فرضيَّات

 

فاطمة الحارثية

لنَفْتَرِض أنَّ لدينا خطة عمل لمشروع ما، ولا رغبة لدينا في وضع خطة بديلة، إذن ما هي السُّبل التي تضمن لنا تنفيذ خطتنا الأساسية؟ ونجاحها دون الحاجة للاحتفاظ بضمان الخطة البديلة؟

مُعظمنا يُفضل وجود الخطة (ب) لتقليل نسبة المخاطر وطمأنة أصحاب المشروع؛ أي أنَّها تُقدَّم كضمان ثانوي، للتأكيد على استمرار تحقيق الأهداف وسير العمل، لكن نعلم أيضا أنَّ الخطط البديلة تكون في العادة من نوعية الخطط التي تمَّ وضعها جانبا؛ لما في طياتها من عمليات لا تتوافق مع إمكانيات أصحاب المشروع: ماليًّا أو ربما إداريًّا؛ أي ذات كُلفة عالية أو هيكلة غير متوازنة أو زمن أطول من الخطة المعتمدة بالأساس؛ فطبيعة أصحاب المشاريع والأطراف المستفيدة اللجوء إلى الخطة الأقل تكلفة لبدء أية أعمال ومشاريع تجارية، والمتعارف عليه أيضَّا أنه وعند الإخفاق بعد الشروع بالعمل، يلجأ التنفيذيون إلى طرح أهمية استخدام خطة بديلة (وضع المستثمر في الأمر الواقع)، وإلا سوف يتم الإعلان عن فشل المشروع، وهذا ضياع لرأس المال ولا يقبله أي مستثمر؛ ممَّا يبدأ معه وكلاء المشروع باتخاذ إجراءات صارمة، وإيجاد طرق بديلة تضمن استمرار العمل؛ مثل: سحب الثقة من المُنفذين، فيتم تبديل العناصر القيادية والتنفيذية للمشروع، وقد يتم الإقدام على عمل نراه يتكرر كثيرا في المشاريع الكبيرة، وهو تقسيم المشروع إلى مشاريع جزئية، أو التنفيذ على مراحل زمنية تؤدي لإعادة جدولة المشروع، وربما ضخ المزيد إلى رأس المال، أو غيرها من الإجراءات التي يحاول بها أصحاب المشروع ضمان استمرار العمل والإبقاء على سير عمل المشروع.

ولنفترض أنَّ المشروع عبارة عن تقسيم مُؤسَّسة إلى قطع تسمح لنا ببيع جزئي دون الإخلال بنظام ما نرغب بالإبقاء عليه، مع الوضع في الاعتبار أنَّ المستثمر لن يقبل بما سنقدمه له من بيانات وخطط، لجذبه كمستثمر يضع ماله ويعقد آمالا بعوائد مُربحة، بل سوف يقوم بدراسة وبحث عن الاستثمار المطروح ليعلم عن الماضي ويستقرئ المستقبل مع المقارنات لحال وسلوك سوق العمل. إذن، ما هي الاحتمالات التي نستطيع التفاوض عليها لنيل ثقة ومال المستثمر؟

التجارة هي ذاتها منذ قدم التاريخ، ولم تتغير مبادئها الأساسية إلى يومنا هذا، رغم التقدم التكنولوجي والإداري، وتصنيفات المعايير وغيرها من العُقد التجارية والاستثمارية، إلا أنَّ الأساس واحد (أَضِع بعض المال ليزيد، والأفضل ليتضخَّم)، ومسألة الربح وقبول الخسارة يقبلها أصحاب روح المغامرة والعزيمة القتالية، وهم قلة.

إذن؛ علينا أولا دراسة الهدفة (مال المستثمر، الكم والكيف)، ثم نحدِّد الجزء الأكثر جذبا للمستثمر لتسليط الضوء عليه في المفاوضات، وبعدها نقوم بتقسيم تلك المؤسسة إلى مجموعة فروع أو وحداث ذات قيادة سيادية أي فروع مستقلة. ومن أجل معادلة الأمر، لابد للفرع المُستهدف أن يحمل على عاتقه بعض الحزم السلبية بنسبة تقريبية 70/30، ثم نقوم بالعمل على قياس أداء ذلك الفرع بشكل مستقل، من تكلفة الإنتاج ورأس المال البشري والعائد لدورتين ماليتين على الأقل، مع التحقق من السيرة والسمعة الطيبة، لقيد البرهان الذي قد يُغرِي ويجذب المستثمر، مع بيان دقيق وواضح لمصادر الدعم وتصوُّر شامل واستقراء ذكي للمستقبل. ومن الجانب الآخر، وجب بيان الأثر الذي سوف يحدث للمؤسسة الأم، عند حدوث التقسيم واستقلال ذلك الفرع على نظام ودخل وإدارة المؤسسة الأم ككل؛ كلنا نعلم أن الزمن هو الرهان الأساسي لضمان أي عائد متوقع، ومثل هذه المشروعات الكبيرة هي ذات بُعد زمني طويل أي استثمار للمستقبل، وأيُّ تسرع قد يُفقد أصحابه ثقة المستثمرين وأيضا القدرة على النمو؛ يجب أن يشعر المستثمر أنه قادر على أن يدعم استثماره الجديد، ويضخ فيه نظامه الخاص، وهذا يقودنا إلى أهمية توفير وإقامة نظام مرن يسمح بذلك للمستثمر، دون الإضرار بأصحاب المشروع؛ فأحيانا كثيرة المالك/صاحب المشروع في الأساس لا يحتاج إلى مال المستثمر فقط، بل أيضا إلى خبرته ليزيد من نسبة أرباحه هو أيضا ويضاعفها.

قد نتَّفق على أنَّ أول خطأ فادح أن تضع على رأس تجارتك من يتوكَّأ على الراتب، ولا يملك روح التجارة وفكر المغامرة في مضاعفة المال، والسعي نحو تحقيق المكاسب العالية والثابتة، بل ينتظر تلقِّي التوجيهات والأوامر دون اكتراث. إذن، وجود شريك إستراتيجي يمتلك سهمًا في المشروع أو المؤسسة كقائد هو أمر جديد علينا، لكننا نحتاج إلى مثل هذا النظام لنعزز من قوتنا الإدارية وتمكين القادة.

---------

سمو..،

التجارة ليست للضعفاء، وإدارة المال دائرة مفرغة، والقوة الحقيقية هي الحكمة والقدرة على صناعة الأرباح والمكاسب من أجل الإنسان ورخائه.