الحرب الأوكرانية بين الدولار واليورو

بدر الشعيلي

@bader-sk

لم تذهب الحرب في أوكرانيا هباء، بل كانت لها تأثيرات كبيرة جدا على الجانب الاقتصادي، لا سيما العملتين التين تتصدران العالم: الدولار واليورو.

ولا يكفي أن ندرس الحروب الدولية على أنها خسائر في البنية التحتية، أو أنها تأخر للحضارات، بل الأعمق من ذلك أن نركز النظر على العملتين في تأثرهما بهذه الحرب، وهذا بطبيعة الحال ما كان من حرب أوكرانيا.

يقول الخبير المالي سعيد يوسف -حسب "الجزيرة نت"- إنَّ الحرب الأوكرانية كانت هي الصدمة التي جعلت اليورو ينخفض انخفاضا غير مسبوق مقارنة بالدولار الأمريكي. هذا الانخفاض كانت له سوابق عديدة؛ منها: ضعف عملة اليورو بعد كورونا مقارنة بقوة الدولار الأمريكي بعد الجائحة، إضافة لتضخم عملة اليورو الذي جعل الدولار يصعد بنسبة كبيرة جدا.

وقالت "الظرفية والموازنة الاستشرافية" إنَّ رفع نسبة الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية سيزيد من هروب رؤوس الأموال إلى أمريكا؛ وبالتالي زيادة الضغط على اليورو؛ مما سيؤدي لمزيد من انخفاضه، وبالتالي صعوبة العيش في أوروبا بسبب ارتفاع التكاليف التي ترهق كاهل المواطنين. وقد قدر انخفاض اليورو مقابل الدولار من 1.18 في العام 2021، إلى 1.07 في العامين 2022 و2023.

وهذه الحرب في أوكرانيا عملت على غزو الجانب النفسي لدى أصحاب الأموال؛ إذ زادت عدم الموثوقية لديهم في اليورو؛ لأنهم باتوا يشكون زيادة استثماراتهم بعملة اليورو، الأمر الذي أدى بدوره إلى ترحيل أموالهم بالدولار الأمريكي.

هذه هي دواعي الحروب وما تفعله على الصعيد الاقتصادي في انخفاض العملات، وبالتالي ارتفاع كُلفة معيشة المواطنين، ليُصبح المواطن في الأخير مسجونًا بحجة عدم مقدرته على دفع تكاليف المعيشة في هذه الدول.

لا يُفكِّر أصحاب القرار في هذه التبعات التي تجعل الشعوب ترزح تحت خط الفقر، لذلك هذا الوعي الاقتصادي بأهمية انخفاض العملة وارتفاعها مهم جدا للعيش في ربوع الاستقرار؛ إذ إنَّ العالم اليوم مرتبط سوقه بهذه العملة التي ترتبط بحياة أمم بأكملها.

وما دام هيكل الأمم بأكملها واقعًا تحت أقوى العملتين في العالم، فلا بد علينا كأمم متأخرة أن ندرس التأثيرات الاقتصادية التي ترفع من هاتين العملتين وتخفضهما، ولا بد أن ندرس مدى الارتفاع وآثاره المترتبة عليه؛ لأن هذا الوعي يجعلنا -على الأقل- في مصافّ من يفهم ما يدور حوله في العالم.

دائما ما ندعي أن العالم هو قرية صغيرة، لكننا في المقابل غير مستعدين لأن نقضي ساعة يوميًّا نطالع فيها الصحف الغربية وما تنشره عن الآثار السياسية والاقتصادية المترتبة على التغيرات المتعددة التي يشهدها العالم في مختلف الجوانب المتعددة، وأقول بأنَّ الحرب الأوكرانية غيرت في الكثير من المؤشرات السياسية والاقتصادية وحتى المجتمعية، لهذا يجب أن نتفاعل مع ما ندعيه بـ"القرية الصغيرة" لنلحق بالأمم.

تعليق عبر الفيس بوك