في التسعين (2)

 

 

د. خالد بن حمد الغيلاني

khalidalgailni@gmail.com

@Khalidalgailani

كانَ الحديثُ في المقال الأول عن علاقة الجمعيات العمومية في الأندية بمجالس إداراتها؛ واليوم نتحدَّث عن العلاقة بين طرفيْ المعادلة الأخرى في منظومة العمل الرياضي؛ وهي علاقة الأندية كجمعيات عمومية بمجالس إدارات الاتحادات الرياضية المختلفة؛ هذه العلاقة التي يُعتمد عليها في تطوير الألعاب الرياضية بهدف المنافسة على مستوى المسابقات التي تُنظمها الاتحادات محليًّا، وبهدف تمثيل سلطنة عُمان تمثيلا مشرفا منافسا من خلال المنتخبات الوطنية التي تُشرف عليها هذه الاتحادات، والتي عليها واجبُ العمل الكبير جدا من أجل حضور منافِس بقوَّة في شتى المحافل الرياضية؛ رفعةً لعمان، وتحقيقًا لما نصبو إليه جميعا من رغبة حقيقية في تحقيق إنجازات رياضية.

وقبل ما يزيد على العام، اجتهدتْ الوزارة في تطوير الأنظمة الأساسية للاتحادات الرياضية، وتمَّ بالفعل إصدار نظام أساسي موحَّد لهذه الاتحادات، يهدف لتطوير العمل بها، وحوكمة الأداء، ومتابعته بدقة، معتمدة في ذلك على تطوير العلاقة بين الجمعيات العمومية لهذه الاتحادات وبين مجالس الإدارة فيها، وساعية لتعزيز الموضوعية والشفافية في اختيار مجلس إدارة مُتمكِّن وقادر على تلبية الطموحات الوطنية والمجتمعية في بلوغ الغايات المنشودة، والتي هي قريبة لِمَن أحسن التخطيط والإعداد وعمل عليه، وبعيدة المنال على من لم يعمل ويجد ويستعد، ويتخذ الأسباب لبلوغ الهدف والغاية.

وبالفعل؛ تمَّ اعتماد الأنظمة الأساسية للاتحادات من خلال الجمعيات العمومية لها، واستبشر الجميع خيرًا بتطوير العمل المؤسسي فيها، والذي أساسه اختيار مجالس الإدارة على ثوابت وطنية واضحة؛ أهمها: القدرة والكفاءة على تطوير العمل بالاتحادات، تطويرا شاملا؛ سواء كان في طرق الإدارة وأساليبها، أو المسابقات ومختلف عناصرها، أو اللاعبين على مختلف الفئات، أو بناء الخطط والبرامج التطويرية، أو توثيق العلاقة وتطويرها مع مختلف الشركاء.

وتداعَى الجميعُ للمشاركة في العملية الانتخابية التي في المُجمل كانت دون المتوقَّع من حيث عدد المترشحين لمختلف المناصب، وغابت الكثير من الأسماء المأمول منها تعزيز العمل وتطويره. وبطبيعة الحال، هذا الغياب عن دخول المنافسة والترشح إما استجابة لتعديل بعض نصوص النظام التي حالتْ دون الترشُّح أو لغياب المساندة والدعم المطلوب من قبل الجمعيات العمومية، أو غير ذلك من الأسباب.

وعمومًا.. استُكمِلت العملية الانتخابية وحُدِّدت أسماء الفائزين في مجالس الإدارة، وكان لكلٍّ هدفه وغايته، أو توجُّهه وتوجيهه، وهذا أمر طبيعي في أي عملية انتخابية، فمحددات الاختيار قد تكون منطقية أو مناطقية، وقد تكون موضوعية أو منحازة، المسألة نسبية والنظرة إليها مختلفة، ولا يمكن مع الأخذ بمبدأ الانتخاب أن نتفق تماما أو نسير على منهج واحد، ولعل ما تمسي على اختياره تُصبح على اختيار غيره.

... إنَّ ما يجب السؤال عنه الآن، هو: ماذا تم بعد أكثر من عام؟ وما أنجزته هذه المجالس؟ وهل لها رؤية واضحة أو إستراتيجية مُعلنة تسير عليها؟ وكيف هي العلاقة مع مختلف الشركاء؟ وهل زادتْ هذه العلاقة؟ وهل... وهل... وغيرها من التساؤلات التي لا وُضُوحَ لإجاباتها في الغالب الأعم، أو هكذا يبدو لي!!

ومما اتَّضح لي سعي العديد من مجالس إدارات الاتحادات لحجز مقاعد إقليمية، ومن ثم سيكون السعي لمقاعد دولية، فهل الدافع في ذلك إيجاد مساحة مناسبة تمكِّن هذه الاتحادات من قول كلمتها وحضورها، بما ينعكسُ إيجابا على اللعبة وتطويرها داخل السلطنة؟ أم أنَّ الدافع الحصول على مقعد دولي يضمن البقاء في مجلس الإدارة وفقا لما أقره النظام؟

وحقيقة.. إنْ كان الدافع الأول فهذا جيد، ولكن يجب ألا يكون على رأس الأولويات؛ إذ الأولى أن ندرس الواقع ونبني لمستقبل تطوير اللعبة، ومن ثمَّ تطوير المنتخبات للمنافسة الحقيقية التي تعود على السلطنة بمراكز وميداليات هذا هو الأولى والأولى، والحصول على المقاعد يأتي نتيجة جهد واضح وعمل مستمر في التطوير والبناء.

على مجالس إدارة الاتحادات المختلفة عمل كبير جدًّا، وواجب مُلزم لهم، وبأمانة شديدة لا عذر لأحد، ولا يُقبل منهم التعلُّل بقلة الإمكانات أو ضعف الموارد، أو عدم مشاركة الأندية، أو غير ذلك من الأعذار. ويجب أن نلزمهم جميعا بما ألزموا به أنفسهم من أهداف وطموحات وإستراتيجيات لا نرى وضوحًا لها حتى الآن.

ومن هنا.. أدعو المعنيين بالإعلام الرياضي إلى أنْ يكونوا حاضرين وبقوة؛ فهم أهم أدوات الحوكمة المعوَّل عليها، وهم كما نعهدهم دومًا على مسافة واحدة من الجميع، وهدفهم الأسمى التطوير لا البحث عن المثالب.

وأقصَى ما نتمناه أن نرى مُختلف مُنتخباتنا ومشاركاتنا حاضرة وبقوة للمنافسة في كل المحافل.

وفي الختام.. لديَّ سؤال: أيُّهما أفضل لتطوير اتحاداتنا ومختلف الألعاب: انتخابات بشكل كامل، أم تكون بشكل جزئي، وللوزارة الحق بالتعيين في بعض المناصب؛ كونها الجهة المشرفة، وكذلك صاحبة التمويل الأكبر في بعض الاتحادات، والكامل في معظمها؟