فلنجرب الخروج إليها

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

 

ذكرت في مقال سابق أن الإجازة هذه المرة في هذا الصيف من الأهمية بمكان توظيفها لتكون لله تعالى، حتى نصلح ما بيننا وبين الخالق -جل جلاله- ولطالما كان الوقت والفراغ والمال موجودين، ولهذا علينا أن ننتهز الفرصة قبل فوات الأوان، ونخرج إلى بيئات الدين والإيمان؛ لتصحيح المسار، ولتكون أعمالنا المستقبلية خالصة ومرضية لله تعالى.

وقد يسأل سائل: كيف هو خروجنا إلى بيئات الدين والإيمان، يجعلنا قريبين منه تعالى، فأقول إن المولى -عز وجل- قال: "فاركعوا مع الراكعين"؛ فالصلاة في جماعة وفي وقتها سبب في دخولنا الجنة، ونيل رحمة الله تعالى واستحقاق رضاه، وتكون لنا نورا في حياتنا الدنيا ويوم القيامة بإذنه تعالى، وهذا الكلام من منا مستغن عنه؟! قطعا لا أحد.

كذلك المحافظة على الصلاة فيها تكفير للسيئات ومحو للخطايا والذنوب، وتطهير النفس من الآثام، فكل خطواتنا إلى الصلاة؛ الأولى تحط خطيئة، والثانية نرتفع بها عند الله تعالى درجة؛ فالله تعالى يغفر ذنوب عبده بين كل صلاة والتي تليها. ناهيك عن أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، ومن لم تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فلا صلاة له، فإقامتها سبيل إلى الهداية والصلاح والاستقامة. وهي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، ويقول رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ؛ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ".

هذا عن الصلاة.. فكيف نحن مع القرآن الكريم والأمور الأخرى إذن؟!

بالنظر إلى كل ما تقدم ذكره، سنجد هنالك تقصيرا كبيرا، وخللا واقعا لا محالة، ومع هذا التقصير، صار هناك إعراض عن ذكر الله، جعل حياتنا بها ضنك ومشقة وضيق وحزن وكدر ومشاكل وفشل وتعثر وأمراض وأوجاع وأحزان، ومجاهرة بالذنوب والمعاصي، وترك للطاعات واقتراف للسيئات؛ أنزل بالعقوبات والذل والهوان والأوبئة وغيرها؛ فكان أن "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ". فبسبب الابتعاد عن الله تعالى أتت في مجتمعات المسلمين المشاكل والأحوال السيئة.

أخي الكريم.. لكي تستقيم حياتنا وحياة زوجاتنا وبناتنا وأولادنا، فلا بُد من وجود بيئات إيمانية مستمرة، نتردد عليها ونتمسك بها، من شأنها أن تعيننا على جبر التقصير الذي عندنا.

وتلك البيئات لو جلس فيها الإنسان المفتقر إلى الله تعالى، وأقول هنا المفتقر وليس المكتفي، لتمنى أن لا يرجع عنها أبدًا، فهذه البيئات بيئات صلاح وتقوى ورجاء وخوف، يزداد فيها الإيمان، وتكثر فيها الأعمال الصالحة، وإذا أحب الله عبدًا، وفّقه ونقله من طاعة إلى طاعة، وإذا أراد الإنسان أن يعرف مكانه مع خالقه، فلينظر أين وحيث أقامهُ؛ أي ينظر فيما أشغله الله -عزوجل- فيه وبه.

إن بيئات الدين والإيمان، ساهمت كثيرا في دخول الكثيرين للإسلام، وعودة مثلهم إلى جادة الصواب؛ فلها فضل كبير في نزول الرحمات ورفع البلاء، وصلاح الأحوال والبيوت والنفوس؛ ففيها لا تسمع كلام الدنيا، وإنما هي مجالس معمورة بقال الله تعالى، وقال رسوله الكريم، ولها مكاسب وفوائد عديدة نحتاجها دائما، فجرب أخي في الله الخروج إليها وفيها، وسترى بنفسك التغيير، تلك البيئات فيها يحافظ الإنسان على صلوات الجماعة دون أن تفوته تكبيرة الإحرام. وبعد صلاة الفجر، ستستمع إلى كلام الله -جل جلاله- وكلام سيد المرسلين اللذين يرفعان همتك، ويزيدان من منسوب الإيمان لديك. وبعد مضي يوم واحد أو يومين فيها -مع المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة، وقيام الليل وصلاة الحاجة وصلاة الضحى وصلوات النوافل والطاعات، وغيرها من العبادات والطاعات- ستكتشف الجديد والتغيير.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة