رئيس تحرير "الرؤية" يدعو إلى الالتزام بمبادئ الحوكمة لتطوير إدارة المنظمات

خبراء ومتخصصون يثرون أعمال الملتقى الدولي لقيادات المجتمع المدني.. وتوصيات بتعزيز دور المنظمات في التنمية المستدامة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

◄ العبيدلي: حوكمة منظمات المجتمع المدني تعزز الشفافية والعدالة وجهود مكافحة الفساد

◄ السفير الأممي للشراكة المجتمعية: غياب التشريعات أبرز تحديات الحوكمة عربيًا

الرؤية- مريم البادية

نظَّمت الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية الملتقى الدولي الخامس لقيادات المجتمع المدني لعام 2022، بعنوان "قيادة منظمات المجتمع المدني العربية نحو حوكمة بناء شراكاتها لتعظيم أثرها"؛ بمشاركة دولية واسعة من الخبراء والمتخصصين، وذلك عبر تقنيات الاتصال المرئي.

وهدف الملتقى إلى مناقشة الإطار المفاهيمي والمبادئ الأساسية لحوكمة بناء الشراكات بمنظمات المجتمع المدني، والأطر القانونية والتشريعية لحوكمة شراكات منظمات المجتمع المدني ومناقشة الأهداف المرجو تحقيقها من حوكمة هذه الشركات.

مشاركة عُمانية

وشارك المُكرم حاتم بن حمد بن عيسى الطائي عضو مجلس الدولة ورئيس تحرير جريدة الرؤية في الملتقى بورقة عمل حول "أثر استدامة أعمال منظمات المجتمع من حوكمة شراكاتها"، وقال: "رغم قِدم عمل منظمات المجتمع المدني، ومن قبلها العمل التطوعي الأهلي، إلّا أنَّ وتيرة تطور هذه المنظمات لم تشهد تسارعًا سوى في السنوات القليلة الماضية، ورغم أن عددًا من الدول العربية والخليجية حقق قصب السبق في تطوير عمل منظمات المجتمع المدني، إلا أنَّ دولًا أخرى تأخرت كثيرًا لأسباب عدة، في مقدمتها غياب الإطار القانوني والتشريعي المُنظِّم لعمل هذه المنظمات، علاوة على استغلال البعض لهذه المنظمات كغطاء لأهداف أخرى، لكنَّ المؤكد أن الغالبية العظمى من هذه المنظمات تستهدف خدمة المجتمع وتنمية الإنسان أينما كان".

وأكد الطائي ضرورة وضع آليات رشيدة لحوكمة عمل منظمات المجتمع المدني، لا سيما فيما يتعلق بالشراكات التي تؤسسها هذه المنظمات، مؤكدًا أهمية ذلك الأمر، وداعيًا إلى وضع أسس ومبادئ رئيسية لهذه الحوكمة، على أن تقوم هذه المبادئ من حيث انتهى الآخرون، فالشفافية والمسؤولية والمحاسبة والعدالة، كلها مبادئ رئيسية وضعها الرعيل الأول من أصحاب الفكر الذين رسخوا لمفهوم الحوكمة، وعلينا أن نضع المُحددات اللازمة لضمان تطبيق هذه المبادئ. وأضاف أن منظمات المجتمع المدني لا يمكنها أن تعمل في منأى عن مختلف المؤسسات، العامة والخاصة؛ بل يتوجب عليها لزامًا أن تتكاتف جهودها مع هذه المؤسسات، بما يُحقق تكاملية العمل المؤسسي في المجتمع، وبما يسهم في تعزيز مساهمة هذه المنظمات في خدمة المجتمع، وهو الهدف الأسمى الذي أُنشأت من أجله. ومن هنا تحرص منظمات المجتمع المدني على عقد شراكات متعددة مع مختلف الأطراف، لضمان تسهيل أعمالها، وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات التنموية التي تعمل من أجلها.

وسرد الطائي جملة من التحديات التي تُعيق تحقيق هذه المنظومة من بينها: تعدد الجهات الرقابية والتنظيمية، ما يتسبب في تداخل الأعمال والمهام، ويُبطئ من جهود التطوير والتحول نحو الحوكمة الكاملة. وعدم إيمان بعض العاملين في المنظمات بأسس الحوكمة، وهو ما يمكن تسميته بـ"مقاومة التغيير"، وهو تحدٍ كبيرٍ يواجه العديد من المنظمات، ليس فقط في قطاع المجتمع المدني، ولكن في مختلف القطاعات، بالإضافة إلى غياب التنسيق وتكاملية العمل بين بعض الجهات، لا سيما المعنية بالتنظيم والرقابة. وتأخر أتمتة الأنظمة وضعف الأنظمة الرقمية، مما يهدد بتباين معايير الجودة، ويؤثر بالسلب على سير عملية الحوكمة. وكذلك ضعف التمويل اللازم لتحقيق عملية الحوكمة، وغياب الموارد المالية المستدامة والضرورية لتنفيذ التطوير المأمول.

واختتم الطائي الورقة بقوله: "لا شك أنَّ تطبيق الحوكمة في منظمات المجتمع المدني سينعكس بالإيجاب على طبيعة عمل هذه المنظمات؛ سواء من ناحية الإدارة المالية الرشيدة، أو إدارة الموارد بكافة أنواعها، فضلًا عن تطبيق أنجح السياسات في تحقيق أهداف كل منظمة. ولذا لا غنى عن البدء الفوري في تطبيق مفاهيم ومبادئ الحوكمة في مختلف منظمات المجتمع المدني، لما في ذلك من منافع عدة على مسيرة التنمية المستدامة"، مؤكدا أن الالتزام بمبادئ الحوكمة وتطبيقاتها في قطاع منظمات المجتمع، من شأنه أن يُحقق نقلة نوعية في إدارة هذه المنظمات من جهة، وفي المردود الاجتماعي المُتحقق من جهة ثانية.

تطوير الحوكمة

وقدَّم الخبير الإعلامي عبيدلي العبيدلي ورقة بعنوان "دور تقنية المعلومات في تطوير منظومة حوكمة استدامة أعمال منظمات المجتمع المدني"، أشار خلالها إلى التقنیات التي تغطي الاتصالات وأجھزة الكمبیوتر المستخدمة في جمع ومعالجة وتخزین المعلومات ونقلھا من مكان إلى آخر عبر الشبكات وتقدیمھا لخدمة المستخدمین. وقال إنه بمساعدة تقنیة المعلومات، یمكن توصیل المعلومات إلى النقاط المطلوبة بشكل أسرع بمعدل یمكن التعبیر عنه بالملایین من خلال الطرق التقلیدیة، كما سیتم توفیر الانفتاح وتحقیق مجتمع المعلومات من خلال دمج "المحتوى" (المعلومات) و"التكنولوجیا" (تكنولوجیا المعلومات)، مع زیادة سرعة تدفق المعلومات، تتسارع دورة مثلث العلم والتكنولوجیا والإنتاج، حیث تشكل تقنیات المعلومات دینامیكیات الھیكل الاقتصادي الجدید.

وتطرق العبيدلي إلى أوجه استخدام تقنية المعلومات في الفضاء التجاري والتربية والتعليم والمجال الصحي. وأشار إلى مقومات نجاح منظمات المجتمع المدني من خلال التنظيم وتحسين الأداء والتطوع والإرادة الحرة والاستقلال عن الدولة ومؤسساتها الرسمية، وعلاقات ثقة وتضامن.

وأشار العبيدلي إلى مفهوم الحوكمة بأنه مجموعة من القواعد والقوانيين والأسس التي تضبط عمل الشركات وتحقق الرقابة الفعالة على مجالس إدارتها وتنظم العلاقة بينها وبين أصحاب المصلحة، وذلك في سبيل تحقيق الشفافية والعدالة ومكافحة الفساد، ويهدف إلى تحسين فعالية إدارة العمليات وكفاءتها وتوظيفها في مجال تحقق الاستغلال الأمثل للموارد، وبناء ثقافة الولاء المؤسسي وتنميتها، وتعزيز الشعور بالمسؤولية.

استدامة المنظمات الاجتماعية

ومن جهته، تطرق سعادة عبداللطيف النقلي المشرف العام لمؤسسة "حسن عباس شربتلي" إلى أثر استدامة أعمال منظمات المجتمع من حوكمة شراكاتها، وقال: "لقد أصبحت المنظمات الاجتماعية اليوم في ضغوط متزايدة حول قيامها بالإفصاح عن معلومات حول مدى تأثيرها على المجتمع والبيئة ككل وليس عن أدائها المالي فقط، فهذه التقارير التي يطلق عليها تقارير الاستدامة، تحتوي على تقييم استدامة عمل المنظمات الاجتماعية وإنجازاتها لتنمية المجتمع والإنسان والبيئة".

وقدَّم سعادة الدكتور شهاب العثمان رئيس برنامج الكويت للمسؤولية المجتمعية ورقة بعنوان "الأهداف المرجو تحقيقها من حوكمة شراكات منظمات المجتمع المدني"، وقال إن منظمات المجتمع المدني تُواجه إشكاليات في تطبيق الحوكمة، والتي كان من أهمها قصور عملية المشاركة في صنع السياسات والبرامج والقرارات المؤثرة في مسار منظمات المجتمع المدني، وضعف قيمة العمل الجماعي، إلى جانب وجود قطاعات عديدة من منظمات المجتمع المدني لا تشهد ظاهرة تداول السلطة، وضعف قيم وممارسة المساءلة والشفافية، سواء على مستوى تدفق المعلومات إلى الرأي العام، ومستوى الإعلان عن مصادر التمويل وغيرها من الأمور المالية والإدارية، كما أن العلاقة بين المنظمات والجمهور المستهدف تظل هي الأخرى من أهم الإشكاليات التي تواجه تنمية المجتمع المدني، وتخطي هذه العقبة لن يتحقق إلا من خلال تنمية البنية المؤسسية فيما بين منظمات المجتمع المدني وعن طريق الجمهور المعني، فضلاً عن إرساء بنية ديمقراطية للمؤسسة تسهم في تعزيز وتطبيق أسس ومفاهيم الحوكمة الرشيدة.

تحديات الشراكات

واستعرض سعادة الدكتور أشرف الشمالي السفير الأممي للشراكة المجتمعية أبرز التحديات التي تواجه حوكمة شراكات منظمات المجتمع المدني بالدول العربية منها عدم وجود نص صريح على مصطلح الحوكمة أو أحد مبادئه في القوانين المنظمة في الدول العربية باستثناء عدد قليل من الدول، وكذلك عدم مواكبة التحديثات اللازمة لأغلب القوانين المنظمة لعمل المنظمات، بالإضافة إلى وجود تعدد في القوانين المنظمة لعمل المنظمات. وخلو بعض الدول في الوطن العربي من قوانين منظمة لعمل المنظمات، وكذلك غياب الوعي وعدم وجود قدرة مالية لتمويل هذه المنظمات.

وأوصى الشمالي، في ختام ورقته، بتعزيز العلاقة بين إدارة الشراكات والملاك وجميع الأطراف من أصحاب المصلحة من خلال تحقيق الشفافية، وضرورة وضع آليات لتنظيم العلاقة المختلفة بين مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين وأصحاب المصلحة؛ وذلك لبناء الأدوار التي تهدف إلى التكامل لتحقيق مبدأ العدالة، كما يجب على المنظمات إقامة أنشطة مدرّة للدخل وتعدد مصادر الدخل لمواجهة تحديات الاعتماد على المانحين.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z