رسالة فقدٍ وألمٍ

 

منى بنت حمد البلوشية

ألمٌ وفقدٌ وعزاءٌ لمن اكتوت قلوبهم بها، كم يؤلمني عندما أستمع وأقرأ ما يحدث في عالمنا هذا وبالأخص في بلادنا الغالية. كنا قبل سنتين تقريبا لا نسمع وقوع حادث أليم أو غرق وما شابه ذلك من فقد وألم الوفاة إلا ما ندر.

وها نحن اليوم لا يكاد يومٌ إلا ويأتينا نبأ غرق وحادث ووفاة يعتصر الفؤاد ألما لها، أناس يرحلون ولا نعرفهم ويدخلون في قلوبنا الحزن والأسى، بعد أن يرحل الوالدان والأبناء معهم ويُغلق البيت بأكمله، يُغلق وكأنه لم يكن به أناس ولن يستيقظ أحدهم على ذكريات كانت بها، وبعضهم الآخر تظل الذكريات عالقة بهم ويأبون أن تكون بيوتهم مكانا لهم لعمق  الألم والفقد الذي حدث.  

يحاصرني الحزن، على من تم فقدهم وذكريات تحوم بمخيلتي، لكل ما يحدث من وجع في هذا الصيف الذي نعتبره متعة ونزهة وتنفسيا لكل شهور الدراسة والعمل أصبح يعتصر الفؤاد حرقة، وفقد طلبة كانوا ينتظرون الذهاب لمدارسهم بفارغ الصبر، وطالب في إحدى الجامعات ينتظر بشغف تخرجه ويرسم أمنياته وطموحاته بعد ذلك، وآخر ما لبث أن يتخرج ووافته المنية بغتة منه، وأم تودع أبناءها بصرخات تقشعر لها الأبدان وزوجة تودع رفيق دربها، وآخرون كثر ممن ودعتهم سطح الأرض ليكونوا تحتها يوارون الثرى، ويبقى الوالدان أو أحدهم تحاصره الذكريات السعيدة التي قضوها معا ويا ليتها تبقى.

فما بين حادث طريق وغرق في مياه البحر وهيجانه وأودية جارفة تحتضن الأجساد بلا هوادة، من المؤلم بحق هو الفقد والحزن الذي يأتي بلا سابق إنذار، أمنيات وطموحات اندثرت وطواها الفقد معه ، رحلت دون أن تخرج ودون أن تملأ الكون بما في داخلها.

ومنظر تلك الجمال السائبة، وهي قابعة في وسط الطريق وكأنها تنتظر الضحية التالية لتأتي لها.. فمن المسؤول عنها وهي تحصد الأرواح؟! بات الخوف يراود الجميع مما حدث ويحدث، أصبحت الطرق غير آمنة وغيرها مما يسلب الأرواح، إنها حوادث متكررة وكثيرة تحدث في ربوع بلادنا الغالية، راح ضحيتها مئات الأرواح ومنهم في ريعان الشباب وزهورها، وضجت المستشفيات بهم وهم على الأَسرة البيضاء ينتظرون رحمة من الله ترفع قدرهم لأجمل ما يكون.

لكل أب وأم رسالة هذا الكون لكم: أبناؤكم أمانة بين أيديكم وقرة أعينكم، حافظوا عليها من أماكن هي ليست آمنة لهم ، احفظوهم من أماكن الغرق- لا سمح الله-  كالبحار والأودية، ولكل من له يد تستطيع إبعاد تلك الجمال السائبة لابد لها من أن تزاح بعيدا وتكون لها أماكنها الخاصة التي ترعى بها عشبها بدلا من أن تستنزف الأرواح وتحرق القلوب بها، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته. نعم لكل أجل كتاب ويوم  وميعاد، ولكن لا تأتي هكذا فألم الفقد مر، والأمر من ذلك أن تأتي كلمة ليت ولو.

حفظنا الله وإياكم من كل مكروه وتغمد الله الراحلين بالرحمة والغفران وأسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة.

تعليق عبر الفيس بوك