راشد بن حميد الراشدي، عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
هجماتٌ تتبعها هجمات، وكلها مُمنهجة لتدمير الأمم والشعوب التي تُصاحب الفضيلة، لتمكين حفنة من الخبثاء الفاسدين لحكم عالم يتبع شهواته وملذاته، ويكون كالأنعام، ويتم تجريده من كل فكر صالح يقوده لحريته ومحاربة تلك الأفكار الهدامة بفكرها الشيطاني اللعين، والذي سيقضي على العالم أجمع في سنوات بسيطة إذا لم يعِ العالم خطورة تلك المخططات، والفكر الجديد الذي يحاول الخبثاء نشره وتحقيقه وتصديره للعالم أجمع.
فتصدير المثلية والإلحاد واللادين، وجعل الإنسان إمَّعة لغرائزه ورغباته، وتدمير المرأة والرجل والأسرة، وأدوارهم التي خُلِقوا لها، ونشر الفوضى من خلال افتعال الأزمات المالية والاقتصادية والصحية -كنشر الأوبئة- كلها أهدافٌ شيطانية مدروسة ذات بُعد واحد، وهو تدمير الإنسانية والقضاء عليها.
أمثلة اليوم التي تعيشها شعوبهم من رذيلة وتفكُّك أسري وشذوذ وتشرذم وتشويه لمنطقية الحياة بفطرتها السوية الربانية، كلها أتت عليهم بالوبال، وردت كيدهم في نحورهم؛ من خلال كثرة حالات القتل والانتحار التي تتنامى في بلدانهم.
هم لا يأبهون لكل ذلك، طالما تتحقق مصالحهم المادية، وجنونهم نحو العظمة وامتلاك أدوات الشر والجبروت.. قبَّحهم الله.
مُنذ عشرات السنين، والعرب والمسلمون خاصة، هم منبع ثرواتهم ودروب انتصاراتهم؛ فكان السلاح والقوة هو محور فتكهم بتلك الشعوب المتشبِّثة بسراب العدل الدولي المشبوه بمؤسساتهم الماجنة، والتي سمحتْ بإبادة الشعوب بدءًا من فلسطين إلى العراق وسوريا وليبيا واليمن وأفغانستان، وتقسيم السودان، وإشاعة الفوضى في عدد من البلدان العربية لخدمة مصلحة الهيمنة على العالم ونهب ثروات تلك الدول.
اليوم.. تأتي تلك الأدوار الخبيثة بصورة ألعن من سابقتها، في تركيع الشعوب نحو هيمنة عصابات تُريد تدمير الأمم، بشحذ كل جهودها لتكريس البُعد عن الدين والأخلاق والمُثل الإنسانية؛ من خلال استهداف النشء والشباب والأسرة في التجرُّد من إنسانيتهم، ودفع ملايين الدولارات للفاسدين في تلك الدول، ووضع المخططات الغريبة والهدامة على مجتمعاتنا التي تعيش بفطرة الإسلام السوية التي خَلَق الله بها بني البشر، فشنَّت الحروب على الدين ورموزه الصالحة، كما أسقطت الأخلاق الحميدة باسم التخلف وتقييد حرية المرأة والرجل، وشُجِّع المجون والسفور والشذوذ، وبُثَّت السموم في مناهج التعليم، وجُندت دور الكتب والمجلات والصحف والقنوات التي تدعو لأفكارهم الهدامة والمنحلة.
اليوم.. يعيشُ العالم أسوأ نكساته الأخلاقية في مُجتمعات بَقِي فيها اللبيب حائراً أمام كل هذه السقطات الشيطانية المدبرة، وكأنَّ العالم بقي مكتوفَ الأيدي أمام كل هذه الشرور والمصائب التي ستحرق الأرض وتبيدها بأفعال السفهاء.
ويلٌ للعرب وللمسلمين من شرٍّ قد اقترب إذا لم ينتبهوا لهذه المخططات التي ستُهلك الحرث والنسل؛ وذلك من خلال مُحاربتها بكل ما استطاعوا من سبل، وأوَّلها العودة إلى دين الله القويم وتدعيمه وغرسه في قلوب الناشئة، والاهتمام بالأسرة نواة المجتمع في توعيتها وتربيتها التربية الصالحة، والاهتمام بالتعليم من خلال مناهج مميزة تتناول شقيه الأخروي والدنيوي، وبث فضائل الأخلاق في مجتمعاتنا، وإيجاد القوانين التي تردع ممارسة الشذوذ...وغيرها من الآفات الدخيلة على مجتمعاتنا، والاعتماد على ثرواتنا البشرية والطبيعية وخيراتنا التي حَبَا الله بها أوطاننا في العيش والكسب الحلال، وإشاعة العدل والمساواة في كل مناحي الحياة.
هنا.. سيتحقَّق الأمل نحو ردع هؤلاء الفاسدين في العبث بمقدرات الشعوب، والعبث بالإنسان قوام هذا الكون، فما يحدث اليوم من غوغاء وفوضى عارمة تجتاح العالم هو شيء يدعو للذهول، في ظل مجتمع صامت على ما يُصدَّر إلى أبنائه من انحلال وفجور.
علمانيَّة هذه المؤامرات أو غيرها من المسميات البرَّاقة سوف تؤدي إلى نتيجة واحدة لا ثالث لها؛ وهي: تدمير الإنسان في كوكب سخره الله ليعيش فيه، ويحسن عمارته، ويطيع ربه في كل ما أمر، وينتهي عن كل ما نهي عنه.
سلَّمكم الله، وسلم شعوبنا جميعًا من شرورٍ تَحِيقُ بالبشرية جمعاء، وتأكل الأخضر واليابس في ممارسات تأباها وتُنكرها النفوس السوية الصالحة، وأدعو الله جلت قدرته أن ينقلب كيد الساحر عليه، ويحفظ أمتنا الإسلامية والعربية من شرٍّ قد اقترب، بتماسكها ونبذ كل انحلال ورذيلة يُراد بها تدمير أوطانهم، والأمر والحكم لله الواحد القهار في كونه وملكوته، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.