كما يُقال.

فهو عالم وداعية "موسوعي" هادئ، بشهادة أولي الألباب من المراقبين المحايدين الدوليين، غير مُتشنج ولا متعصب ولا عجول، حيث يجمع لا يفُرِّق، ويقُرِّب لا يُبعِّد، ويُصلح لا يُفسد،  فالهداية من عند الله سبحانه وتعالى كما نعلم.

"إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين" (القصص: 56) صدق الله العظيم.

نعم.. أكرر إنه عالم عالمي، وليس جامدًا مُنكفئًا على ذاته، إن جاز هذا السبك… ثرّ الثقافة، واسع الإدراك؛ إذ سمعته يومًا -في مدينة سناو العُمانية- يتكلم عن الاشتراكية وغيرها من المذاهب الأوروبية المادية التحررية، ويفندها تفنيدًا علميًا بالحجج  الدامغة التي لم أشهدها في تطوافي في شرق البلاد وغربها كإعلامي وباحث في هذا السبيل، والذي هو من ضمن اهتماماتي، وقد أصدرت في ذلك كتابًا بعنوان "حقيقة الواقع الغربي.. ما وراء القناع" يجسد تجربتي عن كثب… (عن مشاهدة) في أوروبا نحو 14 عامًا؛ في إيطاليا وسويسرا وإنجلترا... أجل، هو عالم نحتاجه حقًا وبخاصة في هذا الزمان، الذي يُطلق عليه "عصر العلم"، وخير شاهد على ذلك كتابه الموسوعي العلمي الإعجازي الرادع بعنوان: "مصرع الإلحاد" الذي أتمنى أن يقرأه الصغير قبل الكبير حتى ولو اقتضى ذلك اختصاره في كتيب يقرر لِزامًا ضمن مناهج المدارس الابتدائية في العالم الإسلامي برمته، بعد تبسيطه وترجمته لعديد اللغات.

أطال الله عمره ونفع به دومًا وهدى.

وهذه شهادة منِّي لوجه الله، لا أرجو بها جزاء ولا شكورًا من أحد، فليس من رأى كمن سمع، وليس الخبر كالعِيان.

ففضيلة الشيخ الخليلي -مثلًا- يتقن العربية لغة القرآن الكريم إتقانا مذهلًا؛ نطقًا ونحوًا وبلاغة؛ تمحيصًا وتفسيرًا وتقديمًا لكتاب الله جلَّ جلاله، ولسنة رسوله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.

كما إنِّه يُتقن اللغة السواحلية التي نشأ عليها في جزيرة زنجبار والتي كانت يومًا حاضرة أهل عُمان وامتداد نفوذهم تحت حكم السلاطين العمانيين.

ويكفيه هذا شرفًا لا يُدانيه شرف.. إنه لشرف يطأ الثريا والسماك الأعزل، فهنيئاً لشيخنا وأستاذنا الكريم المعطاء؛ البحر الذي لا ساحل له، هنيئًا لأدبه الجم وتلطُّفه وتفضُّله وتعطُّفه؛ تواضعًا يبُهر ويقنع الجميع دونما استثناء بسماحة العلماء الأجلاء الأفذاذ التي تستبين من بهاء وجهه النَّضِر Striking appearance … الوجه الصبوح الودود الذي يتدفق معاني سامية ورحيمة بالناس، إذ يُشير إليها ويؤكدها الحديث النبوي الصحيح: "لو أنَّ أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك" صدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

ويشهد الكل بذلك من خلال مُعاملة وعشرة أهل عمان الكريمة الهادئة والدافئة للوافدين عندهم، تلك التي لا يشوبها كِبْر أجوف أو استعلاء فارغ، ولا تُكدِّرها عُنجهية رعناء، أو جاهلية مُنتِنة!!؟

 

**********

(1) الزميل علي الظفيري، إذ كان كاتب المقال محمد المبارك أوَّل مراسل لقناة الجزيرة في جنوب شرق آسيا انطلاقًا من العاصمة الماليزية كوالالمبور وذلك عام 1999م.

** خبير استشاري في التطوير الذاتي والمؤسسي، والإعلام التطبيقي

 

تعليق عبر الفيس بوك