بنات فيثاغورس

 

وداد الإسطنبولي

أنت عبقري يا فيثاغورس! ولا أدري هل انتبهت لهذا في زمنك! أم كنت منهكا في نظريتك وإظهار حقيقتها، بالرغم من مدرستك التي تناقش فيها موضوعات فلسفتك، إلا إنك لم تنتبه لما انتبهت له، بعد هذا الفارق الزمني بيننا، لا تخف... والقاعدة لك... أنت من بدأت المشوار، فعكست اكتشافك، على بعض مظاهر سلوكيات الحياة. 

يقولون: "إنَّ لكل منَّا في اسمه نصيب" وبنات فيثاغورس لهن هذا النصيب، ووفق هذا برمجته في الشخصيات الإنسانية، وما تحمله من صفات حميدة ومضادها، فقد شدَّ انتباهي لما نحن عليه من طباع ودواخل ونفسيات، وربما التركيبة الوراثية قد يبنى عليها مسؤولية هذا الأمر.. أم أن جوانب الحياة من منغصات وأضداد، تشكلت الشخصية على حسب مبتغاها.

وعوامل أخرى والتربية والعلاقات الإنسانية والتعامل معها، تفرض علينا صفات قد تكون مفروضة أو ربما مكتسبة، وأعتذر لفيثاغورس أن أضع بناته، عاكس لما أفكر به، ربما حباه الله بهذا الاكتشاف لشيء في نفسه، بعيد كل البعد عن ما يضمر في السطور.

والتركيبة الحسابية للزوايا.. لا أريد أن أقف بها في مفهوم مغلوط، فهو فقط تشبيه، لا أجزم به، ولا أوثقه، ولكن للتباين وتقريب المصطلحات من بعضها بعض في المسميات؛ فحياتنا وضعتنا بين عتمة ونور؛ فقد يتقبلها البعض وقد لا نجد من يتقرب منا، وهناك من يفيض بالحب وتنفرج أساريره.

الزوايا التي قد تعرفنا عليها خلال دراستنا، وعرفنا عمليتها وقياساتها تسير وفق ما نحن عليه من سماحة وتعقيد، وكما لها ربط من النقط والخطوط والمستويات، فقد ربط بفكري معها، ووجدت أيضا بينهما علاقة تجاور وتتم وتكامل علاقاتنا الإنسانية؛ فبعض مسمياتها تجلب لنا الصفات الجميلة، الانفراج والاستقامة، ونسقط في تعرجات معها بالحدة والانعكاس على حياتنا.

الزاوية القائمة عمود قائم ثابت على قياس 90 درجة، واقف على الأوامر والنوايا الفيثاغورية، ولكن... هل نحن عمود ثابت على نفس القياس والمستوى، أم نبتلى مرة، ونخذل مرتين، ونتحدب مرات، فتنعكس الأمور علينا وهذه طبيعة البشر؟!

أدركت بالزوايا أهمية الرياضيات، وببساطة أعطت أبعادا عميقة أخرى في حياتنا، رسومات أعطت رمزية واستدلالا عميقا.

بنات فيثاغورس قيم رقمية عكست على قيم إنسانية، فهل كان فيثاغورس على بينة من تقاطع بنات نظرياته مع طبائع البشر؟!