د. أحمد بن علي العمري
هل يا تُرى نحن في زمن الرويبضة؟ وهل نحن في نهاية العالم؟ وهل نحن على وشك قيام الساعة؟
طبعًا.. ربنا أعلم وهو مسير الكون ومدبره، هل هناك دلائل وإيحاءات بذلك؟ وهل نحن في العصر الذي ذكره رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- في حديثه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله وآله وسلم: "سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة" (أخرجه أحمد).
إنَّنا نرى العالم من حولنا يتغير كثيرًا وبسرعة مفرطة، فقد أضحى العالم مدينة واحدة والدولة قرية والعواصم حارات في ظل التواصل الإعلامي الكثيف في عصر التقنية والتكنولوجيا، فكلما قام يذيع ويبث ويغرد ويسرد ويرسل حسب مزاجه الشخصي وهواه الفردي، وقد اختلط الصالح بالطالح، والغث بالسمين، والعالم بالجاهل، والمثقف بالسطحي، والفقيه بالعامي.. وكل يهرف بما يعرف وبما لا يعرف، ومنهم من يدعي أنه مرشد اجتماعي أو إصلاحي أو ناشط أو مؤلف أو... أو.... أو.
حتى نحن كمتلقين، لقد شكَّكونا في كل شيء من كثرة التحاذير والموانع، شككونا في الدواء والغذاء وصولًا إلى الدين والمعتقدات السمحة، بل لقد تطاولوا على كل شيء؛ فهناك من يوجِّه الناس إلى توجُّه يراه هو شخصيا دون أن يبحث في هذا التوجه من كل جوانبه وأبعاده، والمشكلة أنهم ينظرون للأمور من زوايا ضيقة جدًّا دون الاطلاع على كامل المحتوى، ليخرجوا لنا بتأكيدات وهمية لتوجهات لا تتعدى ظل أجسادهم:
فهناك من ينتقد عرفًا اجتماعيًّا عاش عليه الآباء والأجداد سنوات طوال بكل حب وود واحترام ووئام.
وهناك من ينتقد التزاما دينيا عهدناه منذ نشأتنا مُوثقًا بالكتاب والحديث النبوي الشريف.
وهناك من ينتقد الوزير الفلاني أو الوكيل الفلاني أو الرئيس التنفيذي أو أي مسؤول... وهو يعرف أن هؤلاء الناس يبذلون الغالي والنفيس في سبيل إنجاح مهامهم، ويقضون الساعات الطوال سواءً كان ذلك في ساعات الدوام الرسمية أو خارجها، وحتى في عطلات نهاية الأسبوع أو إجازاتهم، ليزيدوا إنتاجهم ويجودوه، ثم يأتي كائنا من كان لينسف ذلك الجهد بسبب فكرة في غالب الأحيان تكون خاطئة لديه.
من سمح لهؤلاء باعتلاء هذه المنابر والمنصات؟! ومن سمح لهم بالتصدر في الخطابة والتقدم بالنصح والإرشاد؟! وماهي المؤهلات التي يحملونها للقيام بهذه المهمات الصعاب الغلاظ؟!
اتقوا الله يا إخوة فيما أنتم مقدمون عليه، وخافوا ربكم في النشء والشباب واليافعين.
أعتقد وأكاد أجزم ومعي الكثيرون أننا نعم في زمن الرويبضة!!
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وكل مقيم على أرضها من كل سوء ومكروه.
-----------------
ملاحظة: الرويبضة هو الشخص غير المُتخصِّص الذي يتحدث في أمور العامة.