د. أحمد العمري
كل من يأتي الى سلطنة عمان يمدح شعبها ويثني على أخلاقهم وأدبهم وحسن معاملتهم وكريم ضيافتهم ورقي أسلوبهم، وكل من يلتقي العمانيين في الخارج يشيد بحسن مرافقتهم وجميل تعاملهم وزينة صحبتهم.
وهنا نتساءل: ماذا يميز العمانيون وما الخصائل التي ينفردون بها؟ وكيف تعلموها؟! ومن أين؟!
فلدى جميع الناس أهل يربونهم وديار يسكنونها بصحبة ذويهم، ولديهم مدارس يتعلمون فيها، فكيف للعمانيين أن يكتسبوا صفات كريمة لوحدهم دون غيرهم؟
الجواب وبكل سهولة وتلقائية إنها السبلة والمجلس العماني بالنسبة للرجال، ولقاءات النساء في كل حي وكل حارة؛ ففي هذه الأماكن يكتسب العمانيون الأخلاق الطيبة، ويتربون على القيم والمبادئ والأعراف والتقاليد واحترام الصغير للكبير، وعطف الكبير على الصغير، والتقديم والعزام وأخذ العلوم والأخبار، وكيفية تناول القهوة والأكل، وكيفية التعامل مع المشكلات، إضافة لبعض المهارات مثل التمصر والخنجر والشال والرادي وحمل البندقية والسيف والرمح والرمي والمبارزة، وكذلك لدى النساء التنشئة على الأخلاق الحميدة وكيفية اللباس والتوقير والمحافظة على الموروث واكتساب المهارات.
في السبلة والمجلس واللقاءات النسائية يمكن تعلم ما لا يمكن تعلمه في البيوت أو المدارس، وهو الاندماج التام مع المجتمع واكتساب المهارات وكيفية التعامل مع الغير برقي وأخلاق وذوق وأدب وحشمة ومودة.
هذا ما جعل العمانيون متماسكين ومتحدين ومتعاضدين ومتفاهمين، وكلهم سواء، من مسندم إلى ظفار، وكأنهم يعيشون في محافظة واحدة؛ بل مدينة واحدة، وقل قرية واحدة، فتجد نفس الأخلاق والسجايا والطباع أينما تحل في عمان.
هذا إضافة لتمسكهم بمبادئ الشريعة الاسلامية الغراء وحفاظهم على عروبتهم ولغتهم، فشكلوا سدًا منيعًا ضد أي فكر غازٍ؛ سواءً كان ذلك تطرفًا أو تفسخًا أو انحلالًا عقائديًا أو فكريًا أو أخلاقيًا.
وما أظن أن الجوائح مثل جدري القرود وغيرها وكذلك الجفاف غير المسبوق الذي يضرب أوروبا ودولًا أخرى، إلا عقابًا من رب العالمين على تفسخهم وطغيانهم ودعواتهم الطائشة لدعم المثلية وغيرها من السلوكيات الشاذة، على الرغم من أن ديانتهم ومبادئهم تحرم ذلك وترفضه!
فإلى أين يذهب بنا هذا العالم والأفكار المتهورة المعادية للإنسانية وخلقة رب العالمين؟!
لكننا في سلطنة عمان، ولله الحمد، لدينا دفاع قوي وحاجز من فولاذ لا يصدأ ولا يُخترق، بفضل هذه القيم والعادات والمبادئ والثوابت التي تعلمناها في السبلة والمجلس العماني، وتعلمته نساؤنا في جلساتهن، ولذلك تجدنا صامدين لا نتأثر بأي فكر متطرف مهما كان نوعه ومقصده ومصدره.
إن هذه الثوابت تؤثر ولا تتأثر لدرجة أنها أضحت منهاج الدولة في الحياد وعدم التدخل في شؤون الغير، وكذلك عدم السماح للغير بالتدخل في شؤوننا الداخلية؛ بل وقد دأبت سلطنة عُمان على نشر رسائل المحبة والسلام والتسامح في شتى بقاع الأرض، منطلقة من مبادئها وقيمها وإيمانها الراسخ بالثوابت.
الحمدلله رب العالمين على ما أنعم به علينا وعلى بلادنا من أمن وأمان وما خصّنا به من خصائل وهبات ثابتة تتجدد مع كل حقبة زمنية، وها نحن نجددها ونؤكد عليها في عهد النهضة الهيثمية المتجددة بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ربان سفينة وطننا نحو رؤية "عُمان 2040".. حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.