د. محمد عدنان حموري
مدير تطوير الأعمال- الجامعة العربية المفتوحة
ثقافة المُنظمة مصطلح بدأ الاهتمام به مطلع الثمانينات، وشدد على أهميته الكثير من الباحثين والمديرين التنفيذيين ومتخصصي الموارد البشرية لما ينعكس إيجابيا على أداء المنظمات والشركات، وتعتبر الثقافة في المنظمة بشكل مختصر شخصية المنظمة وما تتميز به من صفات وقيم ومعتقدات من وجهة نظر العملاء والموظفين والذي يحدد مكانتها وتطلعاتها المستقبلية، وزاد الاهتمام بثقافة المنظمة بشكل خاص بين الشركات التقنية والتكنولوجية وكانت الشركة الرائدة في تطور هذا العلم شركة جوجل أو بمسماها الجديد "الفابت".
إنك إذا زرت أحد فروع الشركة ستجد أن الثقافة السائدة هي ثقافة الاحترام المتبادل بين الموظفين، وقامت الشركة بالتركيز على التوظيف من جميع الجنسيات واللغات حول العالم بدون استثناء، وحرصت الشركة على توفير بيئة عمل مريحة للموظفين، حيث توفر الشركة الأطعمة والمشروبات بشكل مجاني، وصالات رياضية يمكن للموظفين استخدامها حتى أثناء أوقات العمل الرسمي، ويمكن أخذ غفوة أثناء العمل إذا كنت تشعر بالنعاس، كما يمكنك إحضار حيوانك الأليف إلى العمل.
وقادت الشركة هذا التحول في ثقافة الشركات إلى أن أصبح دستورا بين المنظمات، وقامت الشركات بمختلف نشاطاتها وقطاعاتها بتبني ثقافات مختلفة وشددت على الموظفين بتبني تلك الثقافات بصرف النظر هل تتناسب مع آرائهم الشخصية أم لا؟ ولكن على الرغم من أن الموضوع يبدو إيجابيا إلا أن هناك مشكلة واجهتها بعض المنظمات عند فرض الثقافة على الموظفين بأن بعض الموظفين لا يتفقون مع ثقافة الشركات التي يعملون بها مما يُولد مقاومة غير مباشرة من هؤلاء الموظفين مما ينتج عنه مشاكل بالتعامل معهم، لذا سأقوم باستعراض أحد الأمثلة لحل هذه المشكلة من بعض الشركات.
شركة "زابوس"، وهي إحدى الشركات التابعة لعملاق البيع بالتجزئة على الإنترنت شركة "أمازون"، وهي شركة لبيع الألبسة والأحذية أونلاين، وتجاوزت مبيعاتها السنوية في عام 2020 حاجز 2.6 مليار دولارا، يعمل لديها 1500 موظف، وضعت الشركة ثقافة تنظيمية جديدة للعمل وكان هناك مؤيد ومعارض لتلك الثقافة -وخصوصا الموظفين- الذين تم تعيينهم حديثا، حيث تعتبر الثقافة الجديدة مختلفة في المضمون عن الشركات الأخرى ويصعب فهمها نوعا ما من قبل الموظفين الجدد، (إذا أردت الاطلاع على ثقافة الشركة وكيف تعمل، ادخل على الإنترنت وابحث عن مصطلح الهولوكراسي)، لذا قامت الشركة بوضع قاعدة جديدة "سميت قاعدة 4000 دولار لترك العمل"، تقوم الشركة قبل تعيين الموظفين بوضعهم ببرنامج تدريبي لمدة ثلاثة أشهر، يحصل خلالها المتدرب على راتبه الكامل، وعند انتهاء فترة التدريب واتخاذ القرار بتعيين الموظف رسمياً تقوم الشركة بدفع مبلغ 4000 دولار للموظف المتدرب لترك العمل في حال كان غير متأكد هو من إمكانية قدرته على العمل بالثقافة التنظيمية للشركة.
للوهلة الأولى تجد أن القاعدة مضحكة نوعاً ما، ومن السذاجة خسارة الأموال بهذه السهولة، وعند سؤال المدير التنفيذي في مقابلة مع محطة CBS الأمريكية عن الأمر، قال: "الأفضل أن نخسر 4000 دولار لأن الموظف إذا لم يقتنع بثقافتنا التنظيمية، على الأغلب سيكبدنا خسائر أكثر بكثير".
هل يوجد لديك ثقافة تنظيمية في منظمتك، إذا كان الجواب لا، قم بخلق واحدة بأسرع وقت ممكن، لما سينعكس على زيادة الأداء من الموظفين بشكل مباشر، وهنا لا أنصح أن تسمح للموظفين بإحضار الحيوانات الأليفة للعمل، ولكن موضوع توفير الطعام أو أمور بسيطة تقدمها، سيحدث فرقاً غير متوقع في زيادة الإنتاجية على الرغم من أنك -على الأغلب- ستعتبره كلفة زائدة، جرب وسترى.