سالم كشوب *
sbkashooop@gmail.com
تُعرف القيمة المحلية المضافة بشكل مبسط بأنها "مجمل الإنفاق الذي يتم الاحتفاظ به داخل الدولة، ويعود بالنفع على تنمية وتطوير الاقتصاد الوطني". ولا شك أنَّ جائحة "كورونا" وما ترتب عليها من آثار، خاصة في الجانب الاقتصادي، سيدفع العديد من الدول لتفعيل جانب القيمة المحلية المضافة في اقتصاديتها، ولو رجعنا لتجربة السلطنة في هذا المجال، سنجد أن قطاع النفط قد يكون هو القطاع ذو التجربة الرائدة في تفعيل القيمة المحلية المضافة وتفعيل سلاسل التوريد الوطني في هذا المجال وفق ضوابط وأنظمة تتواكب مع الأنظمة المعمولة فيها في هذا القطاع الحيوي، مما أسهم في ضخ المزيد من المبالغ للمؤسسات الوطنية بدلا من الاستيراد الخارجي والعمل على تطوير مهارات وخبرات وكفاءة الموردين المحليين؛ وبالتالي من المفترض الاستفادة من هذه التجارب الناجحة، وتعميمها على القطاعات التي يمكن أن تُسهم بفاعلية في هذا الجانب بالشراكة الحقيقية بين مختلف الجهات ذات العلاقة لرفع نسبة القيمة المحلية المضافة، لا سيما وأنه مع الأدوار الجديدة للمحافظين بالإمكان الاستفادة من الميزة النسبية لكل محافظة، لتفعيل النسبة المحققة للقيمة المحلية المضافة.
ولا شك أنَّ هناك الكثيرَ من التحديات التي تواجه تفعيل هذا المجال الحيوي والمهم؛ سواء فيما يتعلق بالاتفاق على مفهوم واضح وموحد للقيمة المحلية المضافة لدى مختلف الجهات، أو مهارات وخبرات الموظفين الحكوميين المعنيين في جانب القيمة المحلية، أو دقة بيانات المؤسسات الوطنية وأنشطتها الفعلية بخلاف قلة الدراسات والبحوث التي توضح الفرص الواعدة التي بالإمكان إسنادها للشركات والمؤسسات الوطنية، لا سيما الصغيرة والمتوسطة منها، ومع ذلك العوائد التي يمكن تحقيقها من خلال تفعيل هذا الجانب المهم ينبعث الأمل في أهمية المضي قدما وفق خطة زمنية محددة لتعظيم الاستفادة من الفرص الموجودة في مختلف القطاعات، ورفع كفاءة ومهارة المؤسسات الوطنية، لا سيما في جانب التصنيع والتوريد؛ مما يوفر لها فرصَ أعمال ترفع من إيراداتها المالية، وتقلل الاعتماد على الاستيراد الخارجي لدى الكثير من القطاعات بالسلطنة؛ من خلال مُعالجة أوجه الضعف والقصور التي قد تشكل عائقًا في هذا الجانب.
من وجهة نظري المتواضعة، القيمة المحلية المضافة ليست فقط عملية حسابية أو أرقاما من المفترض تحقيقها، وإنما تتعدى إلى مسؤولية مشتركة بين القطاع الحكومي والخاص لرفع حصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من حصة المشتريات؛ وبالتالي ضمان مزيد من فرص الأعمال والتوظيف، ورفع كفاءة وخبرة تلك المؤسسات، إضافة لإكساب الموظفين الحكوميين المعنيين في هذا الجانب مزيدًا من الخبرات والمهارات؛ من خلال احتكاكهم بالعديد من الجهات الرائدة في هذا الجانب، والاستفادة من تجارب بعض الدول المثرية في هذا الجانب؛ مما يحقِّق الكثير من العوائد الإيجابية على الجميع، لاسيما وكما أشرنا في مقدمة المقال إلى أنه من المفترض أن تعطينا جائحة كورونا درساً مهماً في تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من الأنشطة الاقتصادية، بدلاً من الاعتماد غير المضمون على الاستيراد، بخلاف تقلبات الظروف الدولية والنزاعات التي قد تحدث بين بعض الدول؛ مما قد تكون لها نتائج وخيمة في ضمان وصول سلاسل الإمداد ولفترات زمنية طويلة وبتكلفة باهظة غير متوقعة.
وختاما... ومع إعطاء المحافظين صلاحيات للاستفادة من الميزة النسبية في المحافظات، نتمنى ونتطلع لتفعيل جانب القيمة المحلية المضافة من خلال خلق شراكة فاعلة تستفيد من خبرات مختلف المتخصصين والتجارب الناجحة في هذا الجانب، لبناء خارطة لفرص الأعمال والمشتريات والتدريب والتأهيل التي تعظِّم استفادة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في هذا الجانب، وتوفر البيانات والمعلومات اللازمة بكل سهولة ويسر؛ من خلال خطة زمنية محددة توضح النسب المئوية المراد تحقيقها خلال المرحلة المقبلة.
* عضو في جمعية الصحفيين العمانية