خلفان الطوقي
ما إن تتحاور مع أحد هذه الأيام حضوريًّا، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، إلا وتجد الأغلبية منهم يعبرون عن عدم رضائهم عن الخدمات الحكومية المقدمة؛ نادرا ما تجد من يشكر ويثني على الخدمات المقدمة، وفي المقابل هناك جهود معلنة من الحكومة عن كم هائل من المبادرات التي تهدف إلى تسهيل حياة الناس من مواطنين ومقيمين وزوار؛ لذا وجب طرح سؤال: رغم ذلك، لماذا لا تصل الرسائل الحكومية ومبادراتها إلى المجتمع؟
فهل السبب هي السلبية الحاصلة بين جزء من أفراد المجتمع بسبب تراكمات سابقة؟ ولا مجال لتغيير الصورة النمطية العالقة أو محاولة تغييرها على الأقل، أم أن السبب هو وجود مواقف شخصية كان أحد موظفي الحكومة سببًا فيها؟ أم أن الجو العام السلبي أقوى وأطغى ويسهل انتقال العدوى من محيطها الصغير ليضم أكبر عدد ممكن؟ أم أن عددا كبيرا من أفراد المجتمع يظنُّون أنَّ هذه الرسائل لا تعنيهم ولا تمس حياتهم اليومية؛ لذلك لا داعي لمتابعتها أو وضعها ضمن أولوياتهم؟ أم هي ضغوطات الحياة التي تشغلهم عن المتابعة؟ أم طغيان وسائل الترفيه والتسلية الحديثة التي تزيد منغصات وهموم الحياة؟ أم أنَّ المجتمع لا يود أن يستمع إلا لما يروق له من أخبار؟ أم أن المجتمع يرى أنَّ المبادرات خجولة ولا ترقى للمتابعة؟ ربما هذه تكون بعض الأسباب فيما يتعلق بالمجتمع.
أمَّا فيما يتعلق بالجانب الحكومي: أهو بسبب اتباع الأجهزة الحكومية تغطيات بأساليب مكررة مستهلكة وأدوات تقليدية؟ أم أنَّ التغطيات الإعلامية تحكمها المادة والخبرات البشرية؟ وهذان العنصران غير متوفران بما فيه الكفاية ويلبي الطموحات، أم أن الجهود هي اجتهادات فردية ونتيجة ردات فعل لحظية، ولا توجد جهود موحدة وممنهجة؟ أم أن الجهود موجودة لكن تبقى تجريبية وما زالت التجارب مستمرة؟ أم أنَّ هناك جهات حكومية ما زالت غير مقتنعة بأهمية التغطيات الإعلامية وغير متعاونة؟
في كلِّ الأحوال، وأيا ما كانت الأسباب، حكومية أو مجتمعية، تبقى "ظاهرة" لابد أولا من الالتفات إليها والاعتراف بها، ومن ثم دراستها، وإيجاد معالجات ممنهجة عاجلة، واتباع أدوات عصرية فعالة، والاستعانة بأي تجارب محلية أو عالمية رصينة، وأي إهمال أو تأجيل في النظر لهذا الملف لن يكون في صالح أحد، بل سيزيد من اتساع الفجوات، وسوف يعقد الملف أكثر فأكثر بفاتورة مالية ومجتمعية مكلفة.