مدرين المكتومية
اللجنة العمانية لحقوق الإنسان بذلت- وما زالت تبذل- الكثير من الجهود للارتقاء وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع لاسيما بين الفئات المختلفة المعنية بتطبيق مبادئ وأسس حقوق الإنسان، وقد تجلى ذلك في الندوة التثقيفية التي نظمتها اللجنة على مدار اليومين الماضيين، وتناولت الكثير من القضايا والنقاشات المرتبطة بهذا الملف الحساس. وفي الحقيقة أن حقوق الإنسان في سلطنة عمان تحظى باهتمام كبير في ظل مسيرة النهضة في مرحلتها السابقة أو في مرحلتها المتجددة الحالية.
وقد تجلى ذلك في الكثير من الإجراءات والمواقف التي أكدت أن اهتمام سلطنة عُمان على ملف حقوق الإنسان اهتمام نابع من إيمان عميق بأهمية هذا الأمر وضرروته انطلاقا من المبادئ والأسس العمانية الراسخة والقيم الدينية القويمة التي يتحلى بها المجتمع العماني؛ فكرامة الإنسان هي أسمى وأغلى ما يملك. وكرامة الإنسان من كرامة الأرض التي يعيش عليها؛ فإذا كان هناك وطن يصون ويحفظ كرامة مواطنيه وكل من يعيش على أرضه؛ فهذا وطن يستحق العلا، وووطن مكانته سابقة بين الأمم والشعوب. ونحمد الله أننا -في عمان- لم يتعرض إنسان لأي نوع من أنواع الإهانة أو الإيذاء، وحتى إن حدث ذلك، كان القانون له بالمرصاد، ونال حقه، وحصل على حقوقه كاملة غير منقوصة.
وأودُ أن أشير هنا إلى الجهود التي يبذلها المكرم الشيخ عبدالله بن شوين الحوسني في قيادته للجنة العمانية لحقوق الإنسان، ولا أدلّ على عظم هذه الجهود ونزاهتها وكفاءتها إلا التجديد السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- للمكرم الشيخ لرئاسة اللجنة وأعضاء اللجنة الكرام؛ فهذه الثقة السامية التي تجددت قبل فترة قريبة، تؤكد حجم الجهد المبذول في هذا المضمار. والندوة التي نحن بصدد الحديث عنها لم تكن الأولى -ولن تكون الأخيرة- التي تتطرق لشأن حقوق الإنسان في سلطنة عمان، التي نشير فيها إلى جزء أصيل وبالغ الأهمية في هذه الندوة وهو حضور سعادة مريم العطية رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر، ورئيسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في السلطنة من المؤسسات ذات العلاقة، مثل: شرطة عمان السلطانية، والادعاء العام، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة العدل والشؤون القانونية، ومن مؤسسات المجتمع المدني والمعنين بهذا الملف. ولا شك أن حضور هذه الشخصيات والمؤسسات يعكس المكانة التي تتحلى بها سلطنة عُمان في حماية وصون كرامة وحقوق الإنسان. وورقة العمل التي شاركت بها سعادة مريم العطية برهنت على مدى توافق سياسة حقوق الإنسان في السلطنة مع السياسات والمبادئ الإقليمية والدولية في هذا المجال؛ فقد استعرضت مبادئ وأسس حقوق الإنسان في المنطقة العربية؛ باعتبارها رئيسة الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وإنها تبذل الجهود الحثيثة بالتعاون مع جامعة الدول العربية والمُنظمات المعنية من أجل إعلاء كلمة حقوق الإنسان، ومنح كل إنسان ما يستحق من رعاية واهتمام في ضوء المبادئ والقوانين المنظمة لحقوق الإنسان.
علينا أن نستوعب أن حقوق الإنسان لا تعني فقط الحقوق السياسية والاقتصادية، هي مكفولة بنص النظام الأساسي للدولة والقوانين والتشريعات المنظمة لهذه الحقوق، ولكن هناك أيضا من حقوق الإنسان، الحق في لقمة العيش والحق في الحياة الكريمة. وهذه -ولله الفضل والمنة- متحققة في سلطنتنا الحبيبة؛ لأن حكومتنا الرشيدة تولي الإنسان العماني أهمية كبرى من أجل توفير كل سبل الدعم والرعاية له، وما أدل على ذلك من القروض الإسكانية والمساعدات المقدمة لأصحاب الدخل المحدود، وأسر الضمان الاجتماعي، وأيضا المعاشات الشهرية للأرامل والمطلقات، والمعاشات المخصصة لأسر الضمان الاجتماعي، والتي تقدر بملايين الريالات ويستفيد منها المئات من الأسر والأفراد من الذين هم في أمسّ الحاجة، وهذا يؤكد أن الدولة العمانية بمؤسساتها وتكاملية عملها تقف وراء كل إنسان يستحق المساعدة والدعم، بل إن خير هذه الدولة يذهب إلى الكثيرين خارج حدود الوطن من منطلق المسؤولية الدولية لسلطنة عُمان كونها دولة فاعلة ومؤثرة في إقليمها وفي محيطها العربي والخليجي وفي العالم أجمع.
في الختام، إننا نؤكد أن حقوق الإنسان في سلطنة عمان تحظى برعاية سامية واهتمام حكومي كبير. وأن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان هي الجهة المعنية بتطبيق هذه الرعاية وتنفيذ الأسس والمبادئ الراعية لحقوق الإنسان، وهذا منبع اعتزاز نضعه فوق رؤوسنا، ونفخر به دائمًا بين الشعوب والأمم، وأمام مختلف المنظمات الإقليمية والدولية.