اقتصاد الخدمات المستقلة

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

في مقالي الفائت المنشور بجريدة الرؤية تحدثت عن موضوع التحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المعرفي الذي طُرح ضمن منتدى عُمان للموارد البشرية المعقود خلال الفترة 22 و23 يونيو الماضي.

وفي هذا المقال، سأتطرق إلى موضوع آخر مهم وله ارتباط وثيق بالموضوع الأول؛ سأتحدث عن اقتصاد الأعمال أو الخدمات المستقلة المعروف باللغة الإنجليزية باسم Gig Economy، ووفقًا لموقع "المجرة" يُسمى كذلك اقتصاد العمل الحر، والاقتصاد التشاركي، وهو "الاقتصاد الذي يعتمد على الوظائف المرنة والمؤقتة، ويتم التعامل مع موظفين مستقلين بدلًا من الاعتماد على موظفين بداوم كامل" كما تعرّف الخدمة المستقلة بأنّها "مهمة محدودة يؤديها (المستقل) Freelancer مقابل مبلغ يتناسب مع حجم الخدمة ويُسدد في غالب الأحيان باستخدام وسائل الدفع الالكتروني". ومع المتغيرات العالمية المتتالية والسريعة سياسيًا واقتصاديًا خاصة جائحة "كورونا" وما نتج عنها من أزمات اقتصادية ساهم في تغيّر نمط الأسواق التقليدية، وانتعاش تقديم الخدمات المستقلة لمن يطلبها سواء الشركات أو الأفراد؛ وبالتالي ظهور كثير من التطبيقات والمنصات العالمية والمحلية كمظلة واحدة تخصصية لتقديم خدمة معينة. واستنادًا إلى موقع "العربية" يعمل 162 مليون شخص في أوروبا والولايات المتحدة في سوق العمل المستقل ليمثل هؤلاء ما بين 20 و30% من القوى العاملة.   

ومن مزايا العمل الحر أنّه يوفر بيئة عمل مرنة بدون التقيد بساعات عمل محددة، إضافة إلى استقلالية تنفيذ المهام وبدون ارتباط الأفراد بشركة معينة، كما يُسهم في تنويع مصادر الدخل. وفي المقابل هناك سلبيات لهذا النوع من الأعمال مثل التنافسية العالية في السوق، وغياب الأمان الوظيفي، وعدم وجود دخل ثابت نظرًا لأنّ الأعمال تعتمد على العقود المبرمة لإنجاز أعمال معينة، وفقدان بعض المزايا التي يتمتع بها الموظفون من ذوي الوظائف الثابتة مثل التأمين الصحي وأنظمة التقاعد.

وتأسيسًا على ذلك؛ يُمكن القول إنّ سلطنة عُمان هي جزء لا يتجزأ من هذا العالم، وبالتالي من الأهمية بمكان ولوج هذا العالم الاقتصادي الجديد، وربما أنّ البعض قد انخرط أساسًا في هذا الاقتصاد؛ بحيث يتمكن الفرد من استثمار مهاراته وتقديم خدمات عالية الجودة، وتسويقها في مختلف دول العالم باستخدام الشبكة العنكبوتية "الإنترنت".

وبالتالي يُمكن للباحثين عن عمل، والمتقاعدين، وربات البيوت من ذوي المهارات كسب مبالغ مالية من خلال الاستفادة من مزايا اقتصاد الخدمات المستقلة. وهذا يقودنا للحديث عن أهمية التعلم الذاتي للأفراد وتنمية مهاراتهم حتى يتمكنوا من دخول السوق والمنافسة فيه، وأهمية تأطير هذا العمل بالقوانين والتشريعات المناسبة، وضرورة وجود شبكة إنترنت قوية في كافة محافظات السلطنة؛ لأن العمل في هذا المجال يعتمد بشكل رئيسي على النظام الإلكتروني.

ختامًا.. أستطيع القول إنّ الدخول في هذا السوق لا ريب أنّه سيسهم في تحقيق فوائد مالية جيدة، وفي نهاية المطاف تحريك الاقتصاد الوطني.