في التسعين (3)

د. خالد بن حمد الغيلاني

Khalidalgailni@gmail.com

@Khalidalgailani

 

في المقال السابق سألني أحد الأخوة الكرام؛ ماذا تقصد بعبارة "ما نمسي على اختياره قد نصبح على اختيار غيره"؟ وكان الحديث عندها عن انتخاب الجمعيات العمومية لمجالس الإدارة بالاتحادات الرياضية المختلفة.

حقيقة الأمر أن الدوافع الانتخابية كثيرة، والكل يرى أن الكفاءة والقدرة هي معياره الأساسي في الاختيار، نعم.. لكن حسبما يراه هو.

وحينما ذكرتُ في المقال السابق تلك العبارة محل التساؤل فقد عنيتها تماما، وقصدت بها أن أعضاء الجمعية كانوا على عدة توجهات، واعتمدوا عددا من الآليات في الاختيار؛ فبعض الأعضاء درسوا أسماء المترشحين من جميع الأندية، وعقدت مجالس إداراتهم اجتماعات عديدة لتحديد الشخص الذي ينال صوتهم، ومن يقوم بالتصويت، وهذا وفقا لمكانة المترشح وأهميته، ومن ثم لحضور الاتحاد نفسه بين الاتحادات الأخرى، وبعيدا عن الدوافع وراء الاختيار، فإنه منطقي إلى حد كبير ومقبول، وفيه كثير من الوضوح والموضوعية، لكن من نهج هذا النهج قليل من كثير.

أمَّا الآلية الثانية، فهؤلاء انحازوا تماما لممثلي المحافظات التي ينتمون إليها، وحشدوا كل جهد ممكن ليحصل ممثلوهم على الأصوات المطلوبة، وعقدوا توافقات مع غيرهم للمعاملة بالمثل، وهذا يحدث بطبيعة الحال في الانتخابات، ولا يمكن تجاوزه أو منعه، وهو ممارسة طبيعية للكثيرين، بل ويراها هؤلاء حقًّا وواجبًا في آن واحد.

وهنا.. يحدُث كثير من التحولات في الأفكار والتوافقات، ومُمكن أن يتم ذلك التغيير في الموقف حتى أثناء سير العملية الانتخابية، يتحكم في هذا الأمر مسار المترشح هذا وذاك.

وبأمانة شديدة، فإنَّ هذا النهج في العملية الانتخابية لا يأتي بالمأمول والمعول عليه في القيام بالبناء والتطوير، ذلك أن الهدف المعتمد هنا هو نجاح هذا التكتل الانتخابي دون غيره.

والآلية الثالثة أن يعمل كل عضو لوحده ساعيًا لنجاح ممثله، معتمدا على عدد الأصوات التي يملكها في مختلف الاتحادات، وعلاقته البينية مع الآخرين، وهنا تتم عملية تبادل الأصوات لكنها بدرجة أقل، وفي الغالب الأعم فإنها ناجحة لمن يترشح لمناصب العضوية، ولها أثرها الذي لا يجهله أحد.

أما الآلية الرابعة، فهذه عادة تكون لمن لم يترشح من طرفه أحد، وصوته متاح للجميع، وهذه المجموعة هي من ترجح طرفا على آخر، ويمكن أن تذهب بالبعض بعيدا جدا عن كل التوقعات. وقد لعبت لقاءات الطوابق العلوية في توجيه مسار هذه المجموعة دورا كبيرا، وأسهمت في الدفع بعدد من المترشحين للمقدمة خلال الساعات الأخيرة.

عموما.. ليس شرطًا أن تأتي الانتخابات بالأفضل (والأفضلية نسبية)، لكن الحقيقة الماثلة أمامنا أنها جاءت بمن قال لهم الأعضاء المصوتون "نعم".

ونعم هذه تعني ثقة نالوها، وأمانة وطنية تحملوها، وهم -أي مجالس إدارات الاتحادات- أمام مسؤولية عظيمة تقدموا لها طوعا، ونالوها عبر صناديق انتخابية معلنة، وطوَّقوا بها أعناقهم.

لذلك؛ فإنَّ أبناء عُمان وشبابها ورياضييها ينتظرون منهم الكثير: تطويرا وتفعيلا وإنجازا، وهذا يحتاج للوازم وعزائم وقدرات، فإن توافرت فهذا المراد، وإلا فليستعينوا بذوي الخبرات والإمكانات، وهذا التصرُّف الرشيد الذي يهتم بالنجاح والإنجاز، ويسعى للتعاون والاستفادة من التجارب المختلفة.

أمَّا أعضاء الجمعيات، فعليهم أمانة أعظم ودور رقابي كبير، ولا بد من "حوكمة أداء إدارات الاتحادات" تجاه ما حدَّدوه من أهداف وما ركزت عليه خططهم من محاور تطويرية وخطوات نحو إنجازات عالمية، وكيف خطَّطوا لتحقيقها، ومُدد ذلك، وما تم حتى الآن، وهل المسار واضح أمام الجميع؟!

وختاما.. لكم كل الحق في الاختيار، وعليكم كل الواجب في الرقابة والمتابعة.