رسالة إلى حواء!

 

حسن تبوك السنافي

 

على الجميع أن يعترف بوجود المرأة وحقها المشروع ومساهمتها الفعالة في بناء المجتمع والنهوض بالدول، ودورها الريادي الواضح والملموس والذي يظهر جليا في شتى مناحي الحياة، وأن المرأة هي بالتأكيد لاعب أساسي مطلوب ومرغوب. وليست مجرد رقم على دكة الاحتياط تتفرج على كل الأحداث، بل أصبحت بالفعل صانعة للحدث كما هو الحال عند الرجل، لكن مع هذا كله تبقى للمرأة خصوصية وخطوط لايمكن تجاوزها لسبب بسيط -وبإختصار- لكونها امرأة بغض النظر عن الدين أو المجتمع الذي تعيش فيه؛ فكل نساء العالم تشترك في نفس العوامل والهموم والطرق؛ والتي تقودها في النهاية ليس إلى روما ولكن إلى مكانها اللائق وهو البيت الآمن السعيد .

بالنسبة للمرأة في عمان.. لقد اكتسبت المرأة العمانية أهمية كبيرة ودخلت إلى العصر الحديث، وواكبت التطورات الموجودة من خلال التعليم والتأهيل في شتى المجالات، وشغلت كل الوظائف حتى وصلت الى المراتب العليا في الدولة وأصبحت ضمن التشكيلات الوزارية، إلى جانب ذلك فتح المجال للمرأة العمانية للحصول على مقعد لها في مجلس الشورى، والمشاركة في الرأي والمشورة ،من ثم في مجلس الدولة لتكون تحت قبة مجلس عمان بمجلسيه الشورى والدولة، وتقلدت أرفع الأوسمة في الدولة، وحصلت على الكثير من المزايا طالما قلّ نظيرها في العديد من الدول العربية فلربما أصبحت المرأة العمانية من أكثر النساء العربيات وجودا في المناصب العليا.

وقد ساهمت المرأة ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها جمعيات المرأة العمانية المنتشرة في كل أرجاء السلطنة مساهمة فعالة وبالذات في مجالات الخدمات الاجتماعية وتنمية المجتمعات وتقديم المساعدات للأسر. تأهيل وتدريب المرأة العمانية من خلال خلق الكثير من البرامج التوعوية وصقل المهارات وإتاحة الفرصة للكثير منهن ، بالإضافة إلى عمل وتنظيم دورات مختلفة ومتعددة في سبيل المساعدة من أجل دخول سوق العمل والانخراط في المجتمع إلى جانب تشجيع المهن الحرفية والمحافظة عليها من الاندثار، اكتساب مهارات جديدة يمكن تسويقها وجعلها رافدا اقتصاديا مهما تعيش من خلاله بعض الأسر، إلى جانب ذلك كله هناك العديد من المؤسسات التي تشارك فيها المرأة سواءً الإعلامية أوالثقافية أوجمعيات الأدباء والكتاب أوالصحفيين، وغيرها من كافة المؤسسات الأهلية في السلطنة ومؤسسات المجتمع المدني.

لكن لحظة مَن الشريك في كل هذا؟  إنه الرجل، وإلى أين ترجع المرأة في النهاية؟ إلى بيت يضمها وأبناء ينتظرونها.

إن حرية المرأة لا تعني الانسلاخ عن المجتمع بقدر ما هو تمسك بالعادات والتقاليد، ونبذ كل ماهو ضد الدين، والحفاظ على الموروث الاجتماعي والأسري في المجتمع العماني، وعدم الانجراف وراء العولمة بشكل أعمى، وتقليد العادات السيئة التي حاول الغرب أن يزرعها في المجتمعات الإسلامية، كذلك الإستخدام الأمثل والاستفادة من الحضارات الموجودة في العالم، واستغلال كل التقنيات بما فيها شبكة الانترنت؛ من أجل التعلم ومواكبة العصر، ومعرفة آخر ما توصل إليه العلم في العصر الحديث، وتربية الأبناء على الواقع الموجود بطرق سليمة ومدروسة؛ من أجل مواكبة كل التقنيات دون أن يفقدوا هوياتهم وانتماءاتهم وعاداتهم؛ فالأسرة هي نواة المجتمع ومن خلالها يكون بناء مجتمع قوي قادر على تفادي أغلب مشكلات العصر؛ وهي الفقر والانحلال الأخلاقي، وهما -حسب ما أظن أكبر- آفات العصر الحديث.

هنا أتمنى من المرأة أن تكون مراعية لكل المكتسبات التي حققتها إلى جانب الحفاظ على مسؤوليتها الأخلاقية والفطرية، وعدم طغيان سلبيات العولمة على فكر وثقافة المرأة من أجل وطن يضم الجميع، وخلق مجتمع سليم قادر على مواكبة العصر دون أن يخرج من انتمائه وجذوره الراسخة في عمق التاريخ.

تعليق عبر الفيس بوك