عبدالعزيز الفارسي.. بين ميزان الأدب والطب

 

بدرية المعمرية

 

يُعرف الراحل عبدالعزيز الفارسي الذي غادر دون مقدمات، بأنه الطبيب الذي أحبه كُل مريض، لم يكن يُعالج مريضاً بحمى أو عارض بسيط بل يعالج مرضى الأورام السرطانية، كان قريباً، طبيباً، مشجعاً، منقذاً، متأملاً في كل حالة مريض، إذ إنه في كل مرة يعالج مريضاً له يشعر بحياة أجمل كما كان يسطر في لقاءاته، وبالمقابل كلما لاقى مريضاً حتفه كان ينجو من الحزن الذي يصيبه بكتابة قصة أو رواية.

الراحل في الضفة الأخرى أديباً عاش جُل حياته يصيغ العديد من القصص والروايات تعمق عشقاً في المجتمع، جاب مناطق عمان كلها لكن العشق أبى أن يحل مكان بديل غير شناص. عُرف ابن شناص وعاشقها وكاتبها الذي سطر أجمل القصص والأبطال عنها.

قد قال يوماً بإحدى عباراته والذي كان يحاوره الكاتب الجميل سليمان المعمري قائلاً: "..لا أستطيع اعتبار الشناصي كائناً عادياً يمر مرور الكرام على روحي.. وعندي يقين بأن حياتي ستنتهي وأنا لم أفرغ بعد من سرد كل الحكايات التي أعرفها عنهم وأود كتابتها لكم*"  كانت عباراته حقيقة كترجمة لواقع عشقه الشناصي، واليوم استطيع أن أقتبس ما قاله الراحل النادر:"*سأصارحكم: أحياناً أشعر أن الكتابة عبءٌ".

إننا نعي معنى أن يكون الفقد عظيما للحد الذي يجعلنا نقف أمام دهشة الرحيل السريع، نعي معنى أن يغّيب الموت قلمك ليخبرنا أن الكتابة ليست عبئا فقط بل عجزٌ أمام رحيل الإنسان النادر الذي كانت حياته عبارة عن جزئين طبيب عظيم وأديب شناصي مُخلص.

سيمضي الوقت وسيترك حلمك للوقت على أمل تحقيقه، ستبكي عليك كل القلوب، ستشهد عليك أرجاء الأماكن في العمل والمنزل لإخلاصك، وستبقى كتبك ومكتبتك المنزلية تفخر بك، وستخلد كلماتك التي سطرها لنا سليمان في لقاءاته معك.

تأرجح ميزان جسدك، وتظل روح كلماتك، بشاشة وجهك، إيمانك بالقرى قبل العواصم، ستظل دهشتك فينا عالقة، لست ابن شناص فقط أينما ابن كل أمل لمريض، وحرف في قلب كل كاتب.

كتبت أنت "تبكي الأرض، يضحك زُحل" أما نحن نقول عن رحيلك:

تبكيك كُل الأرض، حتى زُحل

تبكيك كُل الأرض، مصاب جلل

تبكيك أعين المرضى ..فيها منك أمل

تبكيك شناص، أنثى، رجل، وطفل.

نبكيك .. جميعنا

تعليق عبر الفيس بوك