سطرٌ آخر في تيمينة عُمان الخالدة

 

 

إسماعيل بن شهاب البلوشي

 

تحدثتُ كثيرًا في العديد من المواقف والمشاهد، عن تميز وطننا الحبيب عُمان في جوانب عدة، والتي قد تُعرف مُباشرةً من خلال مهندسي قراراتها بأنها عمانيةً خالصة، وأنها تعني عُماننا، ذلك العنوان الذي لا يليق إلا بهذا الوطن الشامخ، والذي لا يتبنّى إلا أفكارًا وطنيةً خالصةً توارثها جيلٌ بعد جيل، منذ أن كانت عُمان اسمًا عظيمًا يمخر عباب الزمن.

المعطيات في الحياة الحديثة والتي نستمع إلى تطويرها بين الفينة والأخرى، تمثل صبغة في الأوطان وكل العالم، وقد نأخذ من ذلك شيئًا، غير أن التيمُّن بالإيجابية في مسايرة لحمة الوطن تجلّت في كثيرٍ من المواقف والتي قد ينظر إليها البعض على أنها وليدة اللحظة، وأنها قرارٌ ارتجالي، غير أنك وعندما تتعمق وتقرأ مبدأ السماحة والمحبة والرفقة بأهلها وكذلك الحكمة الخالدة أن "الرحمة فوق القانون" تجد أن الجبال الصماء وجبال الجليد تتصدع وتذوبُ لتكوّن تلك الأسطورة التي نقشت على جدار التاريخ اسمًا لن يتغير أبدًا.

وتماسُك أهل عُمان والبُعد عن الفرقة ونسيان الماضي وفتح الصفحات الجديدة والمتجددة، كل ذلك يعكس مدى النسيج الاجتماعي المُحكم لعُمان العظيمة، بصفاتها الراسخة والباقية مع تقلبات وأحداث الزمن، وعندما نقف اليوم على مشهد إعادة رفات الشيخ طالب بن علي الهنائي- طيب الله ثراه- قادمة من جمهورية مصر العربية؛ كي يرقد في سلام في وطنه عمان، فهي عودة إلى الأرض الذي وُلد وعاش فيها طفولته، تلك الأرض التي شرب من أفلاجها وأكل من نخيلها وقمحها، والتي عاش بين أهلها. تعود الرفاة كي لا تشعر روحه الطاهرة أنه غريبًا إلى الأبد، أتى لتهنأ روحه في وطنه؛ ليرقد بين آبائه وأجداده.

إنني وأمام هذا المشهد العظيم، أقف مُفكرًا ومُفتخرًا وشاكرًا رافعًا كفي للخالق جلت قدرته شكرًا لا يسايره شكر على توجهات وسياسة وطني الإنسانية الراقية، التي تؤكد التقدير اللامحدود لقيمة الإنسان العماني، تقدير لم ولن ينسى أبناؤه أينما كانوا حتى بعد مماتهم. هذا مشهد قلما نرى أو نسمع عنه عبر التاريخ، من حيث إعلاء قيمة التسامح، فهذا الشيخ الفاضل الجليل الذي ينتمي إلى قبيلة "بني هناة" العمانية الأصيلة، والتي هي نسيج خالص من نسيج عمان المترابط، يستحق وهو وأفراد عائلته، هذا التكريم من وطنه، ومن لدن سلطانهم المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المفدى- حفظه الله-.

إن هذا التقارب بين القيادة والوطن والأسرة العمانية، مشهدٌ يعيد كتابة التاريخ ويجدد العطاء والمعاني والصفات العمانية التي استحق صانعوها أن يكونوا واجهة التاريخ.

لقد قرأتُ يومًا عن حضاراتٍ وممالك عظيمةٍ قامت بنفس هذه المواقف، هذه الممالك هي الوحيدة الصامدة والشامخة إلى اليوم، ويُشارُ إليها بالبنان، تخطو بكل ثقةٍ وثبات ومثلها وفي ندها وعبر الأزمان.. فهذه هي عُمان وصورتها الحقيقية العظيمة الشامخة بأهلها وسلاطينها الكرام. نعم.. هي تلك اللحمة التي يتجرد منها أي لقب وأي اسم، ويبقى الرمز الأكبر عُمان؛ الأم الحنون التي احتوتنا جميعًا، والتي لم تنسانا في أي لحظةٍ من لحظات الزمن.

وسيبقى العُماني غاليًا حتى عندما تكون هناك أحداث على مستوى العالم، تُرسَل الطائرات وتُرسَل السفن؛ لكي يعود أهل عُمان إلى أرضهم، وتحتضنهم أرضهم الغالية، ليعيشوا مُعززين مكرَّمين..

مرةً أخرى شكرًا مولاي المعظم، وتحية تجمع الشكر والفخر بكم على هذه اللفتة الكريمة التي يُسجلها لكم التاريخ بحروفٍ من ذهب، وتضاف إلى تاريخ عُمان العظيم، وأنتم جلالتكم- أعزكم الله- واجهةً من واجهاته الشماء العظيمة، وستبقى عزيزًا غاليًا في قلوبنا جميعًا إلى الأبد.