سعيدة بنت أحمد البرعمية
لا أعتقد أنّ هناك من يجهل تعريف "العنف" بمفهومه العام أو بمفهومه الأسري؛ فالعنف يوجد بصورة أو بأخرى في كلّ المجتمعات المتقدمة والمتأخرة ممّا يوحي أنّ القسوة ربما غريزة بشرية، لذا فإنّ وجود شخص معنّف يشير دائما إلى آخر عنيف قام بتعنيفه باليد أو باللسان.
تسعى وزارة التنمية الاجتماعية جاهدة إلى تقديم ما بوسعها تقديمه من خدمات اجتماعية وتنموية وإرشادية لخدمة المجتمع في كافّة محافظات السلطنة، ولكن هناك من الناس من يجهل بعض الخدمات لقلة اطلاعه أو لعدم الإعلان عنها بشكل كاف.
من بين تلك الخدمات التي وضعت لخدمة الناس "مشروع خط حماية الطفل 1100"
وهي خدمة مجانية تم إطلاقها في الحادي عشر من يناير من العام 2017؛ لتلقي البلاغات عن حالات العنف ضد الأطفال وإهمالهم وتعمّد الإساءة إليهم.
تواصلتُ مع إحدى الموظفات في مديرية التنمية الاجتماعية في محافظة ظفار، وهي الأستاذة فاطمة بنت محمد بن غيث آل إبراهيم، للحديث معها حول هذه الخدمة وما يمكن أن تزودنا عنها من معلومات؛ حيث إنّ هناك الكثير من الناس يجهلونها؛ فأبدت استعدادها للتعاون. لها منّي جزيل الشكر والامتنان.
أخبرتني بأن "خط حماية الطفل" يعدّ خطًا مجانيًا يعمل على مدار الأربع وعشرين ساعة يتم من خلاله استقبال البلاغات من الأطفال أو من ذويهم؛ إثر تعرضهم للعنف أو الاستغلال بكافة أشكالهما، كما يلتزم العاملون في هذا المشروع بالسرية التامة والتحفظ على خصوصية التعامل بينهم وبين مقدمي البلاغات الواردة إليهم، كما يلتزم القائمون على هذا المشروع باحترام ومراعاة رغبة المتصل في التحفظ التام عن هويته أو اسم قبيلته، ويتم إحالة الحالة إلى اللجان المتخصصة بحماية الطفل وهناك يتم دراسة الحالات ومتابعتها من الجهات المعنية وفق ما تتطلبه كلّ حالة من تدخّل اجتماعي أو طبّي أو نفسي أو قضائي …. إلخ.
لا شك أنّها خدمة عظيمة تحفظ حق المعنّف من جهة، ومن جهة أخرى تحفظ الخصوصية والسرية الكاملة لجميع الحالات؛ لرفع الظلم والقهر عن بعض النفوس التي يحلو لبعض القساة أن تسطوعليهم؛ فينغصون عليهم استقرارهم ويلحقون بهم أضرارا نفسية أو جسدية؛ فتضمن الرعاية والاهتمام لمن يتعرض للعنف والقسوة من قبل أحد أفراد الأسرة أو أيّ شخص يستغله أو يتنمر عليه سواء بالأفعال أو بالأقوال، لا عليه سوى الاتصال بالرقم 1100 والإبلاغ عن مشكلته وما يتعرض له؛ وإِنْ كان البلاغ على أحد والديه أو أحد إخوته، هناك من يتولى رفع الظلم عنه ومراعاته بالتوجيهات والنصائح التي تعيد له استقراره نفسيا وجسديا وتعيد توازنه الطبيعي وثقته بنفسه ومجتمعه بعناية فائفة وسرية تامة.
مجتمعنا كغيره من المجتمعات محافظ؛ لكنه ليس مثاليا؛ فالفرد فيه يحرص كثيرا على سمعته وسمعة نسبه أكثر من خوفه على نفسه؛ فبعض الذين يتعرضون للعنف الأسري في مجتمعنا الصغير المحافظ يرضخون تحت وطأة المرارة دون مواجهة واقعهم بالرفض أو بالصدّ، مستسلمين بخصوعهم تحت مظلة السواد دون محاولة منهم للبحث عن حلّ يخلصّهم ممّا هم فيه من المتاعب، وقد يرجع ذلك إلى الخوف أو إلى عدم معرفتهم أنّ هناك جهات من قبل الدولة مسؤولة ومهتمة بأمنهم النفسي والجسدي، ممّا ينعكس عليهم سلبًا.