أنت كفو!

 

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

من البرامج الرائعة التي حرصت على متابعتها خلال هذا الشهر الفضيل البرنامج التلفزيوني البحريني "أنت كفو". ورغم أنّ مدة البرنامج الذي عرض في خمس عشرة حلقة كانت في حدود عشر دقائق للحلقة الواحدة؛ إلا أنّه استطاع أن يجذب أنظار المشاهدين بسبب قيمته الفنية والإنسانية العالية. اعتدنا في رمضان على تسابق القنوات الفضائية في عرض برامجها بشتى أنواعها؛ ولكن رغم كثرتها قليل منها يستحق المشاهدة والمتابعة.

فيما كان برنامج "أنت كفو" من بين أجمل البرامج المعروضة إن لم يكن أفضلها من وجهة نظري. ذلك أنّ هذا البرنامج يحمل في طياته قيماً إنسانية ووطنية رائعة، وقدّم شخصيات استثنائية في مجالات متعددة مثل التعليم، والصحة، وتحدي الذات، والعمل التطوعي الاجتماعي ونحوها. والملفت للنظر أنّ البرنامج جاء بفكرة إبداعية من خارج الصندوق في العرض، وتقديم المحتوى بطريقة جدًا مشوّقة، واختيار الضيوف بعناية؛ بحيث يجسّد كل ضيف نموذجا معينا من الشخصيات التي يفخر بها المجتمع، وتقديمها كقدوة للناشئة من ناحية، وتقدير ومكافأة عطاءها معنويًا من ناحية أخرى. وبالتالي غرس القيم النبيلة وتشجيعها بين أفراد المجتمع. كما أنّ أبطال البرنامج كانوا من فئات كبار السن وصغار السن والرجال والنساء؛ مما يضفي طابع التوازن والتنوع بين قدوات المجتمع.

شخصيًا حرصتُ على متابعة جميع حلقات البرنامج، ومن خلاله تعرّفت عن قرب على الشخصية البحرينية الجميلة المعطاءة بلا حدود. ولا شك أنّ مثل هذه الشخصيات موجودة في كثير من المجتمعات؛ ولكن الفارق يكمن في تسليط الضوء على هكذا شخصيات مؤثرة وغير معروفة بدلًا من الشخصيات التافهة التي تبرز من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تتصدر المشهد الإعلامي على أنَها شخصيات مشهورة ومؤثرة، وبالتالي تكون قدوات عُليا لجيل المراهقين وللأسف الشديد. وهذا يقودنا إلى أهمية ابتكار برامج إعلامية تخاطب الجيل الحالي وفقًا لذائقتهم، وتتماشى مع تطلعاتهم. ودائمًا البرامج الجيدة تفرض نفسها، ومتى ما وجدت البرامج الهادفة المقدّمة بطريقة إبداعية؛ فإنها من دون شك ستجد من يتابعها في كل مكان عوضًا عن البرامج السخيفة التي تغزو الفضائيات وتهدر عليها الأموال الطائلة والتي لا تخلو من بثّ سموم تحقن بها المجتمعات لتحقيق أهداف خبيثة.

ختامًا.. أرفع القبعة لطاقم العمل في هذا البرنامج المهني والاحترافي وأقول لهم "أنتم كفو".