عجائب.. طغيان الإنجليزية ومستقبل لغة الضاد

 

أحمد الرواس

 

إنها لقضيةٌ تثير الاستغراب على الحال الذي وصل إليه شباب العرب، أبناء الفقه والحكمة، بل أبناء الشعراء والأُدباء. إنه حدث يتكرر بشكل يومي في كل مكان تذهب إليه، بل حتى وإن كنت بالمنزل، تراه على قنوات التلفاز، وبرامج التواصل الاجتماعي على الهاتف، ومن كثرة انتشارها بدأت تدخل عقول الأجيال الصاعدة دون التفكير في عواقبها مستقبلاً، وكأنها أمرٌ هين ولا يوجد به أي داعٍ للنقاش عنه، أو حتى التفكير والتدبر حول وصولنا لهذا الحال.

كنت ماراً بجانب محلٍ من المحلات التجارية بأحد المجمعات التجارية الموجودة في البلاد، فلفت انتباهي حديث صديقين لبعضهما البعض باللغة الإنجليزية بشكل أعم، واستخدام بعض المصلحات العربية في الحديث، التفت لأرى من هؤلاء الأجانب الذين يعرفون المصطلحات العربية ويضيفونها إلى نقاشاتهم وكلامهم، ولكن للأسف، رأيت شابين عربيين خليجيين، اعتمدا اللغة الإنجليزية كلغة أساسية لهما ونسيا تاريخ لغتهما الأم وما بها من مصطلحات ومعانٍ تقشعر لها الأبدان، خرجت فاراً من المحل أتعجب في حال هؤلاء الشباب، إلا أنني تفاجأت مرةً أخرى بصديقتين أخريين تمشيان وتتحدثان بالمصطلحات الغربية، وقفت في مكاني وجلست أتفكر في حال العرب، أين الآباء والأمهات!، أيعقل أنهم يرون أن هذا هو التطور!، التخلي عن لغتنا الأم وهي اللغة الأعرق منذ ظهور الإنسان، والالتفات إلى لغة الغرب!.

أخبرت صديقاً لي عن ماحدث، فرد قائلاً: "إن أولادي لا يتحدثون إلا باللغة الإنجليزية في المنزل"، وأضاف قائلاً: "هذا هو التطور، أن تعلم أبنائك لغةً جديدة للتواصل"، حينها شعرت وكأن السماء تملؤها الصواعق والرعود، قلت له: "إن التطور ليس في أن تتخلي عن لغتك الأم وتتمسك بشيء ليس لك ولا لآبائك، أنا لست معارضاً لدراسة اللغات الأخرى، بالعكس تماماً فهذا يدل على رقي الفرد وثقافته، ولكن لا يجعلها لغته الأساسية، يمكنه استخدامها في وقتها اللازم وليس في حياته اليومية".

ألا ترون أن ردي منطقي؟ يجب التثقيف والتعلم ولا أحد يحق له أن يكون ضد التعلم، ولكن فالمقابل لا يجب عليك التخلي عن لغتك الأم، لغة الأنبياء ولغة القرآن، وإن كان لديك الشغف الزائد في تعليم أبنائك لغات أخرى يجب عليك تعليمهم المبادئ والقيم أولاً، ومعرفتهم قيمة لغتهم، التي يحاول الكثير من الشعوب الأخرى غرس فكرة معينة في عقولهم وهي بأن التطور هو التحدث بلغة الغرب.

تعليق عبر الفيس بوك