بنك وملتقى الأفكار

 

إبراهيم الريامي

oman2investin@gmail.com

 

 

تحدثنا في المقال السابق عن أهمية الأفكار وكيف يمكنها أن تصنع الفارق في رقي الأمم وتقدمها، كما تطرقنا إلى سهولة قتل الأفكار وإجهاضها.. وفي هذا المقال نلقي الضوء على مقترح لتبني الأفكار، وإخراجها إلى حيز الوجود.

تخيّل معي لو أن البلاد تبنت سنويًا ثلاث أفكار لمشاريع إبداعية مميزة، لا تكلف الدولة إلا الشيء اليسير ويصاحب الإعلان عنها خطة واضحة للتنفيذ، ويقام لهذا الغرض احتفالية سنوية يسلط من خلالها الضوء على فكرة هذه المشاريع الثلاثة ويتم تكريم أصحابها، وتتحول هذه المناسبة  إلى تظاهرة سنوية تحظى بالرعاية والاهتمام وبتغطية إعلامية كبيرة. وتكون الانطلاقة لهذا المشروع من خلال إنشاء بنك عماني، لكن ليس ككل البنوك التي ترتبط بالمعاملات المالية؛ بل لغرض إيداع المدخرات الفكرية تحت مسمى "بنك سلطنة عمان للأفكار". وهدف البنك يتمثل في تلقي أية أفكار إبداعية هدفها خدمة عمان وتقدمها في كافة المجالات الاقتصادية، والسياحية، والإسكانية، والرياضية، والعلمية، والتكنولوجية، وكذلك تقديم الحلول المناسبة لأية تحديات قائمة حاليا كتحدّ الباحثين عن عمل، وإيجاد مصادر دخل متنوعة. ويرحب أكثر بالمشاريع المبتكرة التي تقترح مصادر تمويل غير حكومية.

ولأجل إخراج هذا المقترح الى حيز الوجود، فإن الخطوة الأولى للمشروع ستكون من خلال إنشاء موقع إلكتروني للبنك بمسمى " بنك سلطنة عمان للأفكار" يتيح للمواطنين والمقيمين وكل المبادرين من خارج البلاد الوصول إليه والمشاركة بأفكارهم ورؤاهم واقتراحاتهم في كافة المجالات، ويتم تحديد محاور الأفكار وموضوعاتها ومعايير الأفكار المطلوبة. وهنا أقول ما أجمل أن تجتمع العقول في البناء وما أشرفه من بناء حين يكون في حب الوطن.

الأفكار ستكون غزيرة والتدافع في حب الوطن سيكون كبيرا، ولذلك فإن الخطوة التالية هي مرحلة عرض الأفكار المستوفية للشروط على فريق عمل بمسمى " فريق إجازة الأفكار"، مهمته التأكد من استيفاء الأفكار للشروط والمعايير المطلوبة . كما يقوم بتنقيح وفلترة هذه الأفكار للحصول على أفضل وأنسب الأفكار الصالحة للتطبيق على المدى القريب والبعيد. ويمكن أن يتكون هذا الفريق من لجنة محكمين من كوادر محلية وعالمية، ويتم الإعلان عن نتائج عملها كمشاريع وأفكار فائزة.

 

من حق الأفكار التي ترى النور أن يحتفى بها ويتم تكريم أصحابها حتى يكون ذلك حافزا للآخرين، ولذلك فإن الخطوة الثالثة تتمثل في إطلاق مبادرة ذات ثقل لاتقل أهمية عن مبادرة بنك الأفكار وذلك بعقد مؤتمر سنوي وفق أرقى المعايير الدولية للمؤتمرات و يتم الإعلان فيه عن الأفكار الفائزة وتكريم أصحابها بجوائز محددة، ويدعى في هذه المناسبة كبار رجال الدولة، ورجال الأعمال والاقتصاديين من داخل السلطنة وخارجها على المستويين الإقليمي والعالمي ليكون حدثا سنويا بارزا في السلطنة.

والهدف الأسمى لهذا المؤتمر أن تتحول هذه الفعالية إلى صناعة متكاملة تتسم بالحركة والنشاط يتم من خلالها استقبال الضيوف من داخل السلطنة وخارجها في شهر أكتوبر أو نوفمبر من كل عام، فتزداد حركة النقل البري والجوي، ويتم تشغيل الفنادق، ويتم التعريف بالبلاد كوجهة سياحية وثقافية ومركز استثماري مرموق. وتكون هذه التظاهرة السنوية تحت مسمى "الملتقى السنوي للأفكار في سلطنة عمان".

إن غياب أنظمة فاعلة للمتابعة يؤدي إلى تأخر إنجاز المشاريع، وعليه فإن الخطوة الأخيرة  ستكون للتأكيد على سد هذه الثغرة من خلال تعيين "فريق متابعة تنفيذ المشاريع" تكون مهمته ودوره متابعة تنفيذ المشاريع والأفكار الفائزة، والتي تمت إجازتها وتذليل أية تحديات أو مصاعب قد تواجهها مع الجهات المختصة المختلفة. وحتى يوضع هذا الفريق على المحك، فإنه سوق يكلف باستعراض تطور سيرالمشاريع التي يقوم بمتابعتها بعد السنة الأولى في المؤتمر السنوي ويوضح أهم ما تم إنجازه في هذه المشاريع.

يقول الكاتب جون ماكسويل: "كل النتائج التي نلمسها في حياتنا الآن سلبية كانت أم إيجابية هي عبارة عن مؤشرات لنوعية الأفكار التي فكرنا بها وتبنيناها في الماضي، وكل النتائج التي نتوقع إحرازها في المستقبل سوف تتحدد بنوعية الأفكار التي نتبناها الآن".

هذا المقترح ما هو إلا فكرة، قد لا تكون مكتملة، وقد يكون عليها العديد من الملاحظات، لكن يمكن التعديل عليها و تطويرها، فترى النور لتثمر، كما يمكن إهمالها وعدم الاهتمام بها؛ فتذهب في مهب الريح وتموت. وعهدي أن مشاريع عمان ذات الجدوى تحيا ولا تموت.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة