صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد
قوس قزح.. الألوان الأجمل في الطبيعة، يا جمال هذه الألوان حين تتشكَّل بعد سقوط المطر. يا لروعتها وجاذبيتها ونقائها الطاهر الطري في الأفق، ولكن لم تعد هذه الألوان القزحية جميلة راقية كما كانت منذ آلاف السنين؛ فثمة من اختطف هذا الجمال المُشرق، وشوَّه هذا الرونق الرباني العفيف، وسرق من هذه الألوان روعتها وبراءتها وأنزلها للحضيض. ثمَّة من انتزعها من أفقها الشامخ الذي يعلو كبوابة للسماء ومعراج للأفق، وأنزلها أسفل سافلين.
قوس قُزح.. هذا الطيف بألوانه الربانية الزاهية، ثمَّة من هبط به إلى السفح وألبسه ثوب التائهين الضالين، المُسرفين على أنفسهم.. ثمَّة من اتخذ هذه الألوان مسارًا وشعارًا وعنواناً لمن لا عنوان له ليكون له المؤشر والدلالة بدون حياء.
كيف للجمال العالي بألوانه الربانية الرفيعة في الأفق أن ينزل إلى الحضيض ويصبح بغيضا مرفوضا؟! كيف للجمال المُنير الذي يناظر الكون في السماء أن يتلوث جماله فيصبح مكروها منبوذا غير مرغوب في رؤيته ولا مرحبا بوجوده؟!
أصبحنا نتلفَّت حولنا نبحث عن ألوانه لنمنعها ونصادرها، ونغلق أعين الصغار عن رؤيتها. نتابع البرامج التليفزيونية متُوجسين أن تظهر هذه الألوان بأشكالها ومضامينها المُسيئة لتحرج الكبير قبل الصغير في ظهورها العلني المخجل، أو تتسرب تبث أفكارها المشينة للأطفال والمراهقين، وتدعوهم ضلالا إلى الانضمام إليها ومشاركتها السير في مسارها.
أصبحنا نتلفَّت لعلَّ هذه الألوان بيننا وحولنا تتشكل بتشكيلاتها المتنوعة أمام ناظرينا دون وعي منِّا وانتباه ترسل رسائلها المريبة إلى مجتمعنا. صِرنا ننظر لأثواب النساء والرجال في ريبة لعل هذه الألوان القزحية مدسوسة في تشكيلاتها، أصبحنا نُدقق في رسائل الواتساب وغيرها المبعوثة لعل أحدهم لديه سر يثقل ذاته يريد إخراجه للعلن، ووجدها سانحة أن يبوح به عبر هذه الألوان التي يرسلها ليُخفف عن نفسه من عذابات ضميره وتأنيب ذاته، إفصاحا عن توجهاته العميقة الكامنة من خلال هذه الألوان ليجعل المجتمع يتقبله بفعلته، وليهيئ الآخرين لتقبله بعدما اتبع هذا المنكر الخارج عن الطبيعة والمألوف.
مهما حصل لا يُمكن للمجتمع أن يتقبل أولئك المتلونين بقوس قزح المتوشحين بأرديته مخالفة للدين والقيم والعادات والتقاليد، شاهرا ظاهرا علانية، ومن ابتلي فعليه بالستر وإخفاء ابتلائه ليبقيه لذاته بينه وبين من على شاكلته سرًا.
فالمجتمع يرفض كل هذه المظاهر غير المناسبة والتي لا تتوافق مع الخليقة السوية، وأصبحت هذه الألوان منبوذة مُطاردة، مطلوب القبض عليها من قبل السلطات إذا تسرَّبت إلى منتجاتنا، والإبلاغ عنها عند رؤيتها لإقصائها ومصادرتها ونفيها.
قوس قزح بمظاهره وأفعاله العلنية المكشوفة المعيبة أصبح مُجرَّما مُداناً مع سبق الإصرار والترصد، مسجلا خطرا على ديننا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، وجب التحذير منه وإيقافه من التسرب إلى مجتمعاتنا المحافظة.
مؤامرة يتم نشرها وترويجها لا تتفق مع ديننا وأخلاقياتنا وقيمنا، يرفضها المجتمع ولا يرغب في تواجدها، حتى لو تفنن المتآمرون في تجميلها عبر هذه الألوان القزحية التي لم تعد جميلة في أعين ناظريها ولا رائعة في تكويناتها، عندما أصبحت عَلمًا ومَعْلمًا لكل ما هو غير طبيعي ومألوف، وخارجة عن إطار المتبع والفطرة السليمة.
دعم خارجي مروَّج مُساند لهذه الألوان وما تمثله من أيديولوجيا بدعوى منح فئة قوس قزح المتلونين حقوقهم!!
أفكار غير مقبولة وهي مردودة إلى مرجعيتها المتحرِّرة من أخلاقياتها والمتجردة من فطرتها السليمة. أما حقوقهم المسلوبة فادعاء آخر مُنفصل عن الواقع المَعيش في هذه الجغرافيا من العالم وفي هذا التكوين العربي الإسلامي الأصيل.. نسأل الله أن يستر عليهم ويخفف على مبتلاهم بلواه ويهديهم إلى طريق الرشاد.