استغاثات لفتحها على مدار الساعة وتوفير الكوادر اللازمة

إغلاق المراكز الصحية مبكرا يضاعف معاناة المرضى.. و"الصحة" تعلل بنقص الموارد البشرية

الرؤية- ريم الحامدية

تُغلق المراكز الصحية أبوابها في تمام الساعة الثانية ظهرا مع انتهاء الدوام الرسمي، لتبدأ بعد ذلك معاناة المواطنين والحالات المرضية الحرجة الذين لا يجدون نجدة طبية سريعة قد تنقذ أرواحهم أو حلولا مناسبة لا تجعلهم مضطرين لقطع مسافات طويلة للذهاب للمستشفيات المرجعية قد يكون -بعد المسافة- سببًا في وفاة مريض.

وردًا على استفسارات من جريدة الرؤية، تكشف وزارة الصحة ممثلة في المديرية العامة للرعاية الصحية الأولية، أن سبب إغلاق المراكز الصحية بعد الدوام الرسمي هو نقص الموارد البشرية للعمل في المراكز الصحية والناتج عن التقاعد والاستقالات وتراجع معدلات التوظيف للكوادر الطبية والطبية المساعدة وشح المتوفر عالميا من هذه الفئات.

وتؤكد الوزارة أن قطاع الرعاية الصحية يقدم خدمات عن طريق البرامج الصحية الموجهة للمجتمع بناء على المؤشرات المرتبطة بالأمراض الشائعة كمرض السكري والضغط والربو وغيرها من الأمراض، كما يقدم خدمات التحصين للأطفال والرعاية للأم الحامل والطفل وغيرها من الفئات، علاوة على تقديم الخدمات الصحية العامة للجميع، ومن المتعارف عليه عالميا أن هذا القطاع لا يقدم خدمات تشخيصية أو علاجية للحالات الطارئة.

وتوضح الوزارة أن المراكز الصحية الواقعة في مناطق ذات طابع جغرافي وعر أو البعيدة عن أقسام الحوادث والطوارئ في المستشفيات المرجعية، تعمل طوال اليوم لتقديم البرامج الصحية واستقبال الحالات الطارئة ونقلها إلى أقرب مستشفى، كما هو الحال في مؤسسات محافظة الوسطى ومسندم وأغلب المراكز الصحية في محافظة ظفار، وعن بقية محافظات السلطنة أكدت الوزارة أنه ولضمان استمرارية تقديم الخدمة فتنتهج الوزارة فتح مراكز صحية محددة في الفترة المسائية لتغطية أغلب التجمعات السكانية التابعة للمراكز المغلقة وذلك لتقديم الخدمات الصحية الأولية العامة والتحصين حصرا وتحويل الحالات الطارئة للمستشفيات المرجعية للتشخيص والعلاج.

تحديات أمام المواطن

في المقابل، يؤكد مواطنون أنهم يواجهون تحديات كبيرة فيما يتعلق بمراجعة المراكز الصحية وحتى المستشفيات المرجعية، ويؤكد سلطان العلوي من محافظة الظاهرة عدم وجود مركز صحي قريب من الولاية التي يعيش فيها يمكن التوجه له بعد الإغلاق لانتهاء فترة الدوام، موضحاً أن المسافة من المركز الصحي في الولاية إلى المركز المرجعي تقدر بحوالي 38 كيلومترا، وأن التأخر في تلقي المريض للعلاج وعدم توفر وسيلة النقل لبعض الأسر المعسرة قد يزيد الحالة سوءًا.

ويضيف أن إغلاق المراكز الصحية أو بعد المراكز الأخرى أو الانتظار الطويل بسبب الزحام قد يتسبب في وفاة حالة مرضية تستدعي التدخل الطبي العاجل، مؤكدا وفاة حالة مرضية قبل ذلك لتأخر تلقيها الرعاية الطبية اللازمة.

ويرى سعود الريامي من محافظة جنوب الباطنة أن إغلاق المراكز الصحية يتسبب في ضغط كبير على المستشفيات المرجعية، ويؤدي هذا الضغط أحيانا إلى تدهور الحالات المرضية بسبب بعد المسافة أو المخاطرة أثناء النقل والإسعاف.

ويوضح أن المواطنين في محافظة جنوب الباطنة يضطرون للذهاب إلى مستشفى وادي بني خروص أو مستشفى الرستاق بسبب إغلاق المراكز الصحية، لافتا إلى أن كلا المستشفيين يبعدان بمسافة تقدر ما بين 30 و 40 كيلومترا، بالإضافة إلى العبور في بطن الوادي مما تزداد المعاناة في موسم الأمطار ونزول الأودية وقد تنقطع سبل الوصول للمستشفى.

ويطالب الريامي وزارة الصحة بإعادة فتح المراكز الصحية بدوام كلي وعلى مدار الساعة نظرا للكثافة السكانية وحاجة المجتمع لتلقي الخدمات الطبية القريبة من مساكنهم.

تكاليف مادية ومقترحات للحل

أما سالم الخنبشي من محافظة مسقط فيؤكد أن المسافة المقدرة بين المركز الصحي القريب من محل سكنه والمستشفى المرجعي تقدر بحوالي 30 كيلومترا، وأنه بسبب إغلاق المراكز لا يوجد أي خيار للمريض إلا الذهاب إلى المستشفيات الخاصة مما يلزمك بدفع مبالغ مادية كبيرة، مضيفا أن بعض الحالات التي تتطلب علاجا سريعا قد لا يسعفها الوقت للوصول إلى المستشفيات وتتوفى بسبب تدهور الحالة.

وتستشهد رحمة الحوسنية من محافظة شمال الباطنة ببعض الحالات التي تحتاج إلى تلقي رعاية صحية عاجلة مثل "الكسور والصعق الكهربائي والحروق والغرق والحالات المزمنة كالربو ومرضى السكري وغيرها"، موضحة أن مثل هذه الحالات تحتاج إلى تدخل طبي سريع وأن محاولة نقلها إلى مكان بعيد لإنقاذها قد تتسبب في حادث سير نتيجة السرعة الزائدة لإدراك الوقت وحينها تُفقد الكثير من الأرواح.

وتضيف: "حالات الوفاة كثرت بسبب إغلاق  المراكز الصحية كون المرضى المصابين في الحوادث المنزلية يكونون في أمس الحاجة لتلقي العلاج فورا وحين يتطلب الأمر من المسعفين نقل المريض إلى مسافات أبعد فقد يُؤدي ذلك إلى تقليص فرص الحياة".

وتقترح الحوسنية أن تدشن وزارة الصحة تطبيقا تفاعليا جديدا لتحديد مكان الطاقم الطبي على مدار الساعة، حتى يتضح للمسعفين بصفة فورية اتجاه ومكان الطاقم الطبي، والتأكد من تواجدهم في المركز الصحي أو المستشفى المرجعي بسبب اختلاف ساعات عمل المراكز الصحية والمجمعات الصحية في أيام الأسبوع وفي الإجازات الرسمية وفي عطلة نهاية الأسبوع، وذلك اختصارا للوقت والإسراع في إنقاذ المريض.

كما تطالب ببناء مستشفى تخصصي كبير في ولاية الخابورة بالتنسيق مع مكتب سعادة الشيخ والي الخابورة والقطاع الخاص أو القطاع العام ليكون بديلا عن الذهاب إلى مستشفى صحار في الحالات الحرجة جدا.

وفي محافظة شمال الشرقية، يشتكي ناصر الجهضمي من إغلاق المراكز الصحية بعد الساعة الثانية ظهرا، قائلا: "على سبيل المثال من منطقة "محلاح" إلى المركز الصحي في إبراء أكثر من 35 كم وهذه منطقة ريفية يعمل أهلها في الزراعة ويعانون من بعد المسافة بينهم وبين "مرجعي إبراء" خصوصا عند إصابة المزارعين بلسعة أو حساسية وبحاجة إلى زيارة طبيب في أسرع وقت".

ويناشد الجهضمي وزارة الصحة بضرورة فتح المراكز الصحية حتى الساعة التاسعة مساء وتوفير سيارات إسعاف لتجنب الإسعافات الخاطئة التي قد تزيد وضع المريض سوءا.

خدمات لا تناسب الزيادة السكانية

ويحكي أحمد الصبحي من محافظة الداخلية جزءا من معاناة أهالي ولاية الحمراء بسبب التحديات التي يواجهونها بعد إغلاق المراكز الصحية الساعة الثانية ظهرا، حيث يضطرون وأهالي قرى جبل شمس وقريتي المارات وكرب التابعتين لولاية الرستاق ومنطقة السراة التابعة لولاية عبري إلى الذهاب لمستشفى بهلاء الذي يبعد عن مركز الولاية بمسابة 20 كيلومترا، في حين يبعد عن قرى الجبل الشرقي وجبل شمس بحوالي 50 كيلومترا، ويتسبب بعد المسافة في تدهور الحالة الصحية للمرضى أو وفاتها بالإضافة لتدهور حالات الولادة.

ويطالب الصبحي بفتح المركز الصحي على مدار 24 ساعة وتحويله إلى مستشفى نظرا لزيادة عدد السكان الذي يقدر بحوالي 25 ألف نسمة.

تعليق عبر الفيس بوك