سالم كشوب
من أشد التصرفات والمُمارسات خطورة، سلوك من يبيعون الوهم والوعود الكاذبة البراقة للغير بمتعة وتلذذ غريب دون أي خوف من ردة الفعل أو النتائج السلبية المترتبة على هذا السلوك الذي لا يؤثر فقط على الكيان الذي يعملون فيه ويمثلونه، وإنما كذلك على فئات عديدة من المجتمع الذي مع الوقت واستمرار هذا السلوك المشين يفقدون الثقة والمصداقية بمؤسسات وكيانات نتيجة تصرفات عينة تجد في تلك الأوهام المباعة مبررًا وحلًا للهروب من تحمل المسؤولية أو عدم قدرتها على الاعتراف بالفشل، فيستمرون في تكرار تلك الأسطوانة القديمة الجديدة بتصريحات ووعود مع مرور الوقت يتضح أنها فقط للاستهلاك دون تطبيق عملي على أرض الواقع متناسين أن لعبتهم أصبحت مكشوفة وهم يتعاملون مع مجتمع مثقف وواعٍ لا تنطلي عليه مثل هذه التصرفات التي للأسف تحتاج لمدة من الزمن لإعادة الثقة مع الفئات المستهدفة.
ومن أشد التصرفات التي تبعث على الاشمئزاز تكرار تصريحات البعض بأن لديهم خططا وأفكارا ستحدث تغيُّرا غير عادي دون وجود خطة زمنية محددة أو لغة أرقام توضح الفارق الذي صنعوه قبل وبعد تلك التصريحات، والأشد من هذا وذاك عدم رغبتهم وتهربهم من الاعتراف بوجود فشل أو عدم قدرة على تنفيذ ما صرحوا به من قبل واستمرارهم في وهم أنهم يعيشون في برج عالٍ ممنوع تمامًا لومهم على أي إخفاق أو وعد قطعوه ولم يتم تنفيذه، واعتبار ما يتم تداوله من إخفاقات للجهات التي يمثلونها اتهامًا شخصيًا، وليس قضية عامة من المفترض فيها أن يسعوا إلى الاستماع الى الرأي الآخر وتوضيح بعض النقاط التي قد تكون غير مفهومة أو صحيحة وليس فقط المكابرة على عدم الاعتراف بالفشل أو إيصال رسالة بأن الرأي الآخر مهم، وهناك رغبة في تفعيل شراكة حقيقية مع الفئات المستهدفة مبنية على التفاعل والشفافية وفتح قنوات من الحوار الإيجابي الهادف للمصلحة العامة وليس اعتبار أي نقد إيجابي سلوكا واستهدافا شخصيا لابُد من معاقبة من يقوم به؛ سواء وظيفيًا إذا كان في نفس الجهة بحرمانه من أشياء كثيرة، بحجج واهية أو مماطلة وتأخير، وأحيانًا عدم تنفيذ بعض اختصاصات وأدوار الجهة والمؤسسة التي يمثلها كعقوبة غير مباشرة لمن فهم لعبتهم في بيع الوهم من البيئة الخارجية؛ نتيجة تكرار تلك التصرفات وعدم قبولهم بطريقة النفاق كمحاولة لكسب رضاهم وعطفهم، وكأنهم يطلبون منهم طلبًا شخصيًا واستعطافًا وليس واجبًا من المفترض أن يقدم بكل سهولة ويسر.
أخيرًا.. للأسف نتيجة الاستمرار في مسلسل بيع الوهم للآخرين نفقد جهود كفاءات وأفكار وابتكارات وحماس شباب يطمح بالتغيير الإيجابي للأفضل، نتيجة لهذا السلوك الشخصي لفئة قليلة لا تمثل إلّا نفسها في المقام الأول، لكنها للأسف تعكس صورة غير واقعية وغير حقيقية عن بعض الجهات، وللأسف أحيانًا بعض المسؤولين من باب دفاعهم المستميت عن موظفيهم لا يتقبلون أي نقد أو ملاحظات، ويعتبرون ذلك اتهامًا سلبيًا دون محاولة التأكد من مصداقيته، وأحيانًا يغلقون تمامًا باب التفاعل مع الآخرين، لا سيما في مواقع التواصل الاجتماعي، باعتباره صداعًا مُزمنًا يتطلب إغلاق الباب أمامه، وليس وسيلة من الممكن الاستفادة منها، للتفاعل مع الآخرين، واعتبار هذا التطور التكنولوجي جسرًا يسهم في تفعيل العلاقة الإيجابية مع الفئات المستهدفة، ورسم صورة ذهنية إيجابية تكسب ثقتهم وتشعرهم بالولاء والتفاعل مع تلك الجهات.
"الثقة كالإنسان.. سنوات لتكبر وثوانٍ لتموت" مالكوم إكس.