مقاولات البناء والتشييد في السلطنة

 

أنور بن خميس العريمي

alaraimianwar@gmail.com

لا يخفى على الجميع أهمية نشاط مقاولات البناء، والتطور الهائل في هذا القطاع في دول العالم عموماً والسلطنة خصوصاً، ودوره التطويري في بناء المشاريع التنموية التي تساهم في ازدهار البلدان والمجتمعات الحديثة، وبرغم أهميته الكبرى لا يوجد تنظيم وتقنين خاص به في السلطنة مُقارنة بالنشاطات التجارية والمالية والهندسية الأخرى.

وبغض النَّظر عن سهولة امتلاك هذا النشاط، إلا أنه يشتمل على العديد من التخصصات ذات أهمية بالغة في المجال الهندسي، ولابُد من مُكابدة الصعاب والتحديات الدراسية للحصول عليها ومن أهمها :

1. إدارة المشاريع والإنشاءات.

3. إدارة العقود الهندسية.

4. الهندسة المدنية والإنشائية.

7. هندسة الطرق والجسور ....إلخ.

والمفترض في من لديه الرغبة بإنشاء شركة مقاولات سواء بشكل فردي أو جماعي، أن يكون مؤهلاً تأهيلاً حقيقياً لإدارة هذا المجال الواسع المتضمن لتلك التخصصات الفنية المختلفة، إضافة إلى لزوم توفر المهارات والخبرات الكافية في الفن الذي تعمل في إطاره المقاولة، إلى جانب ذلك الإحاطة ولو قليلاً بالأمور المهمة المتعلقة بها من قواعد قانونية عامة وما يترتب على مخالفتها من مسؤوليات مدنية وجزائية، كذلك ينبغي الإلمام الجيد باللوائح التنظيمية والعقود الإنشائية الموحدة المحلية والدولية وطريقة تنفيذها وفقاً لاختلاف أنواعها وشروطها، وذلك كله يأتي من خلال التأهيل الإلزامي الجيِّد.

وكيف يكون التأهيل إلزامياً بدون قانون تنظيمي خاص بهذا النشاط وشروط لامتلاكه!!؟

مؤسف جداً ما نراه في الواقع العملي وأن من هبَّ ودبَّ يمتلكون هذا النشاط بجميع درجاته، الأغلبية منهم أشخاص غير مؤهلين وغير أكفاء لإدارة تلك المجالات الحساسة التي تساهم في التنمية الوطنية، إضافة إلى عدم إلمامهم بأدنى ثقافة قانونية وتعاقدية عامة ضرورية بشأن المسؤوليات التي تقع على عاتقهم بعد إبرام العقد وما يترتب عليه من التزامات وضمانات في كل مرحلة من مراحله إلا من رحم الله.

والشاهد من ذلك أن المحاكم بشتى درجاتها تزدحم بنزاعات هندسية وعقود مقاولات من أسبابها الضعف الواضح في كفاءة المقاولين من حيث كيفية تعاملهم مع المتغيرات الموقعية والحوادث الطارئة والاستثنائية وغيرها من الأمور التي تحدث أثناء عمليات التنفيذ نتيجة عدم التأهيل المناسب لمواجهة تلك الصعوبات المُستمرة.

ومن أهم ما جاء في قانون المُعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29/ 2013) عن الضمان العشري ما ورد في نص الفقرة الأولى من المادة (634) والتي جاء فيها "يضمن المهندس والمقاول متضامنين كل ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبانٍ أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها أو كان صاحب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشأة أقل من عشر سنوات".

نص المادة يُؤكد أنَّ القانون جاء صارماً في إلزام المهندس والمقاول بضمان أي عيب يُشكل تهديداً في متانة أو سلامة المباني والمنشآت التي شيدوها، حتى لو كان التهدم ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها.

إذا كان هذا الضمان بهذه الأهمية القصوى باعتباره من النظام العام لحماية أصحاب المباني والمنشآت من أعمال المهندسين والمقاولين في تحمل المسؤولية بالتضامن كلٍ حسب مجاله، وأنهم متساوون في المدة العشرية للضمان، نتساءل ما هو المانع أن يكون المقاول مؤهلاً تأهيلاً مناسباً أو صاحب شهادة علمية كالمهندس الاستشاري على حد سواء .

وقد أولت الجهات المختصة هذا القطاع اهتمامًا من جانب واحد بإصدار بعض الأحكام لعقد المقاولة ولوائح تنظيمية للبناء من حيث الإجراءات الاعتيادية وأهملت الطرف الأهم في المعادلة ألا وهو المواطن صاحب النشاط فلم تهتم به جل اهتمامها من حيث التدريب والتأهيل المسبق ليصبح ذلك ضمن شروط تملك تلك النشاطات، وبالتالي سوف تتحقق القيمة الإيجابية في الأعمال.

نذكر بعض إيجابيات التأهيل الجيد لصاحب نشاط المقاولات :

1. الدراية العامة بالأمور التعاقديّة والقانونية.

2. تعلم مهارات التعامل والتواصل الجيد مع أصحاب العمل.

3. التخفيف من النزاعات الهندسية .

4. معرفة الحقوق والواجبات والمسؤوليات وفقًا لنوعية العقد .

5. إدراك المسؤولية المدنية والجزائية للمقاول .

6. إدارة الإنشاء بطريقة علمية صحيحة.

7. الالتزام بالمحافظة على البيئة .

8. الالتزام بإجراءات الأمن والسلامة العامة.

9. الجودة المطلوبة في تنفيذ الأعمال… إلخ

والعكس صحيح أن عدم تأهيل تلك الفئة يترتب عليه سلبيات مختلفة تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على التنمية في الدولة عموماً والبناء خصوصاً.

ومن هذا المنطلق نناشد الجهات المعنية ضرورة تولية هذا الموضوع اهتماماً كبيراً من خلال استدامة تطوير الشباب العُماني الطموح الذي يرغب في امتلاك وتفعيل مثل تلك النشاطات وتأهيلهم جيداً قبل الخوض في غمار المقاولات ومشاكلها .

حالياً من ضمن الخطة الحكومية التي تم إقرارها تأهيل الموارد البشرية الوطنية لإكسابهم المهارات والمعارف المتنوعة في شتى المجالات، لكن مع الأسف لا نرى ذلك التدريب فيما يتعلق بهذا المجال الجدير بالتأهيل!!

** خبير هندسة مسح الكمیات ومحكم تجاري

تعليق عبر الفيس بوك