لماذا تتحول المؤسسات الحكومية إلى شركات؟

إسماعيل بن شهاب البلوشي

التغيير والتطوير والدمج وحتى التخصيص في بعض المشاريع يعد أمرًا مهمًا في مسيرة أي وطن؛ لأن تقلب الزمان والمستحدثات ومواكبة التطور العالمي يحتاج الى مواءمة، والجمود والسكون هو علامة من علامات الاستكانة؛ بل والتكاسل، ولكن كيف يتم ذلك؟ ولماذا؟ ومتى؟ والسؤال الأهم: هل التغيير والتحديث فرصة لتحقيق مآرب خاصة؟ أم إن ذلك القرار يخدم الوطن والجميع ويحقق مصالح خدمية أفضل ويوفر فرص عمل وعائدًا ماليًا يمكن استخدامه في جوانب أكثر أهمية؟

لستُ أكثر علمًا وفكرًا ممن يتخذون القرار حتمًا، لكن المراجعة والمشاركة في الرأي للوصول إلى الأفضل هو الأكثر حتمية إيجابًا؛ وذلك بهدف التناضح الفكري الذي يمكن أن يولِّد رؤية أكثر نضجًا وفائدة، ولذلك فالسؤال المهم هنا أيضًا: هل إن الأمر اختلط علينا بين تحويل مؤسسات حكومية تقوم بعملها على أفضل ما يمكن ومخصص لها مال معين قد لا يزيد عن 3 ملايين مثلًا، ويتم تحويلها إلى شركة حكومية، بينما لا يكفي هذا المبلغ لجزء من رواتب كوكبة المديرين ورؤساء اللجان والاجتماعات وغيرها، وأن يكون بعيدًا عن أي فكرة ربحية مالًا وعملًا، وبين جانب آخر وهو التخصيص الذي  يجعل الحكومة ترفع يدها عن الأمر برمته وتوفر الثلاثة ملايين ريال وتعطي لشركة متخصصة مضطلعة بهذا الأمر ولها ربحها وعليها خسائرها، وتُدار هذه المؤسسة بطريقة أكثر احترافية وتقدم خدمات أفضل؛ بل وتعطي للحكومة جزءًا من الأرباح التي توفرها من الأموال؛ لتكون الفائدة مضاعفة مع الالتزام بتشغيل المواطن؟!

وهل هناك تداخل في المعرفة أم في المصلحة؟ وماذا عن الأسس الوطنية التي علينا جميعًا أن ندرك أن أي مال أو جاه أو وظيفة لا تعادل على المدى البعيد استقرار الأوطان وتوازنها وعزها وقوتها وكذلك استدامتها للمدى الأبعد للأبناء والأجيال القادمة؟ إلى جانب ترسيخ مبادئ تجعل من الوطن قادرًا على الصمود والتأقلم مع متغيرات الحياة التي تكون عاصفة في بعض المواقف.

كيف نفكر إيجابًا ونبحث عن حلولٍ إذا كان- مثلًا- لتفعيل عمل البريد فإنه على المواطن أن ينجز بعض المعاملات عن طريق البريد، بينما نبحث عن تقليل وتقليص الإجراءات التي هي أصلًا مُملة، وهل هذا يعني رفد رواتب المدراء في الشركات الحكومية أم ماذا؟ وهل من المنطق والحكمة أن نفكر بهذه الطريقة؟

وأخيرًا.. إن الفارق بين تحويل منشأة حكومية إلى شركة حكومية تحقق الخسائر ويتم رفدها سنويًا من الصندوق العام للوطن هو بمثابة أكل حقوق العامة من أشخاص محدودين، وكما أذكر دومًا إن حل بعض المسائل ومراجعة كل شيء ومن أي وطن حتمًا لن يكون من الجهة المستفيدة، وعلى من هم أعلى في التنظيم الإداري أن يقولوا كلمة الفصل عاجلًا وليس آجلًا، وأن تكون الأمور في مجراها الصحيح، وهنا الحديث ليس فقط عن البريد إنما عن قطاع الكهرباء التي ليست ببعيد عن هذا الوضع، وجوانب أخرى تحتاج جميعها إلى جهة أعلى لكي تقول كفى!